سيطرة العشيرة تحد من فعالية المرأة في العملية الانتخابية

191 مرشحة يخضن الانتخابات النيابية من خلال معارك متعددة

مواطن أردني يمر من أمام ملصقات دعاوية لمتنافسين في الانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)
TT

تواجه المرأة الأردنية تحديات عدة في الانتخابات النيابية التي ستجرى بعد غد، بدءا من عملية الترشيح والقيام بالحملة الدعائية وانتهاء بعملية الاقتراع وإظهار النتائج. ويلاحظ المراقبون أن هناك إقبالا من قبل النساء على الترشح لخوض السباق إلى مجلس النواب، بعد أن خصص لهن قانون الانتخاب كوتة تمكنهن من الدخول إلى مضمار العمل السياسي والحزبي.

ووفقا لأرقام الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات، فإن 191 امرأة، ترشحن لخوض العملية الانتخابية من أصل 1425 مرشحا ومرشحة، في محاولة من القطاع النسائي لتغيير شكل مجلس النواب المقبل، والفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد الـ150، سواء عن طريق الدوائر المحلية أو القوائم الوطنية أو الكوتة.

ووفقا لهذه الإحصاءات، فقد ترشحت على نظام الدوائر المحلية والكوتة 105 سيدات، منهن 17 سيدة في دوائر البادية الثلاث، و8 سيدات في محافظة عجلون، و5 سيدات في محافظة المفرق، و6 سيدات في محافظة العقبة، و12 سيدة في محافظة الزرقاء، و6 سيدات في محافظة الطفيلة، و8 سيدات في محافظة البلقاء، و11 سيدة في محافظة الكرك، و5 سيدات في محافظة معان، و4 سيدات في محافظة مادبا، و3 سيدات في محافظة جرش، و15 سيدة في محافظة العاصمة، و5 سيدات في محافظة أربد. إضافة إلى ترشح أكثر من 86 سيدة على نظام القوائم الوطنية المغلقة، منهن سيدتان ترأست كل منهما قائمة، فيما كان ترتيب 8 سيدات ضمن الأسماء الثلاثة الأولى في 8 قوائم، وست نساء في المرتبة الرابعة. وجاءت باقي المرشحات في القوائم الوطنية المغلقة بالترتيب السفلي، الذي لا يتوقع أن يمنح النساء فرصة النجاح عبر هذه القوائم، علما بأن أمام النساء في الدوائر الانتخابية، فرصتين للفوز، إحداهما عن طريق الكوتة التي تضم 15 مقعدا، والأخرى تنافسية بفوزهن بأعلى الأصوات في دوائرهن المحلية.

ووفقا لما أظهرته الهيئة المستقلة للانتخاب لواقع أرقام المسجلين للانتخابات، فإن عدد الناخبات في جداول الناخبين بلغت 179. 1 مليون ناخبة، من بين 277. 2 مليون ناخب، بنسبة 52 في المائة. ومن اللافت أن عدد النساء الناخبات في البادية الأردنية، يزيد على عدد الرجال بنحو 20 ألفا، بسبب عمل غالبية الرجال في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

وتواجه المرأة المرشحة والناخبة على حد سواء، تحديات كبيرة أمام المجتمع الأردني الذي يرتكز على العشائرية في نظامه السياسي والاجتماعي؛ حيث لا تزال المرأة ترزح تحت ضغط العشيرة، إضافة إلى سيطرة الزوج أو الأخ أو الأب.

تقول فاطمة فهد إن زوجها هددها بالطلاق إذا لم تصوت لابن عمه، على الرغم من عدم قناعتها به؛ لأنه مرشح العشيرة، وإذا ما خرجت عن الإجماع، فإن الطلاق سيكون مصيرها. وتضيف فاطمة «زوجي أجبرني على القسم على القرآن الكريم من أجل انتخاب ابن عمه، وكي أحافظ على أسرتي خضعت لأمره».

أما باسمة محمد من جرش فقالت لـ«لشرق الأوسط»، إن عشيرتها عقدت اجتماعا من أجل الانتخابات وقررت ترشيح أحد شبابها دون مشورة النساء. وحتى الآن لم يطلب مني زوجي انتخاب ابن العشيرة، ولكن لا أعرف إذا كان الطلب سيأتي لاحقا.

أما التحديات التي تواجه المرشحات، فتبدو في إعطاء العشيرة الأفضلية لمرشح ذكر، على الرغم من أن كفاءات نسائها لا تقل شأنا، كما قالت إحدى المرشحات، التي أكدت «أن أبناء عشيرتي اصطفوا حوله، خاصة أن المجتمع الأردني ذكوري كبقية الشعوب العربية، وأنا الآن أحاول استمالة نساء العشيرة لإقناعهن بجدوى التصويت لصالحي، لكنني أواجه مشكلة تتمثل في أن بعضهن خائفات من التصويت لي بسبب ضغط الزوج، كما أن بعض النساء في اعتقادهن أن كل من تترشح للانتخابات هي امرأة (مسترجلة)». وتضيف أنه على الرغم من الخطب والشرح والوعود الواقعية فإن الناخبات ما زلن بحاجة إلى التحرر من سيطرة الرجل والعشيرة.

أما في المدن فإن الضغوط على المرأة أقل منها في القرى والبادية، وذلك ما تجسده الجامعية آمال علي عندما تتحدث بصراحة، وتقول إنها ستنتخب امرأة في دائرتها الانتخابية من أجل تشجيع المرأة للدخول إلى مجلس النواب وكي تخوض غمار هذه التجربة.

