حصيلة أزمة الرهائن في الجزائر ترتفع إلى 80 قتيلا بعد العثور على 25 جثة أخرى

وزير الإعلام الجزائري: الجماعة المسلحة المهاجمة لحقل الغاز «كانت خصما ليس سهلا»

صورة غير مؤرخة لجزائريين ينظران الى عربة مدمرة بالقرب من محطة الغاز في عين أميناس جنوب شرقي الجزائر (أ.ب)
TT

بينما وصف وزير الاتصال (الإعلام) الجزائري، محند أوبلعيد سعيد، المعروف باسم «محمد السعيد»، الجماعة المسلحة، التي هاجمت حقل الغاز الجزائري في عين أميناس، واحتجزت نحو 700 رهينة، فجر الأربعاء الماضي بأنها «كانت خصما ليس سهلا»، وقال إنها كانت متألفة من ست إلى سبع جنسيات؛ ذكر مصدر أمني أن القوات الخاصة الجزائرية اعتقلت أمس خمسة متشددين، ليرتفع عدد المسلحين الذين يعتقد أنهم شاركوا في هجوم على المنشأة إلى 37، بينما يجري البحث عن ثلاثة آخرين.

وفي حين أشارت حصيلة رسمية جزائرية مؤقتة إلى مقتل 23 شخصا و32 مهاجما، أفادت تقارير إخبارية أمس بأن قوات خاصة من الجيش عثرت على 25 جثة أخرى مجهولة الهوية.

وقالت شبكة «النهار» الجزائرية الإخبارية، نقلا عن مصادر أمنية، إن حصيلة القتلى ارتفعت بذلك إلى 80 قتيلا بينهم رهائن ومسلحون إسلاميون.

وأعلنت الجزائر أنها تتوقع رفع الحصيلة الأولية لعدد القتلى في عملية احتجاز الرهائن التي استمرت أربعة أيام في عمق الصحراء. وكان متوقعا الإعلان عن العدد النهائي للقتلى خلال ساعات.

وقال المصدر لـ«رويترز» إن قوات الأمن ما زالت تمشط الموقع. وأضاف أن من المتوقع أن يزور المهندسون الموقع قريبا لبدء العمل لاستئناف الإنتاج.

وأضاف أوبلعيد سعيد «أن أي تصريح من جانبنا (وقت تنفيذ العملية العسكرية ضد الإرهابيين) كان يمكن أن يستغل في غير مصلحة الرهائن. وقد لاحظنا على المباشر تواصل الإرهابيين مع بعض المواقع».

وكان أوبلعيد سعيد يتحدث أمس للإذاعة الحكومية، وقصد بكلامه مواقع إلكترونية إعلامية موريتانية نشرت تصريحات لبعض الخاطفين من داخل محطة الغاز.

ورد وزير الاتصال الجزائري على تحفظ دول غربية على العملية العسكرية التي قادتها القوات الخاصة، بحجة أن السلطات الجزائرية لم تبلغها بها، بالقول: «نقول لها إن السرية مطلوبة في مثل هذه الظروف، وبأن الأمر سيادي يأخذ في الحسبان مصالح الجزائر وشعبها».

وأضاف قائلا: «لم تتفهم بعض البلدان العملية العسكرية في بدايتها، ولكنها غيرت موقفها. فالمسؤولون في أوروبا صرحوا بأن الجزائر قامت بما كان ينبغي أن تقوم به»، مشيرا إلى أن بلاده «تتفهم استياء بعض العواصم من عدم إبلاغها بالعملية، ولكن موقفها الرافض ربما كان للاستهلاك الداخلي؛ لأن جزءا من هذه البلدان مقبل على انتخابات، وهذا أمر نتفهمه»، وذلك في إشارة إلى أن رفض بلدان غربية «الأسلوب العنيف» الذي استخدمه الجيش في مسعى تحرير الرهائن، يعكس حسابات سياسية مرتبطة باستحقاقات في هذه البلدان، التي لم يذكر أي واحد منها بالاسم.

وأضاف: «هذه العواصم غيرت موقفها فيما بعد، وتبنت موقفنا الذي كان يبتغي تحرير الرهائن بأقل التكاليف. وسواء كانت بريطانيا أو الولايات المتحدة أو فرنسا، فإنهم كلهم قدروا موقف الجزائر والطريقة التي تصرفت بها قواتنا الخاصة».

