ليبيا: قرار مفاجئ بمنع دخول الأجانب برا وسط جدل حول تورط سوريين وإيرانيين في نشر التشيع

أسرة القذافي تشكك في مصداقية محاكمة سيف الإسلام وشرعيتها القانونية

TT

في قرار مفاجئ يعكس وجود مخاوف أمنية، أصدرت السلطات الليبية أمس قرارا بمنع دخول الأجانب الأراضي الليبية عبر منفذ مساعد البري على الحدود المصرية، باستثناء حاملي الجنسية المصرية.

وقال مجدي العرفي، الناطق الرسمي بوزارة الداخلية الليبية، إن تعميما صدر عن الوزارة يتيح للأجانب الحاصلين على تأشيرات الدخول للأراضي الليبية عبر المنافذ الجوية. ولم يصدر أي توضيح لهذا القرار غير المتوقع، لكن مصادر ليبية تحدثت عن ارتباطه على ما يبدو بمعلومات غير رسمية لم تنفها السلطات الليبية عن احتمال صدور قرار يقضي بمنع دخول الرعايا السوريين والإيرانيين بسبب ما يشاع عن تورطهم في نشر المذهب الشيعي في ليبيا.

لكن أعضاء في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الذي طلب أول من أمس تقارير من عاشور شوايل وزير الداخلية، واللواء يوسف المنقوش رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، بشأن الوضع الأمني في البلاد، نفوا صدور قرار خاص بالسوريين والإيرانيين. ومع ذلك، قال مسؤول على صلة بقيادات الحدود بين ليبيا ومصر إن أجهزة الأمن الليبية اكتشفت وجود عناصر إيرانية وسورية بجوازات سفر مزورة، لكنه لم يوضح ما إذا كان قد تم اعتقال بعض هؤلاء أم لا.

واتهمت هيئة علماء ليبيا، في بيان أصدرته مؤخرا، إيران بنشر التشيع بين الشباب الليبي، وطالبت الحكومة باتخاذ إجراءات لمكافحة هذه الظاهرة، كما انتقدت ما وصفته بالتحركات المريبة للسفارة الإيرانية لدى ليبيا. واقترحت الهيئة على وزارة الداخلية ولجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني تشكيل لجنة لمكافحة هذه الظاهرة، وتعهدت بأنها ستبذل كل ما من شأنه جذب اهتمام الرأي العام إلى هذه القضية.

وكان الشيخ الصادق الغرياني، مفتي البلاد، قد حذر مؤخرا من انتشار التشيع في المجتمع الليبي خاصة بين الشباب، فيما قالت السلطات الليبية إنها صادرت آلاف الكتب التي تروج للمذهب الشيعي. وكشف الغرياني النقاب عن أن «عائلات ليبية اتصلت بدار الإفتاء تحذر من أن يتحول أبناؤها إلى مذاهب ملحدة مثل الأحمدية والقاديانية»، مشيرا إلى أن الإيرانيين يستدرجون الشباب وعامة الناس لدعوات مجانية لزيارة إيران ومنحهم إقامات في فنادق فخمة بزعم رغبة طهران في مساعدة ليبيا.

ومع ذلك، يقول ناشطون سياسيون ليبيون إن التيار الإسلامي يسعى لافتعال معركة إعلامية حول وجود مخاطر من نشر التشيع لأهداف سياسية. وقال إعلامي ليبي طلب عدم تعريفه «كذب.. لا توجد كتب شيعية ولا شيء. هذا سيناريو لذر الرماد في العيون. المتطرفون الإسلاميون هذه الأيام متهمون، وهم يقومون بجمع سلاح ويقولون إنهم صادروه، وكذلك بالنسبة للمخدرات، وآخر كذبة صدرت عنهم تتعلق بالكتب الشيعية».

ومن ناحية أخرى اعتبرت أسرة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي أن محاكمة نجله «سيف الإسلام» أمام محكمة ليبية هي «إحدى محاكمات الغرب الانتقامية الانتقائية ضد الواقفين في طريق الانكباب والانبطاح لغايات الغير».

وقالت الأسرة، التي تقيم في الجزائر منذ سقوط نظام القذافي الذي قتل في سرت أثناء الثورة المسلحة ضد حكمه في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنها تطعن في مصداقية المحكمة المنعقدة في غرب البلاد، وتطعن في شرعيتها القانونية.

وأضافت: «انتقائية التهم وانتقاء المتهمين لا يدع مجالا أمامنا إلا بالطعن في مصداقية المحكمة وشرعيتها القانونