«مكافحة الإرهاب» تكشف عن مستودع للأسلحة جنوب تونس

100 صاروخ روسي عيار 68 ملم وقرابة 70 صاروخ «آر بي جي»

TT

كشفت فرقة مكافحة الإرهاب في مدينة مدنين (600 كلم جنوب تونس العاصمة) عن مستودع للأسلحة النارية الخفيفة والنصف ثقيلة والمتفجرات من مختلف الأنواع والذخيرة بكميات هائلة لم تشهدها البلاد بعد الثورة. وترك الإعلان عن الكشف عن تلك الأسلحة تساؤلات حول وجهتها والطرف السياسي الذي يقف وراءها وخلفت حالة استنفار أمني قصوى في مدنين والطرقات المؤدية لها وعرفت حسب شهود عيان انتشار وحدات من الجيش الوطني في بعض المواقع الاستراتيجية.

وربط بعض المحللين السياسيين بين العملية والوضع السياسي العام في تونس قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفي ظل التجاذب السياسي الحاد بين الحكومة والمعارضة حول ضرورة تحييد وزارات السيادة لضمان شفافية تلك المحطة الانتخابية، كما تم تداول معلومات عن توجه تلك الأسلحة إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وقدرت معلومات أمنية أولية ما تم حجزه من أسلحة بنحو مائة صاروخ روسي الصنع عيار 68 ملم وقرابة 70 صاروخا حراريا من نوع «آر بي جي» مضاد للدبابات وهي مصنفة ضمن الأسلحة نصف الثقيلة، إلى جانب 75 لغما أرضيا موجهة لتفجير السيارات والشاحنات والدبابات على الطرقات والمسالك، وكمية هامة من القنابل اليدوية والذخيرة الحية مشحونة ومرصفة في صناديق وحقائب. وحسب بعض المصادر الأمنية المختصة قيمة هذه الأسلحة مقدرة بأكثر من مليوني دينار تونسي (نحو مليون و300 ألف دولار أميركي).

وتضمنت قائمة ما تم الكشف عنه من أسلحة ومستلزمات عسكرية مشاعل قنابل يدوية وكمية من مادة «تي إن تي» المتفجرة، ومجموعة من الصواعق الكهربائية والألغام المضادة للدبابات والشماريخ المضيئة. وحجزت فرقة مكافحة الإرهاب بمدنين أكثر من كيلومتر من الفتيل الصاعق الموجه للتفجير إلى جانب 1800 طلقة نارية من عيارين مختلفين ومخازن «كلاشنيكوف» ومناظير وبدلات عسكرية وبطاريات سيارات وأجهزة اتصالات وحشايا معدة للتمارين العسكرية.

ولئن تم إلى حد يوم أمس القبض على ثلاثة متهمين كلهم تونسيون، فإن مصادر أمنية على اطلاع على عملية اقتحام المستودع قالت: إن الأمر لم يتضح بعد ومن الصعب الإدلاء بمعلومات قد تضر بسير العملية الأمنية بأكملها. وذهبت أطراف سياسية إلى اعتبار الأمر على ارتباط وثيق بـ«مخطط إرهابي» هدفه ضرب استقرار تونس وارتكاب أعمال إرهابية تربك النظام العام وتفسد عملية الانتقال الديمقراطي في إطارها السلمي، فيما رجحت أطراف أخرى أن تلك الأسلحة قد تكون على ارتباط بالمواجهات شمال مالي.

وفي هذا الشأن صرح أعلية العلاني (المختص في الجماعات الإسلامية) لـ«الشرق الأوسط» أن الكشف عن مثل تلك الكمية من الأسلحة يؤكد من جديد اعتبار تونس أرض عبور لأسلحة لا غير. وبرر الأمر بعدم الكشف سابقا عن أسلحة بذاك الكم الهائل ويرى أن تاريخ المواجهات مع الجماعات المسلحة في تونس لم يصل طوال العقود الماضية إلى حدود تخزين الصواريخ المتطورة. وأضاف أن حاجة الجماعات المسلحة المتشددة للأسلحة واستغلال حالة الانفلات التي عرفتها ليبيا خلال الفترة الماضية قد تكون وراء تلك الكمية الهائلة من الأسلحة ويرجج هذا التفسير وجود تلك الأسلحة على مقربة من الحدود التونسية الليبية.

وكانت فرقة مكافحة الإرهاب في مدنين قد كشفت عن عبوات ناسفة وقنابل يدوية وألغام لها القدرة على تفجير الدبابات والإطاحة بالبنايات، كما تم حجز صواعق كهربائية وبدلات عسكرية. وتطلب أمر حجز تلك الكميات الهائلة من الأسلحة اللجوء إلى أربع شاحنات كبرى لنقلها والاحتفاظ بها بعيدا عن متناول التيارات المتشددة.

وتمت الاستعانة بتعزيزات كبرى من قوات الأمن الداخلي التي توجهت إلى المستودع وطوقته من مختلف الجهات كما طوقت محيطه عن بعد مسافة معتبرة في إطار الاحتياطات لإنجاح العملية. ولم تلجأ الفرقة الأمنية لاستعمال السلاح ولم تطلق أي رصاصة أثناء عملية المداهمة. وترجح مصادر أمنية تونسية أن تكون شاحنات هربت تلك الأسلحة إلى تونس ضمن دفعات صغيرة عبر المسالك الصحراوية. وتتهم السلطات التونسية المهربين وعصابات التجارة في السلاح والجماعات المتشددة بالوقوف وراء عملية تخزينها في فترة أولى ومن ثم ترويجها.

من ناحية أخرى، خلفت أمس دعوة بعض القيادات الإسلامية إلى الاحتفاظ بعقوبة الإعدام والتنصيص عليها في الدستور الجديد، ردود فعل سلبية من قبل التيارات اليسارية المناهضة لتلك العقوبة. وأثارت دعوة عبد الرؤوف النجار (القيادي في حركة النهضة) خلال مداولات المجلس التأسيسي (البرلمان) إلى التنصيص على مبدأ القصاص، ردود فعل غاضبة قادها الائتلاف التونسي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وكثير المنظمات الحقوقية التونسية والدولية.