ووجه وزير الاتصال الجزائري تهمة «التآمر على الجزائر» لجهات لم يذكرها بشكل مباشر. وقال بالتحديد إن حادثة الاعتداء على المركب الغازي «شكلت فرصة لخصوم الجزائر لتصفية حساب قديم معها».

وأفاد أوبلعيد سعيد، الذي كان قبل تعيينه وزيرا في الخريف الماضي من أشد المعارضين لسياسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بأن القوات الخاصة «لم يكن أمامها خيار آخر غير شن الهجوم على الخاطفين؛ لأن الوقت لم يكن في صالحنا. وقد أطلقنا تحذيرا للإرهابيين في الـ24 ساعة الأولى لاعتدائهم، ولكنهم أظهروا تصميما على الهرب ومعهم الرهائن، وإلا كانوا سيفجرون المركب الغازي، لهذا كان لا بد من أخذ قرار التدخل بسرعة كبيرة حتى نقلل من الخسائر البشرية، ونجحنا في ذلك.. صحيح أن الحصيلة كانت مقتل 23 رهينة، ولكنها كان يمكن أن تكون أثقل بكثير، ولكنت حدثتكم اليوم عن مئات الضحايا وعن مجزرة حقيقية». وأضاف الوزير الجزائري أن «الإرهابيين كانوا يريدون جر الجزائر إلى حرب مالي، وهي في الأصل ليست حربنا، ولن تطأ قدم أي عسكري جزائري أرض مالي».

ويفهم من إيحاءات المسؤول الجزائري أن أطرافا تشجع على الخيار العسكري في مالي، تقف وراء المجموعة الإرهابية التي نفذت عملية تيقنتورين.

وأصدرت وزارة الداخلية الليلة قبل الماضية، بيانا مفصلا عن حصيلة العملية العسكرية، جاء فيه أن «الهجوم الذي نفذته القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني الشعبي، لتحرير الرهائن المحتجزين من قبل جماعة إرهابية على مستوى الموقع الغازي لتيقنتورين (عين أميناس - إليزي)، أسفر عن القضاء على 32 إرهابيا، ووفاة 23 رهينة، وتحرير 685 عاملا جزائريا، و107 عمال أجانب».

وأضاف البيان أن الجيش «استرجع ست رشاشات و21 بندقية رشاشة وبندقيتين رشاشتين ذات منظار، ومدفعي هاون من عيار 60 ملم، مع قذائف و6 صواريخ من عيار 60 ملم مزودة بقواعد إطلاق، مع 8 قذائف، و10 قنابل يدوية موضوعة على شكل أحزمة ناسفة وكمية من الذخيرة والمتفجرات».

وتابع البيان أن الجماعة الإرهابية «دخلت إلى الأراضي الجزائرية من دول مجاورة على متن عدة سيارات رباعية الدفع، وكانت تتكون من 32 مجرما من بينهم 3 جزائريين مختصين في المتفجرات، أما باقي المجرمين فهم من جنسيات مختلفة».

إلى ذلك، أعلن النائب العام بالعاصمة، بلقاسم زغماتي، عن فتح تحقيق في ظروف ووقائع أحداث محطة الغاز.

وهاجم «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، وهو أبرز أحزاب المعارضة الجزائرية، السلطات «بسبب تعاملها السيئ مع الأحداث التي بينت قصور السياسة الأمنية التي تركز على مراقبة وقمع الحركات السياسية والاجتماعية».

وذكر الحزب في بيان أمس «أن التسيير الإعلامي الكارثي الذي لاحظناه ناتج عن عادة التعتيم التي تقصي المواطن، وعن الخوف من انكشاف عيوب السلطة في وضح النهار».

وأضاف الحزب العلماني «أن المجموعة الإرهابية التي جرى استقبالها في الجزائر بحفاوة (حركة أنصار الدين) كانت العنصر الذي فجر الحملة العسكرية الفرنسية»، وانتقد «عدم قانونية» الترخيص للطيران الحربي الفرنسي للتحليق فوق الأجواء الجنوبية للجزائر لضرب مواقع الإسلاميين شمال مالي.