خبراء يؤكدون أنه على أوباما تقديم المزيد من الحوافز لإقناع إيران بعقد «صفقة» دبلوماسية

جولة محادثات جديدة بين الوكالة الذرية وإيران في 13 فبراير المقبل

TT

يعتقد عدد من الخبراء الأميركيين أن الرئيس الأميركي باراك أوباما في ولايته الرئاسية الثانية يحظى بآراء مؤيدة أكثر من ولايته الأولى، لذا أمامه مجال سياسي كافٍ لتقديم المزيد من الإغراءات لإيران على صعيد التعاطي مع ملفها النووي.

وأشار موقع «إلمانيتور» التحليلي في مقالة نشرة بقلم «لورا روزان» إلى أن مجموعة من خبراء الأمن الوطني يتزايد عددهم يوما بعد يوم على الساحة السياسية، يطالبون أوباما باتباع دبلوماسية أكثر نجاحا في التعامل مع إيران حول برنامجها النووي وتقليص مستوى الحظر.

وكشفت سوزان مالوني المستشارة السابقة لوزارة الخارجية الأميركية في الشؤون الإيرانية عن استعداد إيران في الوقت الراهن لعقد «صفقة» حول تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وهذا الأمر يفرض على أوباما رفع مستوى محادثاته الدبلوماسية مع إيران وتخفيف بعض فقرات الحظر. وأكدت على ضرورة أن تكون الحوافز الأميركية مقنعة إلى حد كبير بدلا عن الاكتفاء بالمقترحات المتواضعة.

وترى مالوني أن الطلبات التي عرضت على الرئيس الأميركي من أجل رفع مستوى دبلوماسيته مع إيران قد طرحت في ظروف متناقضة، كما تشير إلى بعض المزاعم حول إمكانية عقد «صفقة» نووية مؤقتة، لأن أوباما في ولايته الرئاسية الثانية يحظى بآراء مؤيدة أكثر من ولايته الأولى، ومن هنا فهو يتمتع بمجال سياسي كاف لتقديم الكثير من الحوافز إلى إيران لعقد هذه الصفقة.

وتعتقد الباحثة أن المفاوضين الغربيين لا يمتلكون الحافز الكافي لمواصلة المحادثات النووية مع إيران، وحتى إنهم لم يتفقوا على تاريخ ومكان إجراء هذه المحادثات بين طهران ومجموعة «5 +1»، وعلى الرغم من أن المساعي متواصلة، لكن لم يتم تحقيق أي شيء لحد الآن.

وقد صرح حسين موسويان أحد المفاوضين الإيرانيين السابقين لموقع «إلمانيتور» قائلا: «إيران قبل اجتماعها مع مجموعة (5+1) استفسرت عن رزمة المقترحات الجديدة، لكنها لم تحصل على جواب. فهذه المجموعة ليست مستعدة للكشف عنها قبل الاجتماع».

وتضيف كاتبة المقال: «ربما أراد المسؤولون الإيرانيون التهرب من المحادثات الجديدة وحاولوا إصلاح موضوعها».

فقد ذكرت باربرا سلافين في مقال لموقع «إلمانيتور» أن إيران بحاجة إلى برنامج عمل جديد في المحادثات الجديدة يتضمن فقرات واضحة لتقليص مستوى الحظر، ويضمن لها تخصيب اليورانيوم الذي تراه حقا مشروعا لها.

وتلفت روزان إلى أن هناك حركة متنامية من قبل بعض الخبراء والدبلوماسيين تطالب أوباما باتخاذ دبلوماسية جريئة تجاه إيران تثبت أن الإدارة الأميركية مستعدة لعقد صفقة أفضل، عندما تكون السياسة النووية الإيرانية أكثر وضوحا وتفتح الأبواب أمام المفتشين بشكل أوسع. وبالطبع لو طرحت مقترحات أكثر إغراء، يزداد احتمال التوصل إلى اتفاق.

وتقول الكاتبة إنه إذا ما رفضت إيران المقترحات المطروحة، سوف يزداد احتمال شن هجوم عسكري عليها، ومن جهة أخرى، يجب على الإدارة الأميركية اتباع استراتيجية ذكية في المحادثات لتثبت استعدادها بأنها تسعى وراء تحقيق اتفاق، وذلك من خلال القيام بما يلي: تعليق حظرها ضد إيران وإيقاف جميع أشكال الدعم اللوجيستي الحربي لتهديد إيران، وعدم طرح الخيار العسكري على طاولة المفاوضات في الوقت الراهن.

