أوباما يؤدي القسم لأربع سنوات أخرى

في أجواء احتفالية في واشنطن

أدى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، القسم الدستوري لولاية رئاسية ثانية، بحضور زوجته وابنتيه، خلال حفل بسيط في البيت الأبيض، أمس (إ.ب.أ)
TT

في أجواء احتفالية جمعت مناسبات سياسية مع أعمال خيرية، وحفلات حتى الساعات الأولى من الصباح، وتوافد قرابة مليون شخص على واشنطن، وفخر واضح وسط السود وأقليات أخرى في المجتمع الأميركي، أدى الرئيس باراك أوباما القسم الرئاسي لأربع سنوات أخرى.

ينص الدستور الأميركي على أن يؤدي الرئيس اليمين يوم 20 يناير (كانون الثاني) الذي يلي الانتخابات الرئاسية التي تعقد في أول يوم ثلاثاء في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) كل أربع سنوات.

وعلى الرغم من الأجواء الاحتفالية، قل الإقبال والحماس عما كانت عليه قبل أربع سنوات، عندما هز أوباما تاريخ أميركا وصار أول رئيس أسود. وأيضا، وسط حماس من الشباب، قل هذه المرة بعد أن صار واضحا أن أوباما لم ينفذ كل وعوده خلال الحملة الانتخابية في سنة 2008. وأن مشاكل أميركا الاقتصادية والسياسة والاجتماعية تظل صعبة ومعقدة. وأشارت مصادر أميركية إلى أن المعركة الانتخابية المريرة في العام الماضي، والتي صرف خلالها السياسيون ملياري دولار، وكان ذلك رقما قياسيا في تاريخ أميركا، بالإضافة إلى تبادل اتهامات شخصية بين السياسيين، قللت من حماس الأميركيين للمناسبة هذه المرة.

أمس أدى اليمين الدستورية رسميا في البيت الأبيض في الساعة 11.55، في «بلو روم» (الغرفة الزرقاء) التاريخية الفخمة في الطابق الأرضي من البيت الأبيض، أمام رئيس قضاة المحكمة العليا جون روبرتز، بحضور عائلته كشاهدة في مراسم مقتضبة نقلت مباشرة على الهواء عبر قنوات التلفزيون. وقبل ذلك بثلاث ساعات، أدى جو بايدن قسم نائب الرئيس في مقره الرسمي بحضور سونيا سوتومايار، قاضية المحكمة العليا، وهي من أصول لاتينية، وكان أوباما عينها في منصبها قبل سنتين.

ولأن يوم 20 يناير صادف يوم أحد، فإن اليوم، الاثنين، سيؤدي أوباما القسم مرة أخرى خارج مبنى الكونغرس، في مواجهة «ناشونال مول» (الميدان الرئيسي). ثم يلقى خطاب رئاسته الثانية أمام حشود كبيرة. وقالت مصادر إخبارية أميركية إنه، خلال مراسم التنصيب للولاية الأولى لأوباما في يناير عام 2009، تدفق قرابة مليوني شخص إلى أمام الكونغرس. لكن، يقدر المنظمون عدد الذين سيتوافدون إلى المكان اليوم بنصف أو حتى ثلث هذا العدد. ومساء السبت، عندما بدأت الاحتفالات الرسمية، اشترك الرئيس أوباما وزوجته ميشيل في برنامج تطوعي وطني، وذهبا إلى مدرسة أولية، واشتركا في نظافة فصول، وطلاء بعضها. وفي الوقت نفسه، اشترك وزراء ومسؤولون كبار في نشاطات تطوعية في عدة مناطق في واشنطن، وفي الولايات.

وقبل بدء اليوم التطوعي قال أوباما لمجموعة من المتطوعين: «إن هذا اليوم مخصص لمارتن لوثر كينغ، زعيم الحقوق المدنية، الذي يصادف عيد ميلاده الثلاثاء المقبل، والذي تحتفل البلاد به في ثالث يوم اثنين من شهر يناير من كل عام». وأضاف: «كل شخص يريد أن يكون الأول. لكن، على الجميع أن يكونوا الأوائل في الخدمة، وفي العدالة، وفي رعاية الآخرين».

واليوم، بعد القسم، سيسلك أوباما، وزوجته ميشيل، شارع بنسلفانيا، الذي يربط الكونغرس بالبيت الأبيض، قبل المشاركة في عرض كبير من المنصة الموضوعة أمام البيت الأبيض.

