وزير الخارجية السعودي: ضمير القادة العرب هو الضمانة الوحيدة لتنفيذ توصيات القمة

وزير المالية السعودي يكشف عن اجتماع لدعم الحكومة الفلسطينية

الأمير سعود الفيصل متوسطا نبيل العربي ووزير المالية السعودي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد انتهاء أعمال القمة (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

طالب الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، المجتمع الدولي ومجلس الأمن، بضرورة اتخاذ إجراءات عملية وسريعة، تشتمل على إيجاد شكل من أشكال الحل المناسب للأزمة السورية، في ظل تصاعد العمليات القتالية المتزايدة في حق الشعب السوري.

وقال الأمير سعود الفيصل: «إن الحكومة السورية تعنتت ورفضت كل أشكال الحلول الدبلوماسية المتاحة والمفضية إلى حل للأزمة»، مبينا أنها رفضت أيضا كل مناشدات وقرارات مجلس الأمن، مبررة أفعالها بأنها تحارب إرهابيين.

وأقر وزير الخارجية السعودي لدى حديثه في مؤتمر صحافي عقده بمناسبة اختتام قمة الرياض الاقتصادية الاجتماعية، أمس (الثلاثاء) في الرياض بمشاركة نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، والدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية السعودي، بخيبة أمل كبيرة أصابت روح العمل العربي تجاه الأزمة، مبينا أن بلاده قادت أكثر من مرة محاولات بشأن التدخل.

وشدد الفيصل على ضرورة بحث سبل ناجعة تصنع حلولا مرضية للشعب السوري والأمة العربية، سواء أكانت عبر دول مجلس التعاون الخليجي أم عن طريق الجامعة العربية أم مجلس الأمن أم حتى بشكل مستقل، طالما يصل بسوريا إلى بر الأمان.

ولم يخف وزير الخارجية السعودي، الذي كان يتحدث في المؤتمر الصحافي بمناسبة اختتام قمة الرياض الاقتصادية التنموية الاجتماعية، حزنه الشديد تجاه المشاهد الدموية الموجعة التي روعت الشعب السوري، بالإضافة إلى الدمار الذي لحق بالعاصمة السورية دمشق، وتدمر خلالها تاريخها العريق.

وأوضح الفيصل أن أهمية هذه القمة تأتي من كونها جاءت في ظروف وأحداث ومتغيرات شهدتها الساحة العربية على مدى العامين السابقين، ووصفها بأنها ظروف من الصعوبة بمكان إغفال جوانبها التنموية، والاقتصادية، والاجتماعية.

وانطلاقا من هذا الواقع وفق الفيصل، حرصت القمة على أن تكون قراراتها على مستوى طموحات الشعوب العربية، مؤكدا أن تحقيقه يتطلب توافر الجدية والمصداقية في تطبيق القرارات التي خرجت بها. وأضاف: «ضمير القادة العرب هو الضمانة الوحيدة لتنفيذ الالتزامات والتوصيات التي أقرتها القمة».

وأكد أن حرص خادم الحرمين الشريفين على ضرورة الدفع بجهود التنمية العربية، وتحقيق المنفعة المباشرة والآنية للمواطن العربي، وراء مبادرته التي تقدم من خلالها بزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية، والشركات العربية المشتركة القائمة، بنسبة لا تقل عن 50 في المائة.

ولفت إلى أن هدف خادم الحرمين الشريفين من هذه المبادرة يصب في تعزيز وتمكين هذه الشركات من توسيع أعمالها من ناحية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص من ناحية أخرى، مؤكدا التزام السعودية بدفع حصتها في الزيادة التي يتم الاتفاق عليها. وقال الفيصل: «من شأن هذه المبادرة توفير ما يزيد على 10 مليارات دولار إضافية للمؤسسات المالية والشركات العربية المشتركة، لتعزيز دورها في تمويل المشاريع الحيوية ذات البعد الاستراتيجي العربي، والمشاريع التنموية الوطنية».

ونوه بأن الهدف من هذه المبادرة أكبر من ذلك، غير أنها في نهاية المطاف تسد الحاجة المتزايدة من السلع والخدمات التي يحتاجها المواطن العربي، بالإضافة إلى توفير المزيد من الفرص الوظيفية في المجالات المختلفة.

