«الموقعون بالدماء» تشترط الإفراج عن الشيخ عبد الرحمن مقابل تحرير الرهائن

متحدث باسم «بي بي»: باقون لمواصلة أعمالنا في الجزائر

جندي جزائري يتفقد وثائق أحد السائقين بمنطقة الصحراء جنوب الجزائر أمس (أ.ف.ب)
TT

أفاد مصدر أمني جزائري، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة الأنباء الجزائرية، بأن كتيبة «الموقعون بالدماء» التي هاجمت المنشأة الغازية واحتجزت مئات الرهائن بداخلها، «تتكون من قرابة 30 إرهابيا من مختف الجنسيات». وهو ما ينفي ما قاله وزير الداخلية دحو ولد قابلية، بعد الهجوم، من أن الأمر يتعلق بـ«أبناء المنطقة»، مما ترك الانطباع بأنه يتحدث عن «حركة أبناء الصحراء للعدالة الإسلامية» الانفصالية، وهو تنظيم يضم جزائريين يقوده الطاهر بن شنب. وقال المصدر ذاته إن الجيش تمكّن، أمس، من تحرير 100 رهينة أجنبي.

وذكر المصدر الأمني للوكالة الرسمية أن الخاطفين «كانوا مدججين بالأسلحة، لا سيما صواريخ وقاذفة صواريخ، وأسلحة حربية أخرى، وقد كانوا مصممين على ارتكاب عمل إجرامي». وأوضح أن الجماعة الإرهابية «خططت لاحتجاز الفنيين الأجانب بالموقع الغازي، وتحويلهم إلى مالي بغرض ممارسة ضغوط على البلدان المشاركة في العملية العسكرية الجارية حاليا في مالي»، يقصد التدخل العسكري الذي تقوده فرنسا في شمال مالي منذ الـ11 من الشهر الحالي، بغرض إنهاء سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة.

وأضاف المصدر أن الجماعة الخاطفة «أظهرت عزما على قتل الرهائن عندما فشلت في ذلك»، يقصد أن السلطات الجزائرية رفضت طلب الخاطفين تأمين ممر لهم وللرهائن إلى مالي، مشيرا إلى أن «الجماعة الإرهابية كانت تخطط لعمل ذي تأثير كبير على المجتمع الدولي».

وتابع المصدر الأمني الذي يرجح أن يكون مسؤولا كبيرا في الجيش الجزائري: «لقد حاولت القوات الخاصة الجزائرية التي حاصرت الأماكن طيلة صبيحة الخميس، التوصل إلى حل سلمي. غير أن الإرهابيين استنادا إلى معلومات تلقوها، قرروا قتل كل الرهائن، وارتكاب مجزرة حقيقية بالموقع الغازي، وعليه، قررت القوات الخاصة للجيش، التي تتمتع بخبرة واحترافية بالغتين، حسبما سجلته الأوساط الدولية، شن الهجوم برا بهدف القضاء على هذه المجموعة التي كانت تستعد للفرار مع الرهائن، والتي كانت على وشك أن تحدث كارثة».

وأشار المصدر إلى أن تدخل القوات الخاصة «تم في ظروف معقدة، وقد سمح بتفادي مجزرة حقيقية في حق مئات الرهائن وإحداث خسائر كبيرة بالمنشأة الغازية».

ويُفهم من توضيحات «المصدر الأمني» أن السلطات الجزائرية تبرر مقتل الرهائن الأجانب في الغارات الجوية للجيش الجزائري، أن مصيرهم كان محسوما. بمعنى سواء تدخل الجيش أم لم يتدخل، فإن الجماعة الخاطفة كانت ستقتل المحتجزين.

وفي السياق نفسه، قال المصدر ذاته إن حصيلة العملية إلى منتصف نهار أمس، تتحدث عن تحرير 650 رهينة، من بينهم 573 جزائريا، وأكثر من نصف عدد الرهائن الأجانب الذي يصل إلى 132. وجرى في وقت سابق الحديث عن 41 رهينة. وذكر مسؤول بفرع شركة المحروقات «سوناطراك» لـ«الشرق الأوسط»، أن عددا كبيرا من الرهائن فليبينيون يعملون في شركة يابانية تشتغل في المنشأة الغازية منذ سنة. وتكشف الأرقام الذي قدمها «المصدر الأمني»، أن 65 أجنبيا على الأقل لا يزالون محتجزين في المنشأة التي تتربع على مئات الهكتارات.

