بعد 5 سنوات من طرح نسخته الأولى.. مشروع قانون النفط والغاز العراقي يراوح مكانه

بغداد تستعد لإطلاق جولة خامسة من التراخيص النفطية.. وأربيل تزاحمها

عامل عراقي يشغل صمامات في مصفى قرب البصرة (أ.ب)
TT

بعد 5 سنوات من طرح أول مشروع له، لا يزال قانون النفط والغاز يراوح مكانه، بسبب الخلافات السياسية حوله خاصة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان. لكن بغداد وأربيل مضتا رغم عدم إقرار مشروع القانون هذا في إبرام عقود مع مختلف الشركات النفطية العالمية.

وحى الآن أطلقت بغداد 4 جولات تراخيص تخص أساسا تطوير حقول نفطية في جنوب العراق وبدرجات نجاح متفاوتة، وسط عزوف بعض كبريات الشركات العالمية عنها بسبب ما تعتبره شروطا صارمة تضعها الحكومة العراقية التي تعتزم إطلاق جولة خامسة من التراخيص قريبا بشروط تتيح محفزات أكبر لهذه الشركات.

وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «جولات التراخيص تطلق ضمن نظام واحد لكل العراق، ويبدأ هذا النظام من مسألة مهمة وهي تأهيل الشركات التي تتنافس طبقا للمعايير العالمية التي نعتمدها في هذا المجال من حيث قدرة هذه الشركة على التنافس وخبرتها في هذا المجال»، مشيرا إلى أن «عملية التنافس تتم بكل شفافية وأمام وسائل الإعلام كافة». وأكد أن «العراق ألزم كل الشركات التي اشتركت في جولات التراخيص الأربع الماضية بأن تكون العقود هي عقود خدمة لا عقود شراكة، بما في ذلك حقل الأحدب النفطي في محافطة واسط (180 كم شرق بغداد)، حيث إنه العقد الوحيد الذي يقع خارج عقود التراخيص لكونه أبرم مع إحدى الشركات الصينية في زمن النظام السابق ولم يكتمل العمل به». وأوضح جهاد أن «العقد المبرم مع الشركة الصينية كان عقد شراكة وقد تم تحويله إلى عقد خدمة».

وبسؤاله عن الفرق بين عقود الشراكة وعقود الخدمة، أوضح جهاد أن «عقود الشراكة هي أن تكون للشركات حصة من النفط المستخرج، بينما عقود الخدمة هي أن نعطي نحن للشركات أجورا لما تقوم به بينما تظل سيادتنا على نفطنا، فضلا عن أننا نجري عمليات التطوير والاستكشاف بأقل الأسعار». وبشأن أبرز الشركات العالمية التي شاركت في جولات التراخيص الأربع قال جهاد إن «أبرز الشركات العالمية هي تلك الشركات التي تقف في الخط الأول من الشركات مثل شركة (بريتش بتروليوم) وشركة (شل) وشركة (أكسون موييل) وشركة (ايمي) الإيطالية وشركات يابانية منها شركة (جاباكس) وشركة (الواحة) الصينية و(توتال) الفرنسية و(سننكول) الأنغولية». وفي ما يتعلق بالحقول النفطية قال جهاد إن «جولة التراخيص الأولى تضمنت حقولا منتجة غير مطورة وحقولا مكتشفة غير مطورة، ومنها حقول عملاقة مثل غرب القرنة ومجنون والزبير (جنوب العراق) وبدرة (شرق)»، بينما تركزت «الجولة الثانية على تطوير حقول نفطية مكتشفة غير مطورة، بينما الثالثة شملت حقولا غازية، والرابعة تضمنت عقود تطوير رقع استكشافية».

