مستشار الرئيس المصري: ابتعدنا عن «الإخوان» لاعتراضنا على منهجيتهم في الاستحواذ

د. خالد علم الدين: ما دمنا اخترنا السياسة فلا بد أن ندخل الملعب بشروط اللعبة السياسية والاحتكام للصندوق

د . خالد علم الدين
TT

أكد مستشار الرئيس المصري الدكتور خالد علم الدين، القيادي السلفي بحزب النور، أن اللقاء الذي جمع بين قيادات سلفية ورموز من «جبهة الإنقاذ» المعارضة للرئيس، جاءت في إطار مساعي السلفيين لاحتواء الغضب وإطفاء النيران في الشارع المصري قبيل الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير، ولا علاقة لها بالحسابات الانتخابية. وخلال حوار مع «الشرق الأوسط»، كشف القيادي السلفي عن حدوث تحول في موقف السلفيين، بالتقارب مع المعارضة على حساب حزب الحرية والعدالة، وقال إنهم يختلفون مع منهجية الإخوان المسلمين بسبب اتباعهم سياسة الاستحواذ والإقصاء.

جدير بالذكر أن لقاء مهما جمع مؤخرا بين الداعية الإسلامي الشيخ محمد حسان والشيخ سعيد عبد العظيم والشيخ محمد حسين يعقوب، وقيادات من التيار المدني المعارض من أعضاء «جبهة الإنقاذ» منهم عمرو موسى وحمدين صباحي والسيد البدوي، حيث جاء اللقاء بمبادرة من القيادات السلفية في وقت عصيب، وقبيل أيام قليلة من موعد الدعوة التي وجهتها المعارضة للمصريين للنزول إلى الميادين للاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير والتظاهر لإسقاط حكم الإخوان المسلمين.

وقد أثار هذا اللقاء الكثير من علامات الاستفهام حول التغيرات المحتملة في خريطة القوى السياسية الجديدة بمصر والتحول في موقف السلفيين من القوى المعارضة المدنية التي هاجمتها كثيرا من قبل. وهو ما كشف عنه النقاب الدكتور خالد علم الدين في هذا الحوار.

ما سر اللقاء الذي عقد بين شيوخ السلفيين وقيادات «جبهة الإنقاذ» استعدادا للانتخابات؟

- لا.. ليس للأمر علاقة بالانتخابات، ولكنها كانت جلسة ودية جمعت بين قيادات سلفية منهم الشيخ محمد حسان، والشيح حسين يعقوب، والشيخ سعيد عبد العظيم، وقيادات من «جبهة الإنقاذ» منهم حمدين صباحي وعمرو موسى والسيد البدوي، بهدف التصالح وتقريب وجهات النظر. وهذا ليس غريبا على السلفيين، بل يتوافق مع كون التيار السلفي يلعب دائما دور الوسيط للتهدئة، وحتى داخل البرلمان السابق كان يلعب هذا الدور بين المعارضة وحزب الحرية والعدالة، لا لشيء إلا لمصلحة الوطن فقط.

هل تعتقد أن خوض التيار السلفي غمار السياسة جعله يتحول عن مجال الدعوة والشريعة التي كان يعمل بالأساس في إطارها عندما كان يرى السياسة عملا محرما؟

- التيار السلفي، بشكل عام، تيار متنوع من نسيج مصر، ولا يمكن تجاهله أو عزله أو إقصاؤه عن الدخول في السياسة والحكم كممثل لقطاع عريض من الشعب. ولكن طالما اختار السياسة، فلا بد أن يدخل الملعب بشروط اللعبة السياسية، لأننا احتكمنا للصندوق الانتخابي ووافقنا على استخدام آليات الديمقراطية، وإذا ما أراد الشعب أن يأتي بنا كإسلاميين فأهلا وسهلا، وإن أخفقنا فعلينا أن نعود للشعب ونحاول إقناعه. والحقيقة، إننا نلوم «جبهة الإنقاذ» وغيرهم من المعارضين في أنهم بعد الاتفاق على العمل وفق آليات الديمقراطية يحيدون عن الصواب ويحتكمون مرة أخرى للشارع المصري، ويتم وقف أبواب التنمية الاقتصادية أو يحاولون إرغام الرئاسة، وأنا أرى أن ذلك اختراق لقواعد اللعبة السياسية، في حين أن السلفيين كانوا متميزين في مواقفهم ولم يدخلوا مع «الإخوان» إلى الاتحادية ضد المعتصمين، ولم يشاركوا في المليونيات الصدامية، بل شاركوا في المليونيات السلمية بشكل محدود وفي حدود إظهار وجهة نظرهم فقط. كما أن أداءهم البرلماني كان جيدا بشكل كبير، ما عدا الهفوات الفردية التي لم يحالفها التوفيق، سواء التي صدرت من أعضاء بحزب النور أو أعضاء بحزب الأصالة.

