يائير لبيد الإعلامي الملاكم يتوج نجم الانتخابات الإسرائيلية

حصد نصف مليون صوت و19 مقعدا ليصبح الكتلة الثانية في الكنيست بدون منازع

يائير لبيد
TT

بعد أن تم تتويج زعيم حزب المستوطنين، نفتالي بينيت، خلال الحملات الانتخابية، كنجم صاعد في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت أول من أمس، أفرزت هذه الانتخابات على نحو مفاجئ نجما آخر فاقه في جذب أصوات الناخبين عموما والشباب والنشء بشكل خاص، هو النجم الإعلامي يائير لبيد. فقد أسس حزبا من لا شيء قبل سنة تماما. وحصد أصوات نصف مليون مواطن إسرائيلي. وأصبح قائدا لثاني كبرى الكتل البرلمانية بعد كتلة «الليكود – بيتنا» برئاسة بنيامين نتنياهو.

وحتى كتلته البرلمانية جاءت مميزة، إذ تضم 19 شخصية تدخل عالم السياسة لأول مرة، بينهم رجل دين يهودي وصحافية من أصل إثيوبي ويهود شرقيون وغربيون ومستوطنون ويساريون، والقائد الكبير السابق في الشرطة ميكي ليفي، ورئيس سابق لجهاز المخابرات العامة (الشاباك) يعقوب بيري. ونصفهم من النساء.

ولبيد هو كاتب معروف منذ أيام شبابه وصحافي لامع ونجم تلفزيوني مشهور. ولد عام 1963، لعائلة تقف في يمين الخريطة السياسية في إسرائيل. والده الصحافي يوسف لبيد كان رئيس تحرير صحيفة «معاريف»، وله باع طويل في الصحافة والإعلام. ثم ترك الإعلام وانتقل إلى السياسة، فقاد حركة «شينوي» التي تعني «تغيير». وحصلت الحركة عام 2003 على 15 مقعدا في الكنيست، وشغل لبيد (الأب) منصب وزير العدل ونائب رئيس الوزراء. وكان معروفا بفظاظة أسلوبه. وعُرف بأفكاره ومواقفه العلمانية المتطرفة. واعتبر ممثلو الأحزاب الدينية في البرلمان الإسرائيلي طموحات لبيد «الابن» السياسية ستكون نسخة طبق الأصل من أبيه، أي أنه سيكون خصما لدودا لمواقفهم الدينية المتحفظة. ولبيد الابن متزوج وأب لثلاثة أولاد. تلقى تعليمه في تل أبيب ولندن، حيث حصل على شهادته وبدأ يزاول الإعلام. وكتب في الصحف المشهورة في إسرائيل مثل «معاريف» و«يديعوت أحرونوت». وعمل في التلفزيون الرسمي والتجاري. وألّف لبيد عشر روايات، معظمها من النوع الدرامي، الذي يعتمد على عنصر التشويق، وقد حظيت بإعجاب الكثيرين في إسرائيل. وحاول لبيد الحصول على شهادة دكتوراه في إطار مسار خاص في جامعة بار إيلان من دون أن يحصل على اللقب الثاني، لكن الصحافة كشفت الأمر وراحت تهاجمه، وتدخل وزير التعليم من حزب الليكود، جدعون ساعر، ومنعه من ذلك. فاعتبر الأمر انتقاما. إضافة لذلك، مارس لبيد في شبابه رياضة الملاكمة، وهو ما زال يحافظ على لياقة بدنية جيدة، ويواصل تدريباته كما يمارس رياضة الجودو. وقرص بعض النواب من الكتل اليمينية النجم السياسي الجديد زاعمين أنهم لا يراهنون على قدرة بقاء لبيد في حلبة المصارعة السياسية «فهذه تحتاج إلى قوانين أخرى».

وأعلن يائير لبيد، السياسي جديد العهد، في يناير (كانون الثاني) من العام المنصرم، عن استقالته من مجال الصحافة والإعلام، ورغبته في خوض الميدان السياسي. وتفاوتت آنذاك التوقعات إن كان سيصبح نجما سياسيا، أم أن شعلته سرعان ما ستنطفئ. وقد بدأ اليمين بمحاربته عندما أخذ يستقطب المؤيدين، الذين نظمهم بواسطة شبكات التواصل الاجتماعية، فجند 10 آلاف متطوع لإدارة حملته الانتخابية. وقد كتب يومها على صفحة «فيس بوك» الخاصة به، في يناير (كانون الثاني) 2012، بعد إعلانه دخول السياسية «انطلقت في طريق جديد مسلحا بالحقيقة. إنني أقوم بأمر أؤمن به. أنتم جماهيري، وأستمد منكم قوتي. أعدكم بأن أصغي لمطالبكم وأن أطلعكم على كل جديد». وكتب لبيد طوال الوقت حول مواضيع سياسية شغلت الشارع الإسرائيلي، ومن هذه القضايا كان إقصاء النساء في إسرائيل من الحيز العام، حيث علّق على القضية سائلا اليهود المتدينين، تحديدا المتزمتين «هل تقبلون العيش في دولة تمنع اليهود من الغناء؟.. وتمنعهم من الجلوس في مقدم الحافلات؟»، مشددا على أنهم لن يرضوا بهذا، ومتسائلا «لماذا إذن تصلح هذه القيود في دولة اليهود؟».

وهنأ عديد من السياسيين آنذاك لبيد، بعد إعلانه دخول السياسة، ومنهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستقبلا إياه في يناير من العام المنصرم «أهلا وسهلا لحلبة السياسة». وتمنت رئيسة حزب «العمل» شيلي يحيموفيتش النجاح للبيد، قائلة عنه «(إنه) إنسان فريد من نوعه وصاحب قدرات ستعود بالنفع على السياسة والمجتمع». واليوم هما (نتنياهو ويحيموفيتش) نادمان على ذلك. فهو الذي جرف أصواتا كثيرة كانت مضمونة لكل منهما». ويطرح لبيد نفسه على أنه ممثل للطبقات الوسطى، التي أدت سياسة نتنياهو إلى تحطيمها. ومع أنه ينتقد بشدة سياسة نتنياهو، التي تسببت في تجميد مسيرة المفاوضات، فإنه يتهم أيضا القيادة الفلسطينية بالمسؤولية عن الجمود. وهو يؤيد حل الدولتين، لكنه يعارض أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه يعارض لبيد الدخول في خلافات مع الحلفاء في الغرب، خصوصا الولايات المتحدة.