باريس تعول على مؤتمر أديس أبابا لتوفير 340 مليون يورو لتمويل القوة الدولية - الأفريقية.. وتأهيل الجيش المالي

خارطة الطريق الفرنسية: استعادة المناطق الشمالية المالية من مسؤولية الأفارقة

TT

بعد 11 يوما على بدء العملية العسكرية الفرنسية في مالي، ترى باريس أنها حققت الهدف الأول منها وهو وقف زحف مقاتلي الشمال نحو مدن الجنوب والوصول إلى العاصمة باماكو. وتعتبر المصادر الفرنسية أن مبادرة فرنسا «أنقذت» مالي من الوقوع كلية في براثن الحركات الجهادية الإسلامية. وبرأيها، فإن أمرا كهذا لو حصل، كان سيعني تحويل مالي، ذات المساحة الشاسعة إلى «عرين» للإرهابيين، وتهديد أمن بلدان الجوار وفرنسا وأوروبا، على السواء.

ونجحت القوات الفرنسية حتى الآن في «ترميم» الخط الفاصل السابق بين الجنوب والشمال وتحصينه، كما استطاعت، بالتعاون مع قوات الجيش المالي، استعادة المدن التي سيطر عليها مقاتلو الشمال في الفترة الأخيرة وأهمها: كونا وديابالي ودوينتزا. واستمرت الطائرات القتالية الفرنسية المتمركزة في مطاري نجامينا (تشاد) وباماكو في طلعاتها بغرض استهداف مواقع «الإرهابيين» مركزة في الساعات الأخيرة، وفق المعلومات التي صدرت عن وزارة الدفاع، على «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في مدينة تومبوكتو ومحيطها.

وتواصل باريس تعزيز حضورها العسكري رجالا وسلاحا وعتادا في مالي، وهي تسعى لرفع قواتها إلى نحو 2500 عسكري. وجديد الساعات الأخيرة هو أن طائرتي نقل عسكريتين أميركيتين بدأتا بنقل قوات ومعدات فرنسية من مطار أيستر (جنوب شرقي فرنسا قريبا من الساحل المتوسطي) إلى باماكو. وبعد أن كانت وزارة الدفاع الأميركية تنوي «فوترة» عمليات النقل، إلا أنها قررت في النهاية الامتناع عن ذلك. وتريد باريس من واشنطن أن تساعدها في جمع المعلومات عن تحركات ومواقع قوات الشمال بفضل طائراتها من دون طيار المرابطة في القاعدة الأميركية في جيبوتي.

وفي حين استمر وصول الوحدات الأفريقية التي ستشكل القوة الأفريقية - الدولية المنتدبة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2085، يبدو أن باريس وضعت «خارطة طريق» لعمليتها العسكرية في مالي؛ وأهم ما فيها أنها لا تنوي أن تكون مهمة استعادة السيطرة على مناطق الشمال محصورة في القوة الفرنسية؛ بل تريد أن تكون من «نصيب» الجيش المالي والقوة الأفريقية.

وكان وزير الدفاع جان إيف لودريان قد أكد أول من أمس أن هناك هدفين للقوة الفرنسية هما: «دحر الإرهاب من جهة، واستعادة وحدة مالي بمعنى إعادة باماكو فرض سيطرتها على الأراضي المالية كافة. والهدف الثاني، موجود في القرارات الدولية الثلاثة الخاصة بمالي إلى جانب العملية السياسية الواجب السير فيها حينما تسمح الظروف بذلك وخطة التنمية لمناطق الشمال».

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية أمس إنه «من المفهوم أن فرنسا ستوكل الأمور (العمليات العسكرية) إلى الجيش المالي والقوة الأفريقية التي ستكون من مهماتها استعادة مناطق الشمال بدعم فرنسي في حال دعت الحاجة». والحال أن الجيش المالي يوجد في حالة تبعثر فيما بدأت طلائع القوة الأفريقية الوصول إلى باماكو. ويقدر الخبراء أن تأهيل الجيش المالي ووصول الأفارقة وعملية التنظيم الميداني للقوة الأفريقية (أكثر من 5 آلاف رجل) سيحتاج إلى عدة أسابيع. وتراهن باريس على اجتماع أديس أبابا الذي سيعقد في 29 يناير (كانون الثاني) الحالي، لتوفير الأموال اللازمة للعمليتين وتقدرها بـ340 مليون يورو لسنة واحدة، وربما زاد هذا المبلغ بسبب رفع عدد القوة الأفريقية من 3300 إلى خمسة آلاف رجل.

لكن السؤال الذي لم تجب عنه باريس هو ما ستقوم به القوة الفرنسية بانتظار وصول الأفارقة الذين تريدهم في المقدمة حتى لا يقال إن باريس تستعيد مرحلتها الاستعمارية. فهل ستكتفي القوة الفرنسية بتعزيز خط الفصل السابق مع استمرار طلعات طائراتها وعمليات القصف التي تقوم بها؟ أم إنها ستواصل تقدمها باتجاه الشمال؟

أوساط الدفاع تشير إلى أن هذه القرارات تؤخذ «ميدانيا»؛ بمعنى أنها ستتكيف مع التطورات الجارية. لكنه من الواضح أن فرنسا، وكما كتبت أمس صحيفة «لو فيغارو» في صدر صفحتها الأولى «تتهيأ لحرب طويلة المدى» بينما في استطلاع أجرته الصحيفة ذاتها أن 78.2 في المائة من الفرنسيين يتخوفون من أن تغرق بلادهم في الرمال المالية.