2.27 مليون أردني ينتخبون اليوم مجلسا نيابيا تمهيدا لمرحلة الحكومات البرلمانية

47 ألفا من قوات الأمن و34 ألفا من العاملين لإدارة وحماية العملية الانتخابية

مسؤولو انتخابات يتأكدون من قوائم الأسماء الخاصة بمن لهم حق الانتخاب في أحد مراكز الاقتراع بعمان أمس (أ.ف.ب)
TT

وسط إجراءات أمنية مشددة يشارك فيها عشرات الآلاف من رجال الأمن والشرطة، يتوجه نحو 2.27 مليون أردني صباح اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس النواب السابع عشر المكون من 150 مقعدا، منها 27 للدائرة العامة بنظام القوائم، و123 مقعدا للدوائر المحلية المتضمنة 15 مقعدا للكوتا النسائية، و12 مقعدا للبدو، و9 مقاعد للمسيحيين، و3 مقاعد للشركس أو الشيشان.

ويتنافس على هذه المقاعد 1425 مرشحا ومرشحة، منهم 606 في الدوائر المحلية، من بينهم 105 سيدات، و819 في الدائرة العامة (القوائم الوطنية)، بينهم 86 سيدة ضمن 61 قائمة تضم 13 حزبا وسطيا و4 أحزاب يسارية. ويقاطع هذه الانتخابات 6 أحزاب في مقدمتهم حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ومنها أيضا الحزب الشيوعي الأردني، والوحدة الشعبية، والوطني الدستوري، والحياة الأردني، والعدالة والإصلاح، والأخير مقاطع عملية الترشيح وترك للأعضاء حرية الانتخاب.

وحسب إحصائية للهيئة المستقلة للانتخاب فقد بلغ عدد الذين سجلوا أسماءهم للمشاركة في الانتخابات النيابية مليونين و272 ألف و182 ناخبا وناخبة، منهم مليون و93 ألفا و318 ناخب بنسبة 48 في المائة، ومليون و178 ألفا 864 ناخبة (52 في المائة)، وهذه الأرقام تشكل نحو 70 في المائة من الأشخاص الذي يحق لهم الاقتراع، البالغ عددهم 3.1 مليون شخص بعد أن تم إسقاط أسماء العاملين في الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة الأردنية والمغتربين في الخارج الذين لا يحق لهم الاقتراع، ويقدر عددهم بنحو 600 ألف نسمة.

ويشرف على عملية الانتخابات 45 لجنة للدوائر الانتخابية ويعمل فيها 180 شخصا، إضافة إلى 4069 لجان اقتراع وفرز، ويعمل فيها 24 ألفا و414 شخصا، وكذلك 470 لجنة اقتراع وفرز احتياط ويعمل فيها 2820 شخصا و75 مدققا ومحاسبا في اللجنة الخاصة و4500 متطوع لتقديم المساعدة للمقترعين، حيث يصل العدد الإجمالي للعاملين والمشرفين على عملية الانتخاب إلى أكثر 37 ألف شخص.

ويشرف على مراقبة عملية الاقتراع نحو 7 آلاف مراقب محلي، إضافة إلى 9 هيئات بعثات رقابة دولية، و13 جهة من السفارات والمنظمات الدولية؛ ليصل عددهم إلى 519 مراقبا.

وخصصت الهيئة المستقلة 1484 مركزا للاقتراع والفرز تضم 4069 صندوقا، منها 2012 للذكور و2059 للإناث، كما خصصت الهيئة 45 مركزا لتجميع النتائج في مختلف أنحاء البلاد.

من جانبه قال المركز الإعلامي لمديرية الأمن العام الأردنية إن 47 ألفا من قوات الأمن والدرك تقوم بمهام حماية وتأمين سلامة مراكز الاقتراع والفرز بدأت منذ فجر أمس بتسلم واجبها بتأمين الحراسة اللازمة لتلك المراكز بعد إتمام أعمال المسح الأمني والهندسي لـمراكز الاقتراع والفرز لضمان عدم وجود ما يؤثر أو يعرقل سير العملية الانتخابية.

وأضاف المركز الإعلامي أن الواجب الرئيسي لتلك القوة سيتركز على تأمين الحماية لمداخل مراكز الاقتراع والفرز ومحيطها، لضمان دخول الناخب إلى صندوق الاقتراع والإدلاء بصوته دون معوق، والتأكد من عدم وجود ما يخالف القانون داخل أو خارج أسوار اللجان.

وتابع القول بأن القوة الشرطية المشاركة ستقوم أيضا بتنفيذ كل ما يصدر لها من أوامر عن مندوبي الهيئة المستقلة للانتخاب ورؤساء لجان الاقتراع فيما يخص أي مخالفة قانونية وإجراء الضبط القضائي حيالها، إضافة إلى التنسيق مع موظفي الهيئة المستقلة للانتخاب حول تسهيل مهمة وسائل الإعلام والمراقبين الدوليين والمحليين المصرح لهم بالدخول لمراكز الاقتراع والفرز للقيام بواجبهم بكل حرية وشفافية.

وكانت الهيئة المستقلة للانتخاب المشرفة على الانتخابات النيابية للمرة الأولى في الأردن قد انتهت من كل الاستعدادات الفنية والإلكترونية والتشريعية لإجراء الانتخابات بشفافية ونزاهة، حيث ستستخدم للمرة الأولى الحبر المميز على الأصابع لمنع عمليات تكرار الاقتراع، كما ستقوم بأخذ البطاقة الانتخابية من الناخب عند الانتهاء من عملية التصويت.

ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات تعد محطة أساسية على خريطة طريق الإصلاح السياسي في الأردن، وامتحانا ديمقراطيا ينتظره الأردنيون كافة، وذلك بعد مرور أكثر من عامين على الحراكات والمسيرات السلمية في البلاد اللذين تراكمت خلالهما إصلاحات سياسية ودستورية واسعة على إيقاع الشارع الأردني المطالب بتسريع وتيرة تلك الإصلاحات ومكافحة الفساد والمفسدين.

وأشارت الهيئة المستقلة للانتخاب إلى أنها هيأت كل الظروف التي تتيح لوسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة التي يبلغ عدد مندوبيها نحو 1594 صحافيا وإعلاميا محليا وعربيا ودوليا، لتغطية العملية الانتخابية.

وكانت الهيئة المستقلة قد حولت إلى القضاء 6 مرشحين بعد أن طفت على السطح ظاهرة «المال السياسي» قبل أيام على إجراء الانتخابات، إذ قرر المدعي العام توقيف أربعة منهم ثبت بالأدلة والبراهين أنهم يقومون بعملية شراء الأصوات الذي يعاقب عليه القانون بالسجن من سنة إلى سبع سنوات.

ولم تفوت أحزاب المعارضة فرصة الكشف عن عدة قضايا شراء للأصوات وحجز بطاقات انتخابية للتأثير على الناخبين، دون أن تشكك في مصداقية هذه الانتخابات، معتبرة أن «ما يحدث هو تضحية ببعض المرشحين، لمنح شهادة حسن سلوك للانتخابات».

وتتحمل الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن المشرفة على الانتخابات للمرة الأولى بعدما نص على وجودها ضمن التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس النواب السادس عشر المنحل، مسؤولية استعادة الثقة الشعبية في المؤسسات البرلمانية والانتخابات النيابية بعد أن تعرضت تلك المصداقية لتجاوزات وانتهاكات مكشوفة، وفق ما جاء في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالأردن.

وتجري الانتخابات النيابية المقبلة وسط مقاطعة من أكبر الأحزاب الأردنية المعارضة، وفي مقدمتها حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) والجبهة الوطنية للإصلاح التي أعلنت المقاطعة احتجاجا على نظام الصوت الواحد والمطالبة بإقرار قانون انتخاب مختلط (50 في المائة قائمة وطنية و50 في المائة دوائر فردية) يمنح الناخب حق انتخاب عدد مساو لعدد مقاعد دائرته.

وأكد رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور أن الانتخابات النيابية ستكون نزيهة ونظيفة، ولن يكون للحكومة والدولة بكل أجهزتها تدخل مباشر أو غير مباشر به، مشيرا إلى أن الهيئة المستقلة للانتخاب هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة الانتخابات والإشراف عليها، معتبرا أن الهيئة وانفتاحها على المنظمات والجهات المحلية والدولية لمراقبة الانتخابات يدل بشكل حاسم على ثقة الدولة الأردنية بنفسها وبنزاهة الانتخابات.

ومن المقرر أن تتقدم الحكومة باستقالتها إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كعرف دستوري بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية بنحو أسبوع.

وكان عبد الله الثاني قد أكد في الورقة النقاشية الثانية ضمن سلسلة أوراق ينشرها لعرض رؤيته لمسيرة الإصلاح الشامل في الأردن، أن بلاده ستباشر في إطلاق نهج الحكومات البرلمانية فور انتهاء الانتخابات النيابية المقبلة، ومن ضمنها كيفية اختيار رؤساء الوزراء والفريق الوزاري.

وتراهن السلطات الأردنية على هذه الانتخابات لتمثل المدخل الحقيقي لتشكيل حكومة برلمانية، لكن الكثير من المراقبين يتوقعون أن تواجه هذه الخطوة بعض الصعوبات، خاصة أن نظام القائمة الذي تم اعتماده لأول مرة، لا يسهل بروز ائتلاف أغلبية واضح من الكتل النيابية، حيث جاء عدد القوائم الحزبية الصرفة قليلا جدا، بينما جاء الكثير منها هجينة تضم مرشحين حزبيين وآخرين مستقلين، ليبقى العمل بالقوائم الانتخابية بمثابة «تمرين وطني، في انتظار الوصول إلى مرحلة القوائم الحزبية البرامجية».

ورفع مشروع القانون المعدل للانتخابات الذي صادق عليه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في 23 يوليو (تموز) الماضي، عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية من 17 إلى 27 مقعدا، إضافة إلى 108 مقاعد للدوائر الانتخابية المحلية، إلى جانب تخصيص 15 مقعدا للكوتا النسائية؛ ليرتفع بذلك عدد أعضاء مجلس النواب الأردني السابع عشر المقبل إلى 150 عضوا مقابل 120 في المجلس السابق.

ويعتبر عدد المرشحين في هذه الانتخابات النيابية الأكبر حتى الآن، حيث سبق أن ترشح لانتخابات عام 2010 نحو 760 مرشحا تنافسوا على 120 مقعدا، فيما ترشح في انتخابات 2007 ما يقرب من 880 مرشحا للتنافس على 110 مقاعد، في حين تنافس بانتخابات 2003 ما يقرب من 760 مرشحا، وفي انتخابات عام 1997 ترشح 540، وفي انتخابات 1993 ترشح 530، وفي انتخابات 1989 ترشح 647 تنافسوا للفوز بـ80 مقعدا.

وتجري الانتخابات النيابية في الأردن بحسب الدستور مرة كل أربع سنوات، علما بأن الانتخابات الأخيرة كانت قد جرت عام 2010 بعد أن قرر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حل البرلمان.