وأشارت آمال إلى أنها جلست مع معظم مرشحات دائرتها الانتخابية واستمعت لكل واحدة منهن وإلى برامجهن وقد اقتنعت بإحدى المرشحات التي سوف تمنحها صوتها. لكن المرشحة للانتخابات في المدينة تواجهها مشكلات من نوع آخر، تختلف عن المرشحات في القرى والبادية؛ حيث إن مساحة الدوائر الانتخابية واسعة وكبيرة، إضافة إلى عدم معرفة معظم الناخبين، وكذلك عدم اهتمام البعض بالانتخابات ومقاطعتها.

وقالت إحدى المرشحات في عمان طلبت عدم ذكر اسمها، إنني «أجد صعوبة في الوصول إلى الناخبين بسبب عدم الاكتراث أو المقاطعة أو أنهم غير مستعدين للقيام بزيارة إلى مقري الانتخابي وقد اعتمدت على وسائل الإعلام في الحملة الدعائية من صحف ومجلات أو مواقع إلكترونية أو إذاعات محلية إضافة إلى تعليق اليافطات والصور على جانب الطرقات والميادين العامة».

وتضيف أن من بين المشكلات التي تواجهني هو عندما أطلب زيارة ديوان إحدى العائلات أو العشائر لطلب الدعم والتأييد فإنني مضطرة لاصطحاب والدي أو زوجي أو شقيقي وهذه العملية محرجة لهم. وتشير إلى أنها عندما كانت تقوم بالالتقاء مع فئة الشباب والصبايا فإن الأمر لا يخلو من نظرات الإعجاب.

ويجمع المراقبون على أن العشائرية باتت سيدة المشهد الانتخابي في القرى والبادية وبعض أطراف المدن الكبرى حيث أصبح لكل عشيرة مرشح أو أكثر وهذا يتضح من خلال اليافطات والمهرجانات وافتتاح المقرات الانتخابية إضافة إلى الترويج الواضح لهم.

كما أن هنالك تحديا آخر لا يقل أهمية تواجهه المرأة يتمثل في وجود مرشحين اثنين من العشيرة ذاتها مما يشكل عائقا كبيرا في عدد الأصوات التي ستحصدها المرشحة من عشيرتها. كما يصعب عليها اللجوء إلى العشائر الأخرى لأن لكل عشيرة مرشحها، مما يصعب في مواجهتها لحصد الأصوات من أفرادها.

وعندما نتحدث عن المشهد الانتخابي بشكل عام، فإننا نتحدث عن خارطة انتخابية عشائرية معقدة، والاستفتاء فيها قد يكون صعبا في ظل انقسامات عشائرية إضافة إلى وجود مرشح لكل عشيرة وعدم وجود التنازلات كما كان الحال في الدورات السابقة.

وعلى صعيد مؤازرة المرأة المرشحة والناخبة، فقد أخذ القطاع النسائي من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية بالتعاون مع منظمات دولية وأوروبية، بتنظيم ورش تدريب حول مشاركة النساء في العمل السياسي.

وقالت المنسقة في جمعية النساء العربيات لينا البوريني، إن هذه الورش تأتي ضمن مشروع من أجل المساواة بين الجنسين، ضمن الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي للتعريف بدور المرأة في العمل السياسي.

وبينت أهمية الورش للناخبات والمرشحات لتعزيز حضورهن في الحياة السياسية ودعم النساء المرشحات ورفع نسبهن في مجلس النواب المقبل. وأضافت أن الهدف من الورش جاء لتعريف السيدات بحقوقهن السياسية والحقوق الانتخابية، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضدها.

ولتحفيز المرأة على ممارسة حقها الانتخابي بوعي وكفاءة، رفعت شعارات منها (مارسي حريتك)، (القرار هو صوتك)، (اختاري الأكفأ)، (صوتي لمن ترينه مناسبا)، (نساء الأردن لهن الأغلبية فيلغيرن بقرارهن وجه البرلمان)، والتي تم التأكيد عليها في معظم الحملات الانتخابية بمساعدة منظمات المجتمع المدني، في محاولة جادة لإيصال المرشحة الأفضل والأقدر على تمثيل المرأة في المجلس.

ولتحقيق هذه المفاهيم، ومن أجل امرأة أكثر نضجا سياسيا، عمل تجمع لجان المرأة الأردنية عبر عضويته بالائتلاف الوطني لدعم المرأة بالانتخابات، على توزيع استمارة على كل المحافظات لتدخل المرأة الراغبة وتدون تلك البيانات، التي يعتبر بعض منها أرشيفيا لغايات الاستفادة من البيانات الشخصية للمرشحة، والآخر قياسا لثقافة وخبرات المرأة الراغبة بالترشح.

وجاءت فكرة الاستمارة من أجل إعطاء بعد مختلف لمشاركة المرأة بالانتخابات المقبلة وترتيب أمورها التقنية والفنية والعملية؛ حيث جاءت الاستمارة لتخاطب الجميع على اختلاف ثقافاتهم واهتماماتهم لتبني الأفضل والأكثر كفاءة وقدرة.

ويأمل القطاع النسائي أن يكون هذا مؤشرا حاضرا لخدمة المرأة المرشحة، وأن لا تظل أسيرة لقرار أسرتها وعشيرتها؛ حيث إن الأفضلية العددية للناخبات يمكن أن تؤدي حال تفعيلها إلى نوعية عالية باختيار مرشحات ذوات كفاءات.