وتؤكد كاتبة المقال أن شدة الحظر تؤثر على الشعب الإيراني، ولتفادي ذلك يجب بذل جهود لترغيب مجموعة «5 +1» بتقديم مقترحات أكثر إغراء لطهران. ويقول المحلل باتريك كلاوسون مدير وحدة الأبحاث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن المسالة الرئيسية بإيران تتركز حول طبيعة عرض التسوية الذي ينبغي اقتراحه، ويقول: «بينما ينصب التركيز على تصعيد الضغط على طهران، ينبغي أن يتزامن الترهيب بالعصا الغليظة مع الترغيب بالجزرة الغضة». وأوضح أن استراتيجية الماضي التي تركزت على تدبير محدودة لبناء الثقة تركت نهاية اللعبة عير واضحة، فلم يرضَ الإيرانيون بالحوافز المتواضعة التي عُرضت على طهران في عام 2012. ولماذا يتقبلون صفقة من مجموعة الـ«5 +1» إذا لم يحصلوا على مزايا محددة؟

ويقول كلاوسون إن إيران تصر على الحصول على امتيازين في أي صفقة، وهما تخفيف العقوبات والاستمرار في تخصيب اليورانيوم. ويمكن التوصل إلى اتفاق حول معالجة هاتين القضيتين من خلال تقديم عرض سخي بحيث تصر الولايات المتحدة والدول الأوروبية على تخفيف العقوبات تدريجيا بالتزامن مع الحصول على أدلة دامغة على التزام طهران بالتغيير قبل عرض أي مكافآت.

ويشير الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى أن الاقتصاد الإيراني يعاني صعوبات بالغة وتضخما جامحا، ويتوقع الجميع من نخبة وعامة أن يؤدي تخفيف العقوبات إلى القضاء على كل المشكلات الاقتصادية، وهو أمر غير حقيقي بسبب تسلط الدولة وانتشار الفساد، وهذا سيؤدي إلى شعور الإيرانيين بأنهم لم يحصلوا على المزايا التي توقعوها من أي صفقة تعقد مع الغرب، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لالتزام إيران بأي صفقة.

ويضيف كلاوسون أن موقف الولايات المتحدة من تخصيب اليورانيوم قد يكون أكثر مرونة، حيث صرحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بأن موقف الولايات المتحدة هو أن يتم وضع برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويحذر المحلل الأميركي من التوصل إلى اتفاق يستجيب لطموحات إيران على المستوى الإقليمي بما يخيف دول الخليج وإسرائيل، ويقول: «هناك مخاطر في موافقة إيران من حيث المبدأ لشروط القوى العالمية لكسب الوقت ومواصلة برنامجها النووي». ونصح بأن يتم تقييد أي عرض تقدمه القوى العالمية بتحقيق تقدم سريع في وقف عقارب الساعة النووية الإيرانية.

ويقول كلاوسون إن رفض إيران لعرض القوى العالمية سيكون بمثابة خديعة للولايات المتحدة، وإذا كان رد الفعل هو استمرار واشنطن في مسارها دون حصول تقدم واضح، فإن ذلك يعني من الناحية العملية أن الولايات المتحدة قبلت ضمنيا بسعي إيران إلى امتلاك سلاح نووي. وواقع إلزام الولايات المتحدة بمسار ما ثم رفض المضي فيه حتى نهايته سوف يؤدي إلى تأكّل مصداقية الضمانات الأمنية الأميركية، وقد يشجع حلفاء أميركا في الشرق الأوسط على التعامل مع المشكلة بأنفسهم. وهو ما يعني أن تقوم إسرائيل بضرب إيران، وأن تقوم الدول العربية المجاورة لإيران بتطوير قدرات نووية خاصة بها.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، أنها ستعقد جولة محادثات مع إيران يوم 13 فبراير (شباط) المقبل، بعد يوم من الموعد الذي كان مقررا من قبل. وقالت الوكالة في بيان إنه بعد المفاوضات التي جرت يومي 16 و17 يناير (كانون الثاني) سيجتمع الجانبان مرة أخرى يوم 12 فبراير (شباط)، لكن الموعد تغير إلى اليوم التالي دون توضيح الأسباب.