ولفت إلى أن قرارات هذه القمة ركزت على التعامل مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال أربعة محاور، أولها التعامل معها من منظور شامل، في إطار تفعيل ومتابعة مسيرة التكامل الاقتصادي، والسعي نحو إزالة المعوقات التي تعترضها، بما في ذلك استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة، وإتمام متطلبات الاتحاد الجمركي المنتظر. أما المحور الثاني - وفق الفيصل - فيتعلق بالعمل على استثمار الموارد البشرية والطبيعية ورؤوس الأموال، التي يزخر بها العالم العربي على نحو أمثل، وعلى أساس المنفعة المتبادلة، وذلك من خلال تسهيل حركة الاستثمارات ورؤوس الأموال، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية في نواحي الحياة كافة. وأوضح الفيصل أن ثالث هذه المحاور يتصل بالعمل على تطوير صناعة محلية مستديمة ورائدة في مجال الطاقة المتجددة، وتشجيع الاستثمارات ودور القطاع الخاص في مشاريعها، وصولا إلى تحقيق بناء سوق عربية للطاقة المتجددة ومتطلباتها. أما فحوى المحور الرابع، الذي وصفه الفيصل بالمحور المهم، فيتمحور حول التعامل مع صحة المواطن العربي، باعتباره محور الارتكاز والهدف الأساسي للتنمية، من خلال تكثيف الجهود الوطنية الرامية للحد من انتشار الأمراض غير المعدية، مشيرا إلى أنها وصلت معدلات مرتفعة، وشكلت نسبة عالية لعدد الوفيات، وأهدرت الإمكانات الاقتصادية والبشرية.

أما فيما يتعلق بموضوع الاتحاد الجمركي العربي، فقد أكد الفيصل أنه حظي باهتمام القادة العرب، مبينا أنهم عقدوا عزمهم على استكمال متطلبات التجارة الحرة العربية الكبرى، مشيرا إلى أنه تم تحديد تاريخ لذلك بأن يكون قبل نهاية عام 2013.

وفيما يتعلق بتطبيق توصيات القمة ومدى جديتها، أكد الفيصل أن العبرة في تنفيذ القرار وليس في القرار نفسه، مبينا أن التنفيذ لا يأتي إلا من خلال العمل المشترك بمصداقية وجدية تجاه كل القرارات التي تتخذ، مشددا على أهمية متابعتها.

وأوضح أن لجنة المؤتمر منوط بها متابعة قرارات هذه القمة، مؤكدا أنها لن تبخل بأي جهد لإقناع من هو ملتزم بتنفيذ ما التزم به، مبينا أن جهاز الأمانة العامة للجامعة العربية سيكشف جوانب القصور في عدم الالتزام، من خلال متابعة دورية للأشياء التي نفذت، والتي لم تنفذ، دون فرض آليات بعينها.

وتعرض الفيصل لموضوع ضمان المشاركة المتساوية في دعم صندوق التنمية العربي، مؤكدا أن الجديد في مؤتمر القمة التنموية العربية أنه لم يتحدث عن الدول الداعمة للصندوق، بل تحدث عن الدول المنتفعة منه.

وشدد على أهمية الإقرار بأن ضرورة الانتفاع متساوية بين الدول العربية، داعيا الدول المنتفعة إلى ضرورة تغيير أساليب تعاملها مع الوضع التجاري مع الدول العربية، لتسهيل التبادل التجاري، مؤكدا أن التعقيدات الراهنة أعاقت انتشار السلع العربية بين دول العالم العربي. ونوه بدعم شبكة الأمان المالية العربية المتفق عليها لدولة فلسطين خلال قمة بغداد التي تعهدت بها الدول العربية، بضرورة أن تلتزم الدول العربية التي أعلنت موافقتها عن دعم الفلسطينيين على دعمها، مؤكدا أن الأسلوب المناسب لذلك هو أن تتم دعوة الدول التي وافقت على الدعم لتسديد مساهمتها، ومن ثم تحول الأموال عن طريق البنك إلى دولة فلسطين، من أجل حل الأمر بشكل جذري.

ووفق الفيصل، فإن التكامل العربي على أرض الواقع وجد صيغته بأن هناك تباينا في اقتصادات الدول العربية، مبينا أن ما حصل في ثورات الربيع العربي في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي له مسبباته التي انتهت بتذمر الشعوب العربية، ما جعل الدافع الأساسي لها هو العمل على إصلاح هذه الأوضاع.

وقال: «نستطيع السير على الطريق الصحيح إذا التزمنا بهذه الرؤية، كما جرى في الدول التي مرت بهذه الثورات، والتي أكدت أن التغييرات المنهجية والتنظيمية والمؤسسية، تتلاءم مع متطلبات التنمية الشاملة التي يتطلع إليها المواطن العربي».

كما تعرض لمعاناة البطالة في بعض الدول العربية، وأوضح أن أهمية هذه القمة تأتي بعد ما يسمى «الربيع العربي»، التي كانت من أهم مشكلاته الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بل وعدت المحرك الرئيسي للثورات التي قامت، وبالتالي المعالجة المطروحة لهذه المعاناة تنصب في هذا الجانب.

