تحالف سياسي إسلامي يرفض مسودة الدستور التونسي الجديد

إذا لم يعتمد الشريعة كمصدر للتشريع

TT

قال محمد الصالح الحدري، رئيس «الجبهة العربية الإسلامية»، إن التحالف السياسي الجديد الذي يقوده حزب العدل والتنمية (تأسس بعد الثورة) سيرفض الدستور التونسي الجديد إذا لم يعتمد الشريعة كمصدر للتشريع. وصرح لـ«الشرق الأوسط» بأن الجبهة لن تعترف بالدستور من الناحية المبدئية، وسترفضه رفضا باتا في صيغته الحالية، وقد تضطر للاعتراف الوقتي به إذا خضع للاستفتاء وقبلت بأحكامه أغلبية التونسيين مع مواصلة المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع.

ويناقش أعضاء المجلس التأسيسي فصول الدستور الجديد في ظل مجموعة من الخلافات مع التيارات اليسارية حول عديد النقاط من بينها عقوبة الإعدام (قيادات حركة النهضة تطالب بالقصاص)، إلى جانب اعتماد كونية الحقوق والحريات. وأبدى الحدري تخوفه من أن تطال الجبهة «السهام» على حد تعبيره بعد الإعلان الصريح عن برنامجها السياسي ومبادئها المخالفة لتوجه الإسلام السياسي.

وكان حزب التحرير (حزب سلفي ينادي بإقامة الخلافة) قد قدم بدوره بداية الشهر الحالي مشروع دستور إلى المجلس التأسيسي وطلب من أعضائه النظر في فصوله وتطبيق الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع بما قد يطيل أمد النقاش حول الدستور الجديد. وتتوقع قيادات من الائتلاف الثلاثي الحاكم أن يكون الدستور الجديد جاهزا للتصويت خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل.

وهاجم الحدري في تصريحه التيارات السلفية، وقال إن الجبهة العربية الإسلامية «صابرة» على الأذى، وتدعو لمن يتهكم على إسلام التونسيين بالهداية على حد تعبيره، واعتبر أن مهاجمة مقامات الأولياء الصالحين والزوايا الصوفية تعتبر اعتداء على إرادة التونسيين، وهذا ما لا تقبله الكثير من التيارات الإسلامية في تونس.

ونفى الحدري في تصريحه أن تكون الجبهة العربية الإسلامية ساعية إلى فرض وصايتها على الدين في تونس، وقال إن هدفها سياسي في المقام الأول، وهي تسعى إلى تحقيق مبادئها حتى وإن أخفقت في تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة. ودعا الحدري بقية الأحزاب السياسية التونسية التي تؤمن بنفس المبادئ إلى الالتحاق بالجبهة، ولم يستثن من الدعوة حركة النهضة التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا ما تراجعت الحركة عن معاداة الشريعة، على حد قوله، وسعت إلى اعتمادها في التشريع، فإن الأحزاب الثلاثة المكونة للجبهة العربية الإسلامية ستكون مفتوحة أمامها ولن تمنعها من الانضمام إلى مشروعها السياسي والمجتمعي.

واعترف الحدري بوجود «أزمة قيم» في المجتمع التونسي، وقال إن تونس اليوم لا تحتاج إلى قيادة سياسية في المقام الأول، بقدر حاجتها لمشروع أخلاقي قيمي يؤدي إلى القضاء على الفقر والخصاصة. وأشار إلى أن من حق الجبهة العربية الإسلامية أن تتحفظ على كل ما يعارض الشريعة الإسلامية سواء في الدستور أو في الحياة العامة للتونسيين.

وقال الحدري إن حزب العدل والتنمية الذي يترأسه قدم مشروع دستور إلى المجلس التأسيسي (البرلمان) منذ يوم 23 فبراير (شباط) 2012، ودعاه إلى تطيق الشريعة، إلا أن رئاسة المجلس لم تعره اهتماما وأبقت على مسودة لا تعترف بالشريعة كمصدر للتشريع.

ويقود حزب العدل والتنمية ذو التوجهات الإسلامية تحالف «الجبهة العربية الإسلامية» التي تضم ثلاثة أحزاب (حزب العدل والتنمية وحزب المؤتمر الشعبي وحركة شباب تونس الأحرار)، وهي أحزاب تكونت بعد الثورة وتجمع بينها الدعوة إلى اعتماد الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع والقبول بالمصادر الأخرى إذا كانت غير متعارضة مع الكتاب والسنة. ويتداول الأحزاب الثلاثة على رئاسة شهرية لهذه الجبهة السياسية التي تقول قياداتها إنها تنبذ العنف وتحاول فرض الرأي بالحجة بعيدا عن لغة السيف و«الكلاشنيكوف»، وأن مرجعيتها تقوم على «الحق والعدل»، على حد قولها.