لكن، هناك من يلوم السلفيين على اتصالهم بالفريق أحمد شفيق؟

- بالفعل، قد يلوم البعض على السلفيين تعاملهم مع رموز النظام السابق، خاصة لومهم على الشيخ ياسر برهامي في ذهابه للفريق أحمد شفيق مرشح الرئاسة السابق، ولكن هذا الكلام كان يدور في إطار المحافظة على الوطن من أي إرباك أو شغب محتمل بعد الانتخابات الرئاسية، وكنا نود فقط تأكيد أنه لا داعي لأي شغب أو شيء من هذا القبيل في تلك الفترة.

هل يمكن اعتبار تقاربكم مع «جبهة الإنقاذ» تحولا عن دعم الحزب الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين وابتعادا عنهم؟

- هذا حقيقي، لأننا نختلف عن منهجية الإخوان المسلمين في الاستحواذ على السلطة وإقصاء الآخرين، فنحن نقول لهم إنه لا بد من المشاركة الجماعية، ونحرص ألا يستأثر فصيل واحد بالقرارات، وعند الاختلاف تكون النهاية بالاحتكام للصندوق.

ألا يتعارض تقاربكم مع «جبهة الإنقاذ» المدنية، مخالفا للرؤية السلفية للأحزاب المدنية والليبراليين الذين لقوا هجوما عنيفا من السلفيين؟

- السلفيون واضحون في منهجيتهم، ورغم تمسكهم بمبادئهم فهم يحرصون على الوطن ويقدمون مبدأ المصالح والمفاسد، ويعملون على إطفاء الحرائق الناجمة عن حالة الاستقطاب الحاد الذي يؤدي إلى معارك حامية.

هل معنى ذلك أن دور السلفيين في مصر يقتصر على إطفاء الحرائق فقط؟! - هذا لا ينفي الدور الآخر للسلفيين وهو الدور المستمر في نشر فكرهم، بالدعوة التي كانوا ابتداء - ولا يزالون - منشغلين بها، من خلال وجودهم على الساحة السياسية، إلى جانب دورهم في تهدئة الأجواء.

ما رأيك في اتهام بعض السلفيين بالتشدد الزائد والهجوم العنيف على الخصوم السياسيين؟

- لا أنكر أن بعضا ممن ينتمي إلى المنهج السلفي يلجأ أحيانا لأسلوب المواجهة والصدام، والرد على العلمانيين بنفس الأسلوب، كما حدث في مواقف منها محاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي، وكأن بعض هؤلاء السلفيين يقولون للمعارضة: «إذا كنتم تعتصمون أمام الاتحادية – القصر الرئاسي – فسنقف نحن أمام المحكمة الدستورية العليا أو نحاصر مدينة الإنتاج الإعلامي»، وأنا أرفض هذا الأسلوب من جميع القوى السياسية، بما فيها التيارات الإسلامية.

هناك من يرى أن السلفيين يعدون أنفسهم الآن لخلافة «الإخوان» في الحكم.. ما تعليقكم؟

- مما لا شك فيه أن أي حزب سياسي هدفه هو السلطة حتى يستطيع تنفيذ المنهج الخاص به ويتخذ كل المبادرات التي تمكنه من تنفيذه على أرض الواقع لينشر الدعوة التي يقتنع بها في ربوع الوطن.

لكن هناك من يتخوف من المنهج السلفي وتشدده في التطبيق.

- نحن سنطبق منهجنا بإقناع الشعب تدريجيا، لأننا نبني من القاعدة حتى يكون الاقتناع هو وسيلة تعامل الشعب معنا.

إلى أي مدى أدى تحزب السلفيين؟ وهل تعدد الأحزاب السلفية يقلل من ثقل التيار السلفي في الشارع المصري؟

- أعترف بوجود قدر من الانقسامات حاليا بين السلفيين، ولكن هذا الانقسام ليس في المنهج ولا يقلل من الثقل السياسي للأحزاب السياسية مجتمعة، وقد يحدث نوع من التأثر لأحزاب سلفية لصالح أحزاب سلفية أخرى بقدر معين، وهذا يسهم في نفس الوقت في إعادة رسم الخريطة السياسية لمصر، وأنا أستريح لهذا الأمر حتى تستطيع كل القوى التي استشعرت الغبن أو الظلم في الانتخابات البرلمانية السابقة لعدم جاهزيتها آنذاك، أن تستعد وتحصل على فرصتها كاملة في الانتخابات المقبلة حتى لا يأتي بعد ذلك ويشكو من الظلم، ولا يكون من حقه أن يشكو لأنه سيأخذ فرصته كاملة.

ماذا تقول لـ«جبهة الإنقاذ» ومعارضي الرئيس مرسي؟

- أقول لهم ولجميع القوى السياسية بمصر بأن تستعد للانتخابات وتعمل بجد لهذا الحدث من الآن وتنزل إلى الشارع لتلتقي الشعب وتتعرف على همومه، بدلا من العنف والدعوة إلى الاعتصامات.

هل تتوقع تغير خريطة توزيع القوى السياسية في البرلمان القادم عن سابقه الذي تم حله؟

- التغير وارد، ويمكن لقوة مثل الإخوان المسلمين، أن تحصل على عدد أقل من المقاعد مما كان لديها في البرلمان السابق، وأتوقع أن يحدث تداول للأغلبية في إطار التداول السلمي للسلطة ضمن قواعد اللعبة السياسية التي قبلنا جميعا التعامل بها.