الأميركيون منقسمون في حماسهم لحضور حفل تنصيب أوباما

إجراءات أمنية مشددة.. والشرطة تخشى خصوصا بروز مهاجم محبط اجتماعيا

TT

طُبقت إجراءات أمنية مشددة تحيط بحفل تنصيب الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية، الاثنين المقبل، حيث تخشى القوى الأمنية خطر «مهاجم منفرد» لا أحد يشتبه به وقد يخرج من الحشد، في وقت بدا فيه آلاف الأميركيين منقسمين إزاء تحمسهم لحضور الفعالية.

ويُتوقع أن يكون حفل تنصيب الرئيس أوباما للفترة الرئاسية الثانية أقل أهمية من التنصيب التاريخي في المرة الأولى، عندما ذهب ما يقرب من مليوني شخص إلى ساحة التنصيب المقابلة لمبنى الكونغرس في مشهد مهيب. ومع ذلك، سوف تعود الأعداد الهائلة من الأميركيين الذين شاهدوا حفل التنصيب الأول عام 2009 مرة أخرى لرؤية التاريخ وهو يعيد نفسه، حيث يريد البعض أن يهتف لمرشحه الذي فاز في الانتخابات بعد منافسة شرسة، في حين يأتي آخرون للاستمتاع ورؤية إعادة تنصيب أول رئيس أسود من أصل أفريقي للولايات المتحدة، بينما سيحضر آخرون أفراد أسرتهم الذين كانوا صغارا في الولاية الأولى لأوباما ولم يستطيعوا تقدير أهمية هذا الحدث من قبل، بجانب بعض المسنين الذين قد لا تتاح لهم الفرصة مرة أخرى لمشاهدة هذا الحدث. ويتوقع حضور ما بين 500 و800 ألف شخص إلى الساحة الهائلة قبالة مبنى الكونغرس الاثنين.

وتقول باتريشيا ليك، وهي مستشارة في إدارة أحد المطاعم بمدينة رالي بولاية كارولينا الشمالية، والتي بدأت تخطط لرحلتها الثانية لمشاهدة حفل تنصيب الرئيس أوباما منذ اليوم التالي للانتخابات التي عقدت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) «لم أكن أتخيل أنني سأذهب إلى هناك مرة أخرى. لا أتوقع أن يكون التنصيب تاريخيا مثلما كان في أول مرة، لكنه سيكون مثيرا وسيعكس ثقتنا وإيماننا به».

وقالت ليك، وهي أميركية من أصل أفريقي، والتي ستذهب لرؤية حفل التنصيب بصحبة أربع بنات من أقاربها في حافلة تنطلق من ولاية كارولينا الشمالية هذه المرة «من يعرف متى سيكون لدينا رئيس أسود آخر؟ أود أن يشاهدن ذلك حتى يتذكرنه ويتأكدن من أن هذا قد يحدث مرة أخرى». ولا يتوقع كثيرون تكرار المشهد التاريخي الذي شهده حفل التنصيب الأول قبل أربع سنوات، عندما قام الغرباء باحتضان بعضهم البعض، وتجمدت الدموع في العيون، ولم يعد هناك شيء مستحيلا، بعدما تردد صدى كلمة «أقسم» في آذان الجموع التي كانت حاضرة وتحبس أنفاسها لرؤية هذه اللحظة التاريخية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيشهد حفل التنصيب الثاني نفس الزخم الذي كان عليه الحفل الأول، بعد مرور 48 شهرا من البؤس الاقتصادي والاضطرابات السياسية؟

تقول أليس توماس، وهي أستاذة قانون «هذه هي أكثر اللحظات الرائعة والمثيرة التي شاهدناها بصفة جماعية»، حسبما نقلت عنها «واشنطن بوست». وقد كافحت أليس لمشاهدة هذه اللحظة التاريخية عن كثب (وليس من خلال شاشات التلفاز)، حيث حملت طفلها الذي كان في الحادية عشرة من عمره على كتفيها، على الرغم من أن ذراعها كانت قد كسرت خلال افتتاح حفل التنصيب في الليلة السابقة. والآن، وبعدما تخلصت من الجبيرة التي كانت على ذراعها، تعتزم أليس العودة لمشاهدة حفل التنصيب مرة أخرى، على الرغم من أنها لم تحصل على تذكرة حتى الآن.