ومنذ يوم الجمعة، زاد عدد السواح والوافدين نحو واشنطن، وظهرت إجراءات أمنية مشددة في شوارع قلب المدينة. وأمس (الأحد)، انتشرت آلاف الشرطة في كل شارع وعلى كل زاوية تقريبا في قلب المدينة. وطارت طائرات هليكوبتر تابعة للشرطة في المنطقة طول اليوم. وأيضا، ظهرت قوارب الشرطة على نهر بوتوماك الذي يجري على طول المدينة، ويفصلها عن البنتاغون وولاية فرجينيا. وشوهدت الشرطة على خيول، ومع كلاب تبحث عن متفجرات.

ويتوقع أن يتكرر ذلك اليوم الاثنين. وأن يشارك أكثر من 13 ألف عسكري في العرض الذي سيمر أمام البيت الأبيض. وتنتشر الكاميرات الأمنية في كل مكان في الميدان أمام الكونغرس، وشارع بنسلفانيا، وأمام البيت الأبيض. ويتوقع أن يخضع المشاركون لحملات أمنية لتدقيق هوياتهم، والتفتيش على محتويات ما يحملون. وتمركز قناصة على أسطح جميع المباني الكبرى في المنطقة. وأكد مسؤول في الشرطة: «نحن مستعدون». وأشار إلى أن التدريب بدأ منذ أشهر لمواجهة أي مشكلة قد تظهر.

وقال مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) لشؤون مكافحة الإرهاب، مايكل كلانسي، لوكالة الأنباء الألمانية: «التهديد الأكبر الذي يؤرق ليلنا هو المهاجم المنفرد الذي قد لا ترصده راداراتنا. يؤرقنا الذين يعانون مشاكل اجتماعية، وأشباه تيموثي ماكفاي» (إشارة إلى مرتكب هجوم أوكلاهوما عام 1995 الذي أسفر عن مقتل 168 شخصا وجرح 680).

وقال ستيفن سامرز، مسؤول إحدى الشركات الأمنية الخاصة المشاركة في الإجراءات: «أي مهاجم منفرد يشكل تهديدا هائلا». وأوضح: «من الصعب جدا توقيف الإرهابيين المنفردين، على الجميع في قوات الأمن أن يكونوا مستعدين في هذا اليوم». وقال نائب رئيس شركة «آلايد بارتون» الأمنية، التي تحمي البنك الدولي، وصندوق النقد العالمي: «سيكون من الجنون أن يحاول أي شخص في هذا اليوم القيام باعتداء، وذلك بسبب عدد عناصر الشرطة الضخم لكن، يبقى القلق». ويحافظ المسؤولون على سرية كاملة عن سائل الأجهزة الأمنية، وخططها. وفي مكان سري في ضواحي واشنطن، يراقب مركز الوضع على الأرض في قلب واشنطن، عبر نقل تلفزيوني ولاسلكي حي.

ويشرف «سيكريت سيرفس» (جهاز الأمن الرئاسي السري) على الجهاز الأمني الذي يشارك فيه مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي)، وشرطة واشنطن، وشرطة الكونغرس، وشرطة الحدائق العامة، والحرس الوطني، وشرطة القوات المسلحة، بالإضافة إلى أكثر من أربعين وكالة وهيئة وشركة أمنية.

اليوم الاثنين، يدخل أوباما التاريخ مرة أخرى بأدائه القسم، ليصبح الرئيس الثاني، بعد فرانكلين روزفلت، الذي يؤدي اليمن أربع مرات، وسابع رئيس يؤدي اليمين لولاية ثانية في يوم أحد الذي هو عطلة رسمية. وكان أوباما أدى القسم مرتين عام 2009 لأن رئيس القضاة روبرتس أخطا في ترتيب تلاوة كلمات اليمن في القسم الرسمي في أول مرة. في ذلك الوقت، على الرغم من أن اليمين كان قانونيا، أعيدت مراسم القسم مرة أخرى في اليوم الثاني بشكل خاص للتأكد من صحته. لهذا، سيتساوى أوباما مع روزفلت، على الرغم من أن روزفلت ترشح ثلاث مرات، قبل تعديل الدستور، وتحديد رئاستين كحد أقصى.