مرسي يصلي في مسجد باريس الكبير بداية فبراير

فرنسا تريد تحديد خريطة طريق للتعاون مع القاهرة

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية واسعة الاطلاع أن الرئيس المصري محمد مرسي سيقوم بزيارة رسمية إلى باريس في الأول من الشهر المقبل، في إطار جولة أوروبية سيبدأها من ألمانيا. وأعد للرئيس المصري الذي يزور باريس كرئيس لمصر للمرة الأولى برنامج حافل يتضمن لقاء مع الرئيس فرنسوا هولاند الذي التقى مرسي للمرة الأولى في نيويورك على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، ورئيس الحكومة والوزراء المعنيين، فضلا عن اجتماع عمل مع رؤساء شركات ورجال أعمال فرنسيين دعا إليه اتحاد أرباب العمل. وقالت مصادر فرنسية إن باريس «جاهزة للعمل مع الرئيس المصري (الذي ينتمي لحركة الإخوان المسلمين) وحكومته، لكن هذا التعاون يفترض توفر عدد من الشروط» التي تريد ضمانات بشأنها.

وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن المسؤولين الفرنسيين يعتبرون زيارة مرسي «مهمة»، وهم راغبون في أن «تعود مصر لتلعب دورا مؤثرا في المسائل الإقليمية التي غابت عنها القاهرة»، الأمر الذي أحدث اختلالا في شبكة العلاقات والتأثيرات في المنطقة. وتريد باريس أن تتفق مع القاهرة على «خريطة طريق» من أجل إعادة تفعيل العلاقات الثنائية والتعاون الإقليمي والدولي. وتتضمن الخريطة «الخارجية» إقامة «أجندة بناءة» تتناول الوضع في سوريا ومسار السلام في الشرق الأوسط وموضوع غزة والملف النووي الإيراني والعلاقة مع طهران. أما في الموضوع الداخلي، فسيعمد المسؤولون الفرنسيون إلى التشديد على تمسكهم بأن يروا النظام في مصر يحترم القاعدة الديمقراطية وأن يوفر الضمانات لـ«الأقليات» السياسية والإثنية، أي التيارات المصرية المعارضة المختلفة والأقباط. ورغم أن باريس تعي أن القاهرة «بالغة الحساسية» إزاء كل ما يتعلق بالوضع السياسي الداخلي، غير أنها تعتبر أن المبادئ التي عبرت عنها «يجب أن تحترم».

وتنتمي مصر إلى «الشراكة الاستراتيجية» التي أقيمت شتاء عام 2011 بين مجموعة الثماني للدول الأكثر تصنيعا، وبلدان الربيع العربي. وأعربت الدول الثماني عن استعدادها للوقوف إلى جانب البلدان المعنية «التي تضم تونس ومصر والأردن وليبيا» في سعيها على درب الديمقراطية. لكن حتى الآن، لم يخرج أي شيء ملموس من هذه الشراكة بسبب «الهزات المتواصلة» التي تعرفها هذه البلدان، علما أن الدول الثماني «تعي» حاجة مصر وتونس للدعم الاقتصادي والمالي لمواجهة الفقر وتوفير فرص العمل وتحسين الوضع الاقتصادي. وبعكس واشنطن ولندن اللتين اتبعتا مبدأ «الواقعية السياسية» (ريالبوليتيك) في تعاملهما مع مصر، فإن باريس تعتبر أنها «حريصة» على تأكيد المبادئ العامة التي تريد أن تحكم علاقاتها بهذا البلد. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجانب المصري طالب بأن يعقد الرئيسان هولاند ومرسي مؤتمرا صحافيا مشتركا في قصر الإليزيه ولم يمانع الطرف الفرنسي بداية.. غير أنه لفت نظر الجانب الأول إلى أن الصحافة ستثير من غير شك موضوع الفيديو الذي يعود لعام 2010، والذي عمم بداية الشهر الجاري وفيه يتحدث مرسي عن اليهود بشكل جارح. وترى فرنسا أن هذا المؤتمر في حال عقده «سيثير تعقيدات» بالنسبة للرئيس الضيف.

وفي المقابل، لم تمانع باريس أن يذهب الرئيس المصري للصلاة في مسجد باريس الكبير بمناسبة وجوده في فرنسا. ويدير المسجد الدكتور دليل بوبكر، وهو طبيب من أصل جزائري.

ورغم تقارب الموقفين الفرنسي والمصري بشأن الخطوط العريضة لمسائل الشرق الأوسط، لكن هناك بعض الاختلافات بينهما.. ففي الموضوع السوري مثلا، ترفض القاهرة، بعكس باريس، الاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلا وحيدا للشعب السوري. وفي الموضوع الإيراني، فتحت القاهرة الباب لحوار وتعاون مع طهران، بينما تتبع فرنسا سياسة متشددة تجاهها بسبب ملفها النووي وما انفكت تدعو لتشديد العقوبات الاقتصادية عليها. أما في موضوع السلام، فإن باريس متمسكة باتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل وترغب في استمرار النظام الجديد العمل بها واحترام بنودها.