روابط «الألتراس» تفتتح «مظاهرات الغضب» مبكرا وتشل حركة القاهرة

ارتباك في التعامل مع المتظاهرين.. و«الداخلية» تناشد الالتزام بـ«الشرعية»

مشجعو النادي الأهلي المصري (الألتراس) يعطلون السير فوق كوبري 6 أكتوبر بوسط القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

افتتحت روابط مشجعي كرة القدم المصرية (الألتراس) مظاهرات الغضب مبكرا أمس، التي كان مقررا لها يومي الجمعة والسبت المقبلين، 25 و26 يناير (كانون الثاني) الحالي، وهما اليومان اللذان يوافقان الذكرى الثانية للثورة المصرية، وصدور الحكم في قضية «مذبحة أستاذ بورسعيد». وقام شباب الألتراس أمس بتنظيم مسيرات حاشدة شلت حركة السير بالعاصمة المصرية (القاهرة)، كما قاموا بقطع عدة طرق مهمة ومترو الأنفاق وحاصرو مقر البورصة المصرية لساعات.

وبينما ساد ارتباك أمني واضح في التعامل مع المتظاهرين ومحاولات تفريقهم نتيجة تحركاتهم المفاجئة وظهورهم في أماكن مختلفة في نفس التوقيت، وسط سخط عدد من المواطنين، ناشدت وزارة الداخلية المتظاهرين بالالتزام بالشرعية خلال إحياء الذكرى الثانية لثورة 25 يناير.

ويطالب شباب الألتراس، التابعون للنادي الأهلي، وانضم إليهم منتمون لنادي الزمالك، بالقصاص لزملائهم الذين راحوا ضحية مجزرة استاد بورسعيد، مطلع شهر فبراير (شباط) العام الماضي، التي قتل فيها 72 شابا وأصيب 254 آخرون خلال مباراة لكرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري. وأعلن المتظاهرون أن «أمس هو أول أيام الغضب»، كما رفعوا شعار «القصاص أو الفوضى».

وينتظر أن تصدر محكمة جنايات بورسعيد حكمها في القضية المنعقدة بالقاهرة بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، يوم (السبت) المقبل، غير أن التوقعات تشير إلى احتمالية تأجيل صدور الحكم بعد أن قامت النيابة العامة بتقديم مذكرة للمحكمة تطالب فيها بإعادة فتح باب المرافعة في القضية، نظرا لظهور أدلة جديدة كشف عنها تقرير لجنة تقصي الحقائق.

لكن البعض أبدى تخوفا من أن يكون الهدف من مذكرة النيابة «سياسيا» بغرض إرجاء الفصل في القضية، كون توقيت صدور الحكم يتزامن مع مظاهرات ذكرى ثورة 25 يناير، ومع التهديدات التي لوحت بها روابط مشجعي كل من ناديي المصري البورسعيدي والأهلي في حال لم يلق الحكم قبولا لديها.

وأعلن «ألتراس مصراوي» من جانبه تنظيم مظاهرات في كل شوارع مدينة بورسعيد تحت عنوان «الإنذار الأخير»، مهددا بإعلان انفصال بورسعيد وتأميم المصانع والشركات واحتلال مبني المحافظة ومنع الوافدين من دخول المدينة الحرة، ما لم يتم الاعتذار عن تحميلهم نتيجة المجزرة رسميا.

وتضم لائحة المتهمين في القضية 9 من كبار القيادات الأمنية في محافظة بورسعيد، بالإضافة إلى عدد من شباب جمهور النادي المصري.

وكان المئات من أعضاء ألتراس النادي الأهلي قد تجمعوا صباح أمس أمام مقر البورصة المصرية وسط القاهرة، وحاصرها لمدة 3 ساعات تقريبا، مما اضطر إدارة البورصة لإغلاق أبوابها، ومنع دخول المتعاملين، وقد أدى الحصار إلى تراجع مؤشرات البورصة في مستهل تعاملات أمس.

ومن جانبه، أمر المستشار طلعت عبد الله، النائب العام، بإحالة بلاغ بشأن حصار البورصة إلى نيابة وسط القاهرة الكلية للتحقيق في البلاغ، الذي أشار إلى أن حصار البورصة «يمثل تعطيلا لمرفق حيوي وتهديدا لأمن الوطن وسلامة المتعاملين، ومن شأنه أن يؤثر على الاقتصاد المصري».

كما توقفت حركة قطارات مترو الأنفاق أمس لعدة ساعات بسبب وقوف شباب الألتراس على القضبان الحديدية بمحطة «سعد زغلول» وسط القاهرة، وقد أشعل المشاركون الشماريخ على القضبان وقاموا بقطع الطريق تماما، مرديين هتاف «في الجنة يا شهيد.. ثورة تاني من جديد». وقد طلبت إدارة المترو من الركاب خلال مكبرات الصوت إخلاء المحطة خوفا من الاحتكاكات بين الجانبين.

وانتقلت المظاهرات الغاضبة بعد ذلك إلى أعلى كوبري (6 أكتوبر) الحيوي، بعد أن قام مئات من أعضاء الألتراس بقطع نهر الكوبري الذي يربط معظم مناطق العاصمة، مما أدى إلى حدوث أزمة مرورية طاحنة بشوارع وسط القاهرة.

وقال منسقو الألتراس إنهم سينظمون مجموعة من الفعاليات في كل المحافظات المصرية من القاهرة إلى أسوان، للضغط من أجل إصدار حكم متشدد في القضية يوم السبت المقبل. وقال بيان للألتراس: «لقد فاض الكيل من كثرة المهاترات والمماطلة والتأجيل.. يوما بعد يوما، يحاول النظام التأخير والتهدئة لنسيان ما حدث.. نحن ضد الظلم ومع القصاص من كل من كان له يد في هذه المؤامرة».

وطالب شباب الألتراس، بفتح تحقيق مواز في القضية لمن ظهرت عليهم أدلة جديدة للمتهمين الجدد، معلنين رفضهم التام لتأجيل الحكم.

من جهتها، أصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانا أمس، ناشدت فيه المواطنين الالتزام بالشرعية والقانون أثناء مظاهرات الذكرى الثانية للثورة المصرية، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وعدم التعرض لها بأي صورة من الصور.

وأكدت الوزارة ضرورة عدم تعطيل مصالح المواطنين، لما له من مردودات سلبية يتحملها أولا وأخيرا المواطن المصري، منوهة إلى أنها تنتهج سياسة تتوافق وأهداف الثورة، وأنها غيرت من عقيدتها في الاتجاه الذي يكفل حماية كل الحقوق والحريات، وعلى قائمتها حق التظاهر السلمي.

كذلك، أصدر مجلس الوزراء المصري، برئاسة الدكتور هشام قنديل، بيانا أمس في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، أكد فيه أن «ثورة يناير أعطت الدرس الأهم للجميع وهو أنه لم يعد الحكام هم الأبطال وصانعو الأحداث، بل أصبح الشعب هو البطل»، مشيرا إلى أن «مصر الآن أصبحت لكل المصريين وليس لفئة قليلة منتفعة أو مستفيدة»، وأن «التحدي الأكبر والأهم ليس فقط في إعادة بناء الاقتصاد وتطوير خدمات الصحة والتعليم والمرافق، وإنما أيضا في استلهام قيم ثورة يناير العظيمة في إعادة بناء منظومة قيم المجتمع المصري».