قيادي في «تحرير أزاواد» : «القاعدة» موجودة في الإقليم منذ 12 عاما بتواطؤ مع نظام باماكو

الحركة تبحث عن موطئ قدم بعد أن فرضت عليها الجماعات المسلحة العزلة

موسى أغ أساريد (أ.ف.ب)
TT

قال موسى أغ أساريد القيادي البارز في الحركة الوطنية لتحرير أزاواد، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة على اتصال مع المجموعة الدولية، بما في ذلك فرنسا، من أجل التنسيق لمحاربة المجموعات الإرهابية في إقليم أزاواد (شمال مالي).

وأعلن أغ أساريد من باريس، في تصريحات هاتفية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحركة الوطنية لتحرير أزاواد تريد التفاوض مع الحكومة المالية من أجل الوصول إلى حل سياسي، لأنها هي التي طرد الجيش وجميع مظاهر الإدارة المالية من أزاواد، أما (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) فهي موجودة منذ 12 عاما في أزاواد بالتواطؤ مع النظام في باماكو».

وكانت الحركة الوطنية لتحرير أزاواد، ذات التوجه العلماني، قد أعربت، مطلع الأسبوع الماضي، عن استعدادها المشاركة إلى جانب القوات الفرنسية في محاربة الجماعات الإسلامية المسلحة في شمال مالي، وهو ما اعتبره أغ أساريد «غير جديد، حيث كنا دائما نحارب الإرهاب، وكثيرا ما اقترحنا على المجموعة الدولية ضرورة التعاون معنا في هذا الإطار».

وتعتبر الحركة الوطنية لتحرير أزاواد نفسها «الممثل الشرعي» لسكان إقليم أزاواد، وذلك بعد أن تشكلت سنة 2011، إثر تحالف بين عدد من المتمردين الطوارق العائدين من ليبيا بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، وبادرت إلى إطلاق شرارة التمرد في شمال مالي يوم 17 يناير (كانون الثاني) 2012، عندما هاجمت قواتها الجيش المالي، وألحقت به عددا من الهزائم.

غير أن دخول الجماعات الإسلامية المسلحة على الخط، مثل حركة أنصار الدين وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قلب المعادلة في الإقليم، حيث دب الخلاف سريعا بين الحركة الوطنية لتحرير أزاواد، التي تطالب بإقامة دولة في «أزاواد» والجماعات الإسلامية التي تسعى إلى تطبيق ما ترى أنه «الشريعة الإسلامية» في الإقليم ذاته، مع تكفير أصحاب الطرح «العلماني والوطني».

وعلى الرغم من أن الحركة أعلنت استقلال «أزاواد» من جانب واحد منتصف العام الماضي، فإن الجماعات الإسلامية المسلحة، وعلى رأسها جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، تمكنت من إلحاق هزائم كبيرة بالحركة، التي انسحبت من كبريات المدن، قبل أن يسلم مؤخرا عشرات من مقاتليها أسلحتهم للسلطات الموريتانية مقابل السماح لهم بالاستقرار في مخيمات اللاجئين بالشرق الموريتاني.

وفي تلك الأثناء، قامت الحركة بجمع فلولها في مدينة تنزواتين المالية، غير بعيد من الحدود الجزائرية، وبدأ موقفها من الاستقلال يتغير بالتوازي مع المشاركة في مفاوضات نظمت في وغادوغو، برعاية من بوركينا فاسو، التي شاركت فيها الحكومة المالية وجماعة أنصار الدين الإسلامية.

وتوقفت المفاوضات مع اندلاع الحرب في مالي منذ أكثر من 10 أيام، وهو توقف يرى أغ أساريد أنه «غير مبرر لأن المفاوضات يجب أن تستمر بالتوازي مع العملية العسكرية التي يشنها الجيش الفرنسي في مالي، وذلك حسب توصيات القرار 2085 الذي صادق عليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2012».

ويعتقد أغ أساريد أن «هذه المفاوضات ضرورية جدا لأن الصراع في أزاواد أسبابه سياسية، ويجب على المجموعة الدولية أن تجد له حلا سياسيا في أسرع وقت ممكن، وإلا فإنه لن يوجد أي سلام، حتى ولو تمكن التدخل العسكري من طرد مجموعات الإرهابيين ومهربي المخدرات من المدن»، مشيرا في ذلك السياق إلى أن «الحركة الوطنية لتحرير أزاواد وحدها القادرة على تأمين الإقليم، وبالتالي فإن تجاهلها سيكون خطأ فادحا يؤثر على الحاضر والمستقبل».

وأكد أغ أساريد، وهو أيضا أحد مثقفي الطوارق، وكاتب متخصص في قضايا الساحل الأفريقي، أن «الحركة الوطنية لتحرير أزاواد تعرف جيدا الأرض وتقنيات الحرب في الصحراء، كما أنها تتمتع بتأييد السكان المحليين لأنها تحمل مطالبهم».

ولكن بعض المراقبين يرون أن الحركة تفتقر إلى الإمكانيات والسلاح، وأن الجماعات الإسلامية المسلحة استطاعت أن تعزلها عندما قطعت عنها الإمداد بالوقود من خلال شبكات التهريب التي تنشط في المنطقة، مؤكدين أن مقاتلي الحركة يتمتعون بالخبرة القتالية ولكن تنقصهم الوسائل لمواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة، مما جعلهم على الهامش في الصراع الحالي، بينما يرى أغ أساريد أن «الحركة الوطنية لا يمكنها أن تتدخل فيما يجري الآن في منطقة أزاواد، نتيجة لحرصها على تماسك شعبها وتحقيق مطالبه بتقرير المصير»، مشيرا إلى أنهم في الحركة «قلقون جدا على مصير المدنيين من الطوارق والعرب في أزاواد الذين سيكونون أول ضحايا الجيش المالي المدعوم من طرف الأفارقة والفرنسيين».

وفي نفس السياق، أشار أغ أساريد إلى أن «الصراعات ما بين الأزاواديين والسلطات في باماكو تركت جراحا لا تزال (طرية)، جراء مذابح استهدفت المدنيين لانتمائهم العرقي، ولكن المجموعة الدولية لم يسبق لها أن حققت العدالة للضحايا»، مضيفا أن «الجيش المالي أعدم بشكل وحشي اثنين من المدنيين الطوارق يوم 16 يناير (كانون الثاني) الحالي، غير بعيد من نيونو في منطقة سيغو المالية».

وخلص أغ أساريد، وهو أيضا مسؤول إعلامي سابق في الحركة إلى القول إن «فرنسا تتحمل جزءا من المسؤولية في كل جرائم حقوق الإنسان التي سيتم ارتكابها خلال تدخلها العسكري في أزاواد».