الغزيون يخشون عودة «الحزام الأمني» الإسرائيلي

بعد أن أحدث زواله نقلة نوعية في حياة الناس

TT

من على أرضه التي تتوسط منطقة أم الجمال، شرق مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة، يحرص إبراهيم خليل، 49 عاما، على ألا تتجاوز حركة نجله حدود كرم الزيتون، الذي يقع على مسافة أقل من 100 متر من الخط الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة.

وجعل استهداف الجيش الإسرائيلي المزارعين الفلسطينيين بإطلاق النار عليهم، إبراهيم يبدي حرصا واضحا على التزام ولده بعدم مغادرة تخوم الكرم نحو الشرق، حتى لا يكون عرضة لإطلاق النار من قبل جنود الدوريات الإسرائيلية الذين يتحركون في عربات عسكرية، أو من قبل الجنود الذين يتمركزون في أبراج المراقبة التي تقع إلى الشرق من الخط الحدودي.

في غضون شهر تقريبا تبدلت أحوال هذه العائلة المزارعة بشكل واضح، التي كان أبناؤها يصلون حتى خط الأسلاك الشائكة الحدودي في أعقاب التوصل لتفاهمات التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس برعاية مصر، التي يعتبر أحد أهم إنجازاتها موافقة إسرائيل على إلغاء منطقة «الحزام الأمني»، الذي كرسته في عمق قطاع غزة، منذ أكثر من ستة أعوام، وهي المنطقة التي تقع في عمق 300 - 1000 متر للغرب من الخط الحدودي، ويمنع الجيش الإسرائيلي المزارعين من الوصول إليها، بحجة الحرص على عدم السماح للمقاومين الفلسطينيين في استخدامها في الانطلاق لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل.

وأحدث تراجع إسرائيل عن «الحزام الأمني» نقلة نوعية كبيرة في حالة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، الذين يعيشون في مناطق التماس على طول امتداد الحدود بين القطاع وإسرائيل، وأصبح باستطاعة هؤلاء الناس الذي يعمل معظمهم في قطاع غزة، فلاحة أراضيهم والاعتناء بمزارعهم ورعاية مواشيهم بحرية، لدرجة أن منهم من أقدم على إقامة مشاريع زراعية وعمرانية في هذه المناطق أو قريب منها. لكن تنبؤات الفلسطينيين السوداوية تحققت حيث بات الجيش الإسرائيلي يطلق النار في على المزارعين الذين يتحركون في بعض مناطق التماس، كان آخرها عملية إطلاق النار التي أدت إلى مقتل أحد المزارعين في منطقة بيت حانون، أقصى شمال شرقي قطاع غزة، إلى جانب إصابة ثمانية مزارعين في حوادث إطلاق نار أخرى متفرقة في جميع أرجاء المناطق الحدودية.

ويدعو إسماعيل أبو سالم، 51 عاما، وهو مزارع يقيم ويعمل في مناطق التماس التي تقع شرق مدينة خان يونس، جنوب القطاع، حكومة غزة للتحرك لدى الجانب المصري لوقف انتهاكات تفاهمات التهدئة. ويضيف: «لا يوجد أي مبرر لعمليات إطلاق النار، لم يحدث أن تم إطلاق صاروخ واحد، أو عملية تسلل واحدة منذ انتهاء الحرب الأخيرة، فلماذا يصرون على عدم الوفاء بالتزاماتهم في التهدئة».

يذكر أن القاهرة ترعى بين الحين والآخر لقاءات غير مباشرة تتم بين ممثلين عن حكومة غزة والحكومة الإسرائيلية تناقش سبل تطبيق تفاهمات التهدئة، سيما على صعيد رفع الحصار. وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إنه من المبكر الاستنتاج أن إسرائيل غير معنية بتطبيق تفاهمات التهدئة، مشيرا إلى وفائها بكثير من التزاماتها في تفاهمات التهدئة، مثل السماح للصيادين بالوصول حتى عمق ستة أميال، بالإضافة لإدخال مواد البناء عبر المعابر التجارية مع إسرائيل.