مقاتلون شيعة يتصدرون الصفوف الأمامية لمعارك ريف دمشق

خبير لبناني: هناك معلومات عن 60 ألفا يتدربون في إيران

مقاتل من الجيش السوري الحر اثناء مواجهة مع قوات النظام قرب دمشق (رويترز)
TT

في الأول من يناير (كانون الأول) الحالي، ظهر على موقع «يوتيوب» فيديو لفتى ملثم يعلن فيه عن إنشاء «لواء أبو الفضل العباس»، وهو الظهور الإعلامي الأول لجماعة مقاتلة تتبنى عنوان «الدفاع عن مقام السيدة زينب» الموجود في ريف دمشق. ليحول المعلومات التي تحدثت عن وجود جماعات عراقية ولبنانية تقاتل إلى جانب النظام السوري.

ولخص الفتى الذي كان يتحدث باللهجة العراقية ما سماه «البيان رقم 1» لـلواء أبو الفضل العباس بأن مهمة هذا التشكيل هي «حماية مقام مولاتنا وحبيبتنا السيدة زينب من هجمات التكفيريين والوهابيين وما يسمى بالجيش الحر وأعداء أهل بيت رسول الله». بعدها بأربعة أيام ظهر أول فيديو جدي لمقاتلين قال التعليق المكتوب تحته إنه لمقاتلي هذا اللواء حيث ظهر شبان حسنوا التدريب والتنظيم، يتحركون بطريقة محترفة وبلباس موحد، ويتقنون القنص والقصف بمدفعية المورتر، بينما تظهر صورة أخرى مقاتلا يطلق قذيفة صاروخية من طراز «آر بي جي» وهو يقف بثبات المحترف الفائق التدريب. وترافق مع هذا التقرير إنشاد قصيدة عنوانها «يا زينب» بلهجة عراقية صافية.

وتظهر تقارير استخبارية وإعلامية متزايدة، أن مقاتلين شيعة يتصدرون الصفوف الأمامية للمعركة الدائرة في ريف دمشق، بما يتخطى محيط المقام المعروف باجتذابه آلاف الشيعة يوميا. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن هؤلاء المقاتلين يحققون تقدما في مواجهة مقاتلي المعارضة السورية في تلك المناطق. وقد أكدت مصادر سوريا معارضة قيام عناصر ينتمون إلى تنظيمات شيعية عراقية ولبنانية من بينها حزب الله اللبناني في تشكيل اللواء.

وقال تقرير لكريستيان ساينس مونوتورز إن اسم أبو الفضل العباس قد يشير إلى مجموعة صغيرة مدعومة من إيران كانت تكون من قناصة ومتخصصين في المتفجرات التي توضع على جوانب الطرق وشنت هجمات على القوات الأميركية بين 2005 و2008 في العراق، وأدمجت كتائب العباس في كتائب حزب الله في وقت لاحق مما دعا الولايات المتحدة إلى اتهام حزب الله بتدريب المجموعات الإرهابية الخاصة في العراق.

وكان حسن نصر الله، أمين حزب الله، أشار إلى كتائب العباس في 2007 باعتبارها كتائب مقاومة في العراق، وأذاع تلفزيون «المنار» التابع لحزب الله عدة فيديوهات لعمليات لهذه الكتائب في العراق.

وكانت مصادر شيعية سورية تحدثت قبل أسبوعين لـ«الشرق الأوسط»، قد أكدت وجود 1500 من عناصر حزب الله في سوريا عند المقامات الشيعية بالتحديد.

ويؤكد أبو إياد الناطق باسم المجلس العسكري في دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن كتائب من الجيش الحر تواجهوا منذ أيام قليلة مع كتيبة تتألف من عناصر شيعية غير سوريين، من إيران ولبنان، في ريف دمشق، كانوا يقومون بحراسة مقام السيدة زينب. مضيفا: «مع العلم أن النظام كان قد عمد في الفترة الأخيرة إلى قطع كل الطرقات التي تؤدي إلى هذا المقام ومنع مرور السيارات، لافتا في الوقت عينه إلى أن المقام يقع في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الحر، والسكان السوريون الأصليون لهذه المنطقة هم من السنة وليس الشيعة، لكن عمد رئيس مكتب الأمن القومي السابق هشام بختيار، إلى القيام بحملة تشييع بين الأهالي كما جاء شيعة آخرون من لبنان وإيران سكنوا في المنطقة لخدمة الحجاج الذين يأتون للزيارة.

وقال محمد علوش المدير التنفيذي لجبهة تحرير سوريا لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا اللواء مدعوم من نظام بشار الأسد وعناصره يرفعون العلم السوري» مشيرا إلى أن معارك عنيفة تندلع من وقت إلى آخر بين لواء «أبو الفضل العباس» من جهة وكتيبة «أم المؤمنين، عائشة» التابعة للجيش الحر»، من جهة أخرى. لافتا إلى أن «هذا اللواء يجمع بين مقاتلين شيعة ينتمون إلى ميليشيات لبنانية عراقية وإيرانية من أبرزها حزب الله».

في حين، أكد فهد المصري، مسؤول الإعلام في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» «أن حماية المقامات الدينية لأي مذهب هي من أولويات الجيش السوري الحر»، أكد علوش، إقدام ما أسماه «العصابات» على «ارتكاب الكثير من المذابح بحق أهالي المنطقة من مذاهب أخرى، إما عبر الحواجز الطائفية أو بوضع عبوات ناسفة كما حدث في مسجد الحبيب المصطفى في شارع الحجيرة داخل منطقة الست زينب».

