مكتب المفتش العام الأميركي لبرنامج إعادة إعمار العراق مهدد بالغلق

تفويضه وتمويله ينتهيان في مارس رغم أن تحقيقاته في الفساد لم تنتهِ

TT

أرسل جورج لي، المقاول الذي كان مقيما في الكويت ويعمل لصالح وزارة الدفاع الأميركية ويجني ملايين الدولارات كلما غاصت الولايات المتحدة أكثر في المستنقع العراقي، رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى ضابط برتبة ميجور في الجيش كانت مهمته منح العقود في بغداد، محذرا إياه من زيارتها.

وذكر لي في واحدة من كنز الرسائل والمكالمات الهاتفية التي تم اختراقها: «لا يريد أحد منا أن ينظر العم سام أو أي شخص آخر إلى ما لا ينبغي أن ينظر إليه». وقد أماطت هذه الرسائل والمكالمات اللثام عن أكبر عملية احتيال في تاريخ الحروب في كل من العراق وأفغانستان. وتم توجيه اتهامات إلى 22 شخصا حتى هذه اللحظة واستعادة 67 مليون دولار في إطار التحقيقات المستمرة في هذه العملية.

مع ذلك تتعرض الوكالة، التي لا يعرف عنها الكثير، والتي كان لها الفضل في اكتشاف عملية الاحتيال، لاحتمال غلق أبوابها رغم أن لي لا يزال هاربا ولم يتم الانتهاء من 91 تحقيقا جنائيا في اختفاء أموال إعادة الإعمار.

ومن المقرر أن ينتهي التفويض الممنوح لـ«مكتب المفتش العام المتخصص بإعادة إعمار العراق»، الذي تأسس في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2004، وكذلك التمويل الممنوح له، في مارس (آذار) المقبل. وسيمثل هذا نهاية محاولات توثيق وإصلاح الإخفاقات الكثيرة لأكبر عملية إعادة إعمار في العراق منذ خطة مارشال. ويعد مدى إساءة العسكريين لاستغلال مناصبهم خلال الحرب جزءا من إرث الصراع المكروه الذي لم يلحظه أحد. وقال ستيوارت بوين، مدير المكتب: «إنهم أقلية، لكنها أقلية فاضحة. تم اكتشاف الكثير من هذه الحالات في قلب عملية إعادة الإعمار، التي كان ينظر إليها بأنها أخفقت في تحقيق أهدافها».

ونتج عن التحقيقات الجنائية التي أجراها المكتب بمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي وجهاز الكسب الداخلي وأجهزة فيدرالية أخرى، اتهام 81 شخصا من بينهم 47 من العسكر. وينتظر بعض المتهمين المثول أمام المحكمة. كما تمكنت السلطات من استعادة أكثر من 189 مليون دولار.

ومن غير المرجح أن يدهش أي شخص عمل في العراق، خلال الأيام التي شهدت أكبر إنفاق على إعادة الإعمار، من الإغراء المالي الذي تعرض له الكثيرون. وكان المسؤولون الأميركيون ينظرون إلى النقود كـ«سلاح» يستطيعون به شراء النية الطيبة وبناء تحالفات واستعداء متمردين. وكانت هناك كميات كبيرة منه في حقائب وصناديق. ومع الفكر السائد بأن الإشراف كان متراخيا، رأى الكثيرون فرصة لا تتكرر. وقال دانييل ويلكينز، رئيس التحقيقات: «كان الحصول على الكثير من المال متاحا آنذاك».

كذلك أدانت السلطات مدنيين في قضايا شهيرة، ومنهم روبرت بوردا، الرئيس السابق لمكتب معهد السلام الأميركي في بغداد، الذي يحصل على تمويل من الكونغرس، لتورطه في مؤامرة اتصال خلال العام الماضي. واعترف بأنه كان يحصل على 20 ألف دولار شهريا في إطار عقد أمني تم تقديمه إلى مقره. واضطرت جيل آن تشابيا، وهي من المتعاقدين مع وزارة الدفاع الأميركية، خلال العام الماضي إلى التخلي عن وظيفتها في قاعدة عسكرية أميركية في أفغانستان بعد إدانتها بالكذب على المحققين الفيدراليين الذين قالوا إنها حصلت على ما يزيد على 1.2 مليون دولار بعد تقديمها فواتير زائفة خاصة بالعمل الذي تم الاستعانة بها للقيام به في العراق عام 2008.

قد تسفر بعض التحقيقات المفتوحة عن إدانات قبل إغلاق المؤسسة كما أوضح مسؤولون. وصرحت المؤسسة بأنها تعمل مع مشرعين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ أملا في أن يستطيع الكونغرس توفير المال اللازم لاستمرار عمل فريق التحقيقات المكون من 21 شخصا حتى آخر العام الحالي. وإذا فشلت هذه المساعي فمن المرجح أن يتوقف عدد من القضايا المفتوحة لأنه لن تصبح لها الأولوية بالنسبة إلى هيئات تطبيق القانون الفيدرالية.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»