وفي إقليم كردستان تعمل العديد من الشركات النفطية خارج اعتراف الحكومة المركزية وهي شركة «غينيل إنيرجي» التركية، و«اداكس بتروليوم» السويسرية المدرجة على بورصة تورنتو الكندية، في حقل «طق طق» الواقع في محافظة أربيل، وشركة «دي إن أو» النرويجية مع «غينيل إنيرجي» في حقل طاوكي قرب زاخو بمحافظة دهوك. وتبلغ كمية التصدير من حقل «طق طق» بين أربيل والسليمانية نحو 40 ألف برميل يوميا، بينما يصدر حقل طاوكي قرب زاخو 50 ألف برميل يوميا. وتملك شركة «توبكو» المكونة من «غينيل إنيرجي» التركية و«اداكس بتروليوم» السويسرية، 12 في المائة من الإنتاج في حقل «طق طق»، فيما تذهب البقية لحكومة الإقليم. وحسب وزير الموارد الطبيعية (النفط) بحكومة الإقليم آشتي هورامي فإن للإقليم 45 عقدا نفطيا، منها عقود مع كبريات الشركات العالمية مثل «أكسون موبيل»، التي يبدو أنها بصدد مراجعة نشاطاتها، و«غازبروم». كما يتوقع هورامي توقيع عقد آخر مع شركة توتال الفرنسية.

وفي ما يتعلق بمشروع قانون النفط والغاز، أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف الوطني وعضو لجنة النفط والغاز البرلمانية، فرات الشرع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة «عملت بجد طوال العام الماضي على أن يتم إقرار قانون النفط والغاز المركون في البرلمان منذ عام 2007 نهاية عام 2012، لكن الأزمات السياسية المتلاحقة كانت سببا في عدم إقراره». وأشار الشرع إلى أن «اللجنة عازمة بعد الانتهاء من الموازنة المالية على العمل على إقرار هذا القانون هذا العام»، مؤكدا أن «إقرار هذا القانون يأتي من حيث الأهمية في المرتبة الثانية بعد الدستور العراقي». وأضاف قائلا إن «الخلافات بشأن القانون تنحصر بين المختلفين حول المواد 112 و114 و116، والتي تتعلق بالتوزيع والاستملاك والإدارة والمجلس الاتحادي». وبشأن ما إذا كانت هناك ملاحظات لدى اللجنة حول جولات التراخيص النفطية قال الشرع إنه «بغياب القانون فإنه بالتأكيد تظهر ملاحظات لقناعتنا بأن بعض الأمور تحتاج إلى شفافية أكثر، وأن هذه الشفافية لا يمكن أن تتوافر إلا بعد إقرار هذا القانون الاستراتيجي المهم». وأوضح أن «القانون يوضح العلاقة بين بغداد وأربيل، كما يحدد سياقات العلاقة مع الشركات النفطية، وبغيابه فقد كانت لنا اعتراضات حول طبيعة العقود سواء مع (أكسون موبيل) أو غيرها، كما أن هناك بعض التعاملات تحتاج إلى وضوح أكثر من قبل المعنيين في وزارة النفط».

يذكر أن الخلافات النفطية بين أربيل وبغداد تعتبر من أهم الملفات العالقة بين الحكومتين، وجرت جولات عديدة من المفاوضات بين الطرفين للتغلب على هذه المشكلة، لكن من دون أي نتيجة. وتلقي حكومة إقليم كردستان بالمسؤولية على عاتق الحكومة العراقية وتحديدا حسين الشهرستاني الذي أصر حين كان وزيرا للنفط ثم نائبا لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة وما زال على الاعتراض على العقود النفطية التي تبرمها حكومة الإقليم مع الشركات العالمية.

وكانت الحكومتان الاتحادية والإقليمية قد أخفقتا في الاتفاق على مشروع قانون جديد لعرضه على البرلمان العراقي من بين ثلاثة مشاريع قوانين بهذا الخصوص أحدها يعود إلى مسودة لاتفاق جرى بين الحكومتين عام 2007، والثاني صاغه مجلس الوزراء العراقي من دون موافقة الوزراء الكرد في الحكومة، والثالث مشروع قانون أعدته لجنة النفط والغاز بالبرلمان العراقي.

ورغم أن العقود النفطية تثير دائما مشاكل بين كردستان وبغداد، فإن أحزاب المعارضة الكردية لا تعترض على تلك العقود، وإن كانت تدعو باستمرار إلى الكشف عن مضامين العقود التي توقعها الحكومة، والتي بادرت أخيرا إلى نشر تلك المضامين عبر الموقع الرسمي لها. وكانت حكومة الإقليم أعلنت أن تسويق النفط سيكون عبر شركة «سومو» التابعة للحكومة المركزية وأن العائدات ستودع في حساب الحكومة الاتحادية.