«شبيحة» وقطاع طرق يستغلون الفوضى لسلب المسافرين إلى إدلب وحلب

مصادر «الحر» لـ «الشرق الأوسط»: لا علاقة لهم بالمعارضة وليسوا في صفوفها

مقاتلان من المعارضة السورية يستتران بحائط أثناء قصف لمدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

يرفض سائق سيارة أجرة سوري بموقف «محطة الرحاب» في بيروت عرضا بتوصيل كيسين من الطحين إلى إدلب مقابل 200 دولار. حجة السائق أن «قُطّاع الطرق ينهبون كل شيء على الطريق، ولا أتحمل مسؤولية سلبها». فقد تعرّض السائق الخمسيني، بحسب ما يزعم، إلى عمليتي سلب خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في سوريا، خسر خلالهما «أدوية وقوارير غاز و15 ربطة خبز فضلا عن أموال كانت في جيبي».

ويتريث سائقو سيارات الأجرة الذين ينطلقون كل يوم إلى حلب وإدلب قبل الموافقة على حمل بضائع من عمال لبنانيين إلى ذويهم في شمال سوريا. يقول أحدهم إن «مسلحين مدنيين، لا يعرّفون عن أنفسهم، يقطعون الطريق فجأة، ويطلبون من الركاب تسليم أموالهم». وإذ ينفي السائق انتماء هؤلاء للجيش السوري الحر، حيث «لا يوجد دليل على أنهم مقاتلون معارضون»، يرجّح أن يكونوا من «الشبيحة والزعران (قطاع الطرق) الذين يستغلون الفوضى لسلب الناس».

وتلتقي هذه الحادثة مع أنباء كثيرة يتناقلها السوريون في لبنان عن تعرضهم لحوادث سلب مماثلة على الطريق الدولي من حمص باتجاه حلب وإدلب. يقول عامل سوري عاد مطلع العام الحالي من سوريا، إنه لدى وصول السيارة إلى قرى منطقة جبل سمعان في جنوب حلب «تفاجأ السائق بخمسة مسلحين يقطعون الطريق». ويضيف «طلبوا منا التوقف، وأجبرونا على تسليم الأموال التي نحملها وإلا سيجبروننا على خلع ملابسنا وتفتيشنا». ويتابع «أذعنا لطلبهم، وأخذوا من السيارة أيضا بعض المواد الغذائية التي نحملها من بيروت، قبل أن يسمحوا لنا بالمغادرة».

ويشير العامل السوري إلى أن المسلحين «مدنيون يحملون بنادق روسية». ويؤكد أن هؤلاء «لا يحملون علم الثورة السورية، ولا يرتدون بزات عسكرية على غرار عناصر الجيش السوري الحر الذي يقيمون حواجز طيارة في منطقة سراقب مثلا»، لافتا إلى أنهم «غير ملتحين، ويتحدثون بلهجة (الزعران) الذين يعرفهم السوريون منذ أمد طويل».

وتشير تلك الوقائع إلى الفوضى التي تعم المناطق المحررة من سلطة الجيش النظامي، في غياب شرطة عسكرية للمعارضة تضبط الطرق وتحفظ أمن الناس. ومع تردد أخبار كثيرة عن ظواهر مماثلة «برزت بعد تحرير أرياف منطقتي حلب وإدلب»، تؤكد مصادر الجيش السوري الحر أن هذه الظواهر الفردية «لا علاقة لها بالثورة ولا بالمقاتلين المعارضين». وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الظاهرة تمتد منذ أيام سلطة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على المنطقة»، موضحة أن «مجموعة من 300 شبيح مثلا، معظمهم من عائلة واحدة في ريف حلب، تلقت تسليحا من القوات النظامية في بدايات الأزمة، قبل أن تعلن انضمامها للثورة، من غير أدنى تنسيق مع الكتائب المقاتلة في حلب». وتؤكد المصادر أن أولئك الأشخاص «أعلنوا أنهم مع الثورة فجأة، وتابعوا ممارسة تشبيحهم زاعمين أنهم معارضون»، مرجحة أن يكون قطاع الطرق «على هذا النمط من الشبيحة الذين يعيشون في الفوضى لممارسة عملهم الأساسي؛ وهو سرقة ونهب الناس وتخويفهم».

واللافت، بحسب السوريين القادمين إلى لبنان، أن هؤلاء «الشبيحة والزعران لا يقيمون حواجز ثابتة، بل يتنقلون من مكان إلى آخر». ويوضح عامل سوري يتهيأ للسفر إلى محطة الرحاب أن أحد السارقين في منطقة السفيرة «خرج من السجن في بدايات الثورة السورية بعد أن كان مسجونا بجريمة جنائية، وقد تبرأ والده منه.. لكنه اليوم يزعم أنه معارض، ويتنقل برفقة ثلاثة أشخاص معروفين أنهم كانوا من شبيحة النظام، ويقيمون حواجز السلب والنهب على الطرقات الريفية».

ويؤكد سائقو سيارات الأجرة أن قطّاع الطرق يستولون على الخبز والطحين وقوارير الغاز التي تهرب إلى داخل سوريا للعائلات المقيمة في الشمال، فضلا عن الأجهزة الجوالة والإلكترونيات والأدوية. يقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إن «تجارة الأدوية المهربة والطحين تلقى رواجا في هذه الأيام، في ظل ندرتها في سوريا، وهي أكثر ما تستهوي قطاع الطرق الذين يتاجرون بها».

وتعتبر قوارير الغاز والخبز وأكياس الطحين عملة نادرة في شمال سوريا الآن؛ مع وصول سعر قارورة الغاز إلى نحو مائة دولار، وندرة وجود الخبز في المنطقة، وارتفاع أسعار وقود التدفئة.