وأفاد صحافيون محليون بعين أمناس، التي تتبع لها المنشأة إداريا، في اتصال بهم أن الجيش ظل مساء أمس يقصف أجزاء من الموقع الغازي بغرض فك أسر ما بقي من رهائن. ونقل أحدهم عن مسؤول بخلية الأزمة التي أنشأتها السلطات بإليزي (الولاية التي تقع المنشأة فوق ترابها)، أن «حظوظ الرهائن والخاطفين في الخروج من الحصار سالمين ضعيفة، بسبب تصميم الجيش على إنهاء هذه الأزمة كيفما كان الحال».

وبهذا الخصوص، قال المصدر الأمني للوكالة الرسمية إن القوات الخاصة «ما زالت تحاول التوصل إلى حل سلمي قبل القضاء على المجموعة الإرهابية التي تحصنت بالمصنع، وتحرير الرهائن الذين ما زالوا محتجزين»، مشيرا إلى أن «بعض العمال الأجانب يختبئون في بعض زوايا الموقع الغازي».

وأعلنت كتيبة «الموقعون بالدماء» التي تحتجز الرهائن، أنها تعرض التفاوض مع فرنسا والجزائر، لوقف الحرب في شمال مالي، وتريد مبادلة الرهائن الأميركيين لديها بالشيخ المصري عمر عبد الرحمن والباكستانية عافية صديقي المعتقلين في الولايات المتحدة. وقالت وكالة «نواكشوط للأنباء» الموريتانية، إن زعيم الخاطفين مختار بلمختار «طالب الفرنسيين والجزائريين بالتفاوض من أجل وقف الحرب، التي تشنها فرنسا على أزواد. وأعلن عن استعداده لمبادلة الرهائن الأميركيين المحتجزين لديه بالشيخ عبد الرحمن وصديقي». وأضافت الوكالة أن هذا العرض ورد في «شريط فيديو مصور سيرسل إلى وسائل الإعلام».

وبلمختار مسلح جزائري يلقّب بـ«خالد أبي العباس» هو أحد قادة «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وتجمعه مصاهرة مع قبائل «طرقية» بشمال مالي. وتقضي العالمة الباكستانية عافية صديقي حكما بالسجن 86 عاما في الولايات المتحدة، بتهمة محاولة قتل ضباط أميركيين. أما الشيخ عبد الرحمن, فهو شيخ ضرير يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة، إثر إدانته عام 1995 بالتورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك في 1993، وبالتخطيط لشن اعتداءات أخرى بينها مهاجمة مقر الأمم المتحدة.

وبث التلفزيون الحكومي، مساء أمس، أولى الصور عن الرهائن الجزائريين والأجانب الذين نقلوا إلى مستشفى عين أم أناس، حيث وفرت السلطة فريقا من الأطباء النفسيين. وجاء في شهاداتهم أن الخاطفين وضعوهم في قاعة كبيرة بالمنشأة، وأنهم تمكنوا من الهرب في الدماء والفوضى التي أحدثتها غارات الجيش.

وقال أحدهم: «نشكر الجيش الذي لولا تدخله لكنا في عداد الموتى». واللافت أن التلفزيون الحكومي ركّز على نقل الشهادات التي تشيد بالقوات الخاصة. ويفهم من ذلك أنها رسالة إلى حكومات المختطفين التي احتجت على تدخل الجيش إثر سقوط رهائن.

وعلى صعيد آخر، قال وزير الطاقة يوسف يوسفي إن «سوناطراك» أوقفت تشغيل الأجهزة والآلات في الموقع الغازي «تفاديا لأي خطر على الأشخاص أولا والمنشأة ثانيا». وصرح يوسفي للصحافة أمس قائلا إنه «شيء رائع أن يبادر كوادر (سوناطراك) إلى وقف تشغيل المعدات حفاظا على أرواح الناس».