«باب الكرامة» قرية فلسطينية جديدة على بوابات القدس

5 خيام ومسجد من الطوب وعلم كبير تتحدى سلطة الجيش الإسرائيلي

TT

ينغص علم فلسطيني كبير يرفرف فوق خيمة في قرية «باب الكرامة» الفلسطينية التي أقيمت على عجل أمس، حياة كل الإسرائيليين الذين يمرون عبر شارع حيفا الواصل بين القدس وتل أبيب، المطل تماما على القرية الجديدة التي بنيت على أراضي قرية «بيت إكسا»، كرد فلسطيني سريع على مصادرة إسرائيل ما تبقى من أراضي القرية قبل أسبوعين.

واستلهم أهالي «بيت إكسا» القرية الفلسطينية الأقرب للقدس (الغربية)، تجربة قرية «باب الشمس» التي أقيمت على أراضي «إي 1» الأسبوع الماضي، كفعل من أفعال المقاومة الشعبية وردا على خطط لإقامة مستوطنة هناك، فبنوا «باب الكرامة» على أراضي «خربة العلاونة» التي كانت محظورة عليهم منذ 1967.

ويبدو أن الفلسطينيين لم يجدوا سبيلا للرد على مبادرات المستوطنين، إلا بمبادرات مماثلة، أي فرض الأمر الواقع على الأرض في معركة «النفس الطويل». وتعود الفلسطينيون على مدار عقود ماضية على احتلال مستوطنين لأراضيهم وتحويلها إلى مستوطنات كبيرة، واليوم يحاول أهل الأرض قلب المشهد بالبناء على أرضهم قبل المحتلين.

وبنى أهالي «بيت إكسا» 5 خيام ومسجدا من الطوب، ورفعوا علما فلسطينيا كبيرا، ووضعوا لافتة ترحيبية بزوار «باب الكرامة». وقال الصحافي والناشط السياسي بلال غيث: «بنينا باب الكرامة ردا على مصادرة ما تبقى من أراضي القرية وردا على هدم قرية باب الشمس».

وكانت إسرائيل قد هدمت، أول من أمس، قرية «باب الشمس»، وأفرجت عن عشرات من سكانها بكفالات مالية. وأضاف بلال: «إنه فعل مستمر, ولن يتوقف».

وتابع: «لقد تركوا 400 دونم لأهالي القرية البالغ عددهم 2000، يعني (مترين) لكل شخص».

وتعاني «بيت إكسا» من عدم القدرة على التوسع العمراني منذ عشرات السنين، بعدما أعلنت إسرائيل معظم أراضي القرية مناطق عسكرية مغلقة أو محميات طبيعية، واضطر ذلك الكثيرين من أهلها إلى الرحيل. وبالنسبة لبلال ورفاقه، فإن ثمة آمالا معقودة من وراء «باب الكرامة» على منع بناء مستوطنات في المكان. ويوجد خطط إسرائيلية الآن لتوسيع مستوطنتي «راموت» و«جفعات شاؤول»، القريبتين من القرية.

وفورا حاصر الجيش الإسرائيلي القرية الجديدة، بينما يحاول محامون استصدار قرار بمنع إخلائها، كما حصل في «باب الشمس». ويتوقع أن يلجأ الجيش الإسرائيلي مرة أخرى للقوة من أجل إخلاء القرية الجديدة. ومثلما حصل في «باب الشمس»، أعلن سكان القرية الجديدة إنشاء مجلس قروي.

وفي حالة «باب الشمس» اعترفت الحكومة الفلسطينية بالمجلس القروي، بل طالب رئيس الوزراء سلام فياض مسؤولين في الحكومة الأندلسية ببحث إمكانية توأمة بلدات أو قرى أندلسية مع «باب الشمس».

ويتبنى فياض سياسة فرض الأمر الواقع في مناطق «ج»، التي تخضع لسيطرة إسرائيلية، ولطالما دعا إلى مزيد من البناء هناك في وجه سياسية الهدم الإسرائيلية. وفي أوقات سابقة، نقل فياض رسائل من نشطاء المقاومة الشعبية للأمين العام بان كي مون، ودعا مسؤولين غربيين للقاء ناشطين. ويعتقد فياض أن مواصلة البناء في «ج» يسقط الحدود المصطنعة بين المناطق. وقالت مصادر مقربة منه إن فياض أجبر المجتمع الدولي على تفهم ودعم فعل المقاومة الشعبية، وجعله منخرطا في ذلك، مما أعطاها زخما وغطاء مهمين.

ووصف فياض بناء قرى في أراض مهددة في مناطق «ج»، بـ«المبادرات الخلاقة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه الاستيطاني الاستعماري الإحلالي». وأضاف: «إنها إبداع فلسطيني جديد في حكاية الصمود الفلسطيني، والإصرار على البقاء والحياة على أرض وطننا، ونقل رسالة مفادها أن شعبنا متمسك بأرضه وحقوقه الوطنية، ومستعد لحمايتها والدفاع عنها، كما أنه يُظهر القوة الكبيرة التي باتت تتحلى بها المقاومة الشعبية السلمية، حيث تشكّل حالة شعبية يتسع نطاق المشاركة فيها يوميا، وحلقة جوهرية وأساسية من حلقات النضال الوطني الفلسطيني لنيل الحرية والاستقلال، على الرغم من محاولات حكومة الاحتلال وسعيها لتقويض هذا العمل السلمي بشتّى السبل».