ويقول الكاتب اللبناني، الخبير في الحركات الشيعية، على الأمين لـ«الشرق الأوسط» إن هناك محاولات حثيثة لإظهار الصراع في سوريا على أنه صراع طائفي، والنظام يدفع باتجاه هذا الأمر حتى يظهر الأمر وكأنه حرب أهلية في سوريا لا مواجهة بين نظام وشعب. ويشير إلى أن بينة النظام التي تغلب عليها الصفة الطائفية الأقلية، تخلق ردود فعل طائفية تساعد النظام في مسعاه.

ويوضح الأمين أنه في محيط مقام السيدة زينب في ريف دمشق يقيم الكثير من العراقيين واللبنانيين بصورة دائمة أو منقطعة، وبسبب تكوين المنطقة وطبيعة المصالح الاقتصادية تعزز هذا الوجود في السنوات السابقة. وإذ أشار إلى أن عدد هؤلاء تناقص مع بدء الأزمة السورية، قال إن موضوع المقام استعمل لاستقطاب المزيد من التعاطف الشيعي مع هذا النظام، بحيث يتم إظهار المعركة في سوريا، وكأنها معركة القضاء على الشيعة ورموزهم الدينية، وهذا أمر جذاب بالنسبة للبسطاء من الناس ويخلق لديهم نوع من الحماس والحمية للمشاركة في الحرب للدفاع عن هذه الرموز لا عن النظام السوري الذي يصعب عليهم تبرير القتال للدفاع عنه وحده.

وأوضح الأمين أن المناخات حول النظام، وتلك القريبة من حزب الله والإيرانيين تدفع في هذا الاتجاه، لكن العمل على ذلك يتم بصورة سرية ودعمه الإعلامي عبر مواقع إلكترونية بلا هوية يصعب ربطها بالحزب أو الإيرانيين. ويشير إلى أن هذه الذريعة باتت تستخدم عند سقوط قتلى، فبدلا من أن يقال إنهم سقطوا دفاعا عن النظام يقال إنهم سقطوا دفاعا عن المقامات أو عن القرى الشيعية.

وبالنسبة إلى تدخل «حزب الله»، قال الأمين: «من الواضح أن هناك تدخلا من قبل الحزب، وهناك جهاز (في الحزب) يستطيع العمل على هذا الموضوع بسرية، ونحن نعرف جميعا قدرات هذا الحزب وإمكاناته التي تتيح له القيام بهذا بكل احتراف وسرية، خلافا لبعض الحركات المقابلة من متطوعين يذهبون فرادى أو جماعات من 4 أو 5 أشخاص أحيانا للقتال ضد النظام».

وإذ أشار إلى أن الحزب «لا يريد أن تكون حركته مفضوحة وعلنية، أكد وجود أقراد يقاتلون بطريقة منظمة»، مشيرا إلى أن معلومات عن تدريبات يجريها لحزب لسوريين وأخرى تجريها إيران؛ حيث تحدثت معلومات عن وجود 60 ألف سوري يتدربون في إيران.

في المقابل، نفى العميد المتقاعد أمين حطيط، المقرب من «حزب الله» أن يكون قد تم تشكيل لواء كهذا في سوريا، واضعا الخبر في سياق «الحملة التي تريد أن تقول إن حزب الله وإيران والشيعة يرسلون الرجال إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام». وقال لـ«الشرق الأوسط»، «حتى لو فرضنا أن هذه الدول ترسل مقاتلين إلى سوريا لن يصل الأمر إلى حدود تشكيل لواء يحمل هذا الاسم»، معتبرا أن الغاية من إطلاق هذه الشائعات هي إحداث توازن في الأزمة السورية بين داعمي الصراع هناك». ولفت حطيط إلى أن «الأماكن المقدسة الشيعية محدودة العدد ولا تحتاج إلى لواء لحمايتها»، موضحا أن «سوريا قد اعتمدت في الفترة الأخيرة ما يسمى «جيش الدفاع الشعبي» وقد تكون إحدى لجان هذا الجيش من أهالي المنطقة الشيعة الذين يقومون بحماية المزارات، مما دفع المعارضة لاتخاذها ذريعة للقول إن هنالك إيرانيين وعناصر من حزب الله.

ونفى مصدر مقرب من التيار الصدري أن يكون للتيار أي صلة بالعمليات المسلحة التي تجري في سوريا سواء لجهة المعارضة ضد النظام السوري أو بالعكس. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن كل ما يثار عن دور لجيش المهدي أو لجهات تابعة للتيار الصدري تقوم بأنشطة مسلحة في سوريا أمر عار عن الصحة. وردا على سؤال بشأن وجود لواء يحمل اسم «أبو الفضل العباس» في سوريا قوامه مواطنون عراقيون شيعة قال المصدر إن المعلومات التي لدينا تشير إلى أن هذا اللواء تم تشكيله عقب الفتاوى التي صدرت بتدمير الأضرحة الشيعية في سوريا وفي مقدمتها ضريح السيدة زينب مشيرا إلى أن هذا اللواء كلف نفسه بحماية مرقد السيدة زينب. وحول ما إذا كان للعصائب أو حزب الله العراقي دور في ذلك أكد المصدر أنه فيما يتعلق بالتيار الصدري لا توجد صلة رسمية وأنه إذا كان هناك مواطنون عراقيون قد كلفوا أنفسهم للقيام بهذا الدور فهو دور محدود في إطار مهمة محددة.