ويقول إثيلبيرت ميلر، وهو كاتب وشاعر من واشنطن، إن التنصيب الثاني لأوباما قد يكون أكثر أهمية من الأول، لأنه يعد علامة على الراحة المتزايدة التي تشعر بها البلاد مع قائدها الأسود. وبعدما تمكن أوباما من الفوز بالانتخابات مرة أخرى بشكل حاسم، لا سيما في خضم الانكماش الاقتصادي، فإنه بذلك قد تجنب اتهام البعض له بأنه قد فاز بالمرة الأولى عن طريق «الحظ»، وأنه لن يفوز بولاية ثانية. وأضاف ميلر «الشيء الذي يسعد الأميركيين السود هو أنهم قد تأكدوا بالفعل أن البيض يمكن أن يذهبوا وينتخبوا رئيسا أسود مرتين، وليس مرة واحدة».

وسينتشر آلاف الشرطيين الذين لم يحدد عددهم بدقة على كل زاوية، فيما سيراقب المجال الجوي للعاصمة عن قرب، ناهيك عن نهر بوتوماك الذي يجري على طول المدينة. كما ستجري فرق شرطة على الأحصنة وأخرى مع الكلاب دوريات في المدينة بحثا عن متفجرات محتملة. ويشارك أكثر من 13 ألف عسكري في العرض المرافق والحزام الأمني والموكب المشدد للرئيس أوباما وجهاز مراقبة الكابيتول حيث مقر الكونغرس الذي سيشهد تنصيب الرئيس رسميا. وستنشر الكاميرات في كل مكان حول الساحة التي ستغلق أمام حركة المرور، وسيخضع المشاركون لتدقيق الهويات والتفتيش وآلات الرصد على كل حاجز أمني. كما سيتمركز قناصة النخبة على أسطح جميع المباني الكبرى متأهبين للتدخل.

وأكد الضابط الموكل بالاتصالات في شركة «الكابيتول شينيل إنتروباس»: «إننا مستعدون»، مشيرا إلى أن التدريب بدأ «منذ أشهر للتكيف مع أي مشكلة قد تطرح». وأوضح مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية لشؤون مكافحة الإرهاب مايكل كلانسي أن «التهديد الأكبر، الذي يؤرق ليلنا، هو المهاجم المنفرد الذي قد لا ترصده راداراتنا. إنهم أولئك الذين يعانون من مشاكل اجتماعية، وأشباه تيموثي ماكفاي»، في إشارة إلى مرتكب هجوم أوكلاهوما عام 1995 الذي أسفر عن مقتل 168 شخصا وجرح 680. وأكد ستيفن سامرز، مسؤول إحدى الشركات الأمنية الخاصة المشاركة في الإجراءات، أن «أي مهاجم منفرد يشكل تهديدا هائلا». وأوضح «من الصعب جدا توقيف الإرهابيين المنفردين، على الجميع أن يكونوا بأفضل قدراتهم في هذا اليوم». كما قال نائب رئيس «ألايد بارتون للخدمات الأمنية» التي سيحمي عناصرها البنك المركزي وصندوق النقد الدولي «سيكون من الجنون أن يحاول أي شخص في هذا اليوم القيام باعتداء بسبب عدد عناصر الشرطة الضخم، إلا أن القلق يبقى قائما».

ويحافظ المسؤولون على سرية مطبقة بخصوص الجهاز الأمني. ففي مكان سري في ضواحي واشنطن سيراقب مركز قيادة الوضع على الأرض عبر نقل حي. ويشرف جهاز الأمن الرئاسي السري على الجهاز الأمني الذي يشارك فيه مكتب التحقيقات الأميركية وأجهزة شرطة واشنطن والكابيتول والحدائق العامة والحرس الوطني والجيش وغيرها من بين 42 وكالة، ويتخذون مقرا مشتركا في المدينة.