وفي هذا السياق، استشهد الفيصل بما قامت به السعودية تجاه مصر، مبينا أن بلاده فتحت المجال لأكثر من 500 ألف عامل مصري للعمل بالمملكة، مشيرا إلى أن هذا الرقم يمثل شريحة كبيرة من المجتمع المصري لا يستهان بها.

وأكد أن الهدف من مبادرة خادم الحرمين الشريفين بزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية والشركات العربية المشتركة القائمة بنسبة لا تقل عن 50 في المائة، تصب في زيادة المنتجات التي ستستوردها الدول العربية في التجارة فيما بينها، وزيادة استثمارات الدول حسب الحاجة المتبادلة لكل منها.

من ناحيته، كشف نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن حيثيات إعلان البيان الختامي، مبينا أنه اشتمل على مواضيع عدة، منها الاستثمار في الدول العربية، من خلال موضوع الاتفاقية الموحدة المعدلة، واستثمار رؤوس الأموال العربية، وزيادة الاستثمارات، ورفع العوائق.

وأضاف أن إعلان الرياض اشتمل أيضا على الاستراتيجية العربية، وتطوير استخدام الطاقة المتجددة من 2010م إلى 2030م، مؤكدا أنها تتسم برؤية بعيدة ثاقبة، وتشكل خطة عمل مستقبلية مهمة.

وقال: «إن مخرجات قمة الرياض تعبر عن ارتياحنا للإجراءات المتخذة لتنفيذ تلك القرارات، والتقدم المحرز في تنفيذ المشاريع التنموية، والاقتصادية والاجتماعية، التي أقرتها القمتان السابقتان، ونؤكد على ضرورة الإسراع في استكمال تنفيذ جميع القرارات، وإزالة كافة العوائق التي تقف أمام إنجازها».

وامتدح الخطوات التنفيذية التي تم إنجازها لتفعيل الحساب الخاص بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، الذي انطلق من القمة العربية التنموية، الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الأولى في الكويت.

وأضاف: «الواقع أن القمم الاقتصادية العربية تحظى بالتزام وواقعية أكثر في التطبيق من القمم السياسية، وهذا جيد».

كما كشف الأمين العام للجامعة العربية عن إقامة منتدى للشباب في السعودية خلال ستة أشهر من الآن، ومنتدى للبورصات العربية في البحرين.

من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، أن هناك خطوات مهمة تم تنفيذها فيما يتعلق بالقمتين الاقتصاديتين الماضيتين، غير أنها لم تكن بمستوى طموح الشعوب العربية.

ومن أهم هذه الخطوات، وفق الوزير السعودي، تأسيس صندوق دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كاشفا عن أن الدعم الذي تمت الموافقة عليه لهذا الصندوق بلغت 250 مليون دولار، في حين أن المساهمات في الحساب بلغت 1.2 مليار دولار، يبلغ نصيب كل من السعودية والكويت منها مليار دولار بمعدل 500 مليون دولار لكل منهما.

ولفت العساف إلى أنه بدأت خطوات العمل في مناح أخرى، منها البنية التحتية مثل السكك الحديدية، مبينا أن دول مجلس التعاون خطت هي الأخرى خطوات، وما زالت سارية، مؤكدا أنها تشكل جزءا في منظومة السكك الحديدية، مشيرا إلى خطوات أخرى مثيلة تمت في دول شمال أفريقيا في الربط بالسكك الحديدية.

وتعرض العساف لموضوع الربط الكهربائي، مؤكدا أن هناك بحثا جاريا في هذا الأمر بين عدد من الدول، بما في ذلك السعودية ومصر، منوها بخطوات في مجال الأمن الغذائي، مبينا أن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدأ تنفيذ توجيهات القمم السابقة فيما يتعلق بهذه المشاريع.

وأكد على جدية القمة الاقتصادية، منوها بأن هناك متابعة مستمرة لما يتم تنفيذه على أرض الواقع، مبينا بعض أوجه المساعدات التي قدمتها السعودية، مشيرا إلى أن بلاده دعمت مصر بـ3.75 مليار دولار، بجانب دعمها كلا من الأردن وتونس والمغرب، في حين قدمت دول خليجية أخرى دعما لهذه الدول، مشيرا إلى أن محافظي البنوك المركزية سيجتمعون في أبريل (نيسان) المقبل، لمناقشة آلية دعم الحكومة الفلسطينية، وزيادة رأسمال الصندوق العربي المشترك.