لبنان: «سوء تفاهم» كاد يودي بحياة وزير من «8 آذار»

شربل: كرامي لم يكن مستهدفا لكن عندما عرفه مطلقو النار لاحقوه

النيران تلتهم السيارة التي استهدفت لدى مرور موكب الوزير فيصل كرامي في طرابلس أمس (أ.ب)
TT

سوء تفاهم مسلح كاد يودي، أمس، بحياة وزير الرياضة والشباب اللبناني فيصل كرامي، ويزج بمدينة طرابلس (شمال لبنان) في اقتتال دموي، إلا أن الوزير نجا، على الرغم من حصول ما يشبه المعركة الحربية حول موكبه، بينما أحرقت إحدى سيارات الموكب بإلقاء قنبلة عليها، وجُرح 5 من مرافقيه، إضافة إلى 7 آخرين.

ووقع الحادث بينما كان أهالي الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، ومناصريهم من الحركات الإسلامية، يعتصمون في ساحة عبد الحميد كرامي، الموجودة على بعد عدة أمتار فقط من قصر كرامي المعروف في المدينة.

وبحسب رواية الوزير فيصل كرامي لوسائل الإعلام، فإن موكبه، وتفاديا للمرور في مكان الاعتصام، بينما كان ذاهبا لأداء صلاة الجمعة، سار باتجاه ساحة التل وسط المدينة، ليفاجأ بأن الطريق مقطوع، وروى الوزير أن موكبه تعرض لإطلاق نار مباشر هناك، مما أصاب مرافقيه، وحرقت إحدى سيارات الموكب. ونفى الوزير كرامي أن يكون موكبه قد استهدف بكمين مدبر.

وقال في حديث تلفزيوني: «أنا نفسي لم أكن أعرف أنني سأمر من هذا الطريق، فكيف للآخرين أن يعرفوا ذلك؟!».

وروى شاهد عيان ينتمي إلى إحدى الجماعات الإسلامية، كان موجودا في مكان الحادث لـ«الشرق الأوسط» أن «موكب الوزير كرامي كان قد وصل إلى مكان قريب من تقاطع شارع عزمي، ليفاجأ ويجد الطريق مقطوعا، وأطلق مرافقوه الرصاص في الهواء لفتح الطريق، بينما كانت من الجهة الثانية مجموعة إسلامية آتية من منطقة البداوي على رأسها عامر أريش، في طريقها للمشاركة في الاعتصام من أجل التضامن مع الموقوفين الإسلاميين».

ويتابع الشاهد الذي رفض الكشف عن اسمه: «ربما ظن المسلحون الإسلاميون أن الرصاص يستهدفهم، فأخذوا يطلقون النار على الموكب بشكل مباشر». ويضيف: «في هذه الأثناء اختبأت في شارع فرعي، وسمعنا أصواتا تشبه القذائف والقنابل، وأصوات تبادل لإطلاق النار».

وقال تاجر من المنطقة: «لا نعرف تماما ما حدث، لكننا شاهدنا ملتحين يحملون مسدسات ورشاشات يطلقون النار في أكثر من اتجاه، ويختبئون معنا في الشوارع الفرعية. ولم نفهم ما كان يحصل حولنا حتى شاهدنا دخانا يتصاعد من سيارة علمنا فيما بعد أنها تابعة لموكب الوزير كرامي. لقد كانت معركة بالفعل شهدها وسط طرابلس وشاهدت أطفالا يبكون وأمهات تصرخ».

وقال أحد أعضاء لجنة المتابعة لقضية الموقوفين الإسلاميين، الذي كان يشارك في الاعتصام ليس بعيدا عن المكان، لـ«الشرق الأوسط» رافضا هو الآخر الكشف عن اسمه: «عندي قناعة أن ما حدث هو بفعل تدخل من جماعات مسلحة لإفشال الاعتصام الذي أردنا له أن يستمر حتى العصر نصرة للمسجونين الإسلاميين بلا محاكمة منذ 5 سنوات. ما خططنا له هو حشد أكبر عدد ممكن من المناصرين لهذه القضية. لكن ما حصل مع الوزير فيصل كرامي أفشل تحركنا بشكل كبير. الاتفاق بين المنظمين للاعتصام كان يقضي بعدم استعمال العنف، أو الإتيان بأي سلاح، أو إحراق إطارات أو حتى إغلاق الطرقات بشكل مزعج. وأرى أن ثمة خطأ حدث، فلماذا لم يبلغ مرافقو الوزير كرامي بالطرق التي تم إغلاقها كي يتحرك بشكل أكثر أمنا؟».

وروى الشيخ الإسلامي الذي كان يعتصم في الساحة أنه «بمجرد وقوع الحادث المؤسف مع الوزير كرامي تشكلت لجنة من المعتصمين على رأسها ممثل لمفتي عكار ومعه الشيخ رائد حليحل، وهو مسؤول التنسيق في لجنة الموقوفين الإسلاميين، وآخرون، وتوجهوا إلى قصر الرئيس عمر كرامي لتقديم الاعتذار».

وأضاف الشيخ: «نحن نختلف مع الرئيس عمر كرامي ونجله بالسياسة، لكن الرجلين لهما مواقف سياسية متوازنة، ونحن نحترم رأيهما»، مؤكدا أن «ثمة مجموعات شبابية مسلحة تحاول أن تثبت نفسها، لكنها مرتبطة بمكان آخر».

وعقدت إثر الحادث، طوال بعد ظهر أمس، اجتماعات إسلامية عدة في طرابلس، لتباحث الأمر ومحاولة الخروج من هذه الورطة، ودعيت التيارات الإسلامية على اختلافها إلى اجتماع مسائي يوم أمس، بهدف مناقشة أسباب الحادث وتداعياته، وللاتفاق على زيارة الرئيس عمر ونجله فيصل كرامي للمرة الثانية وتقديم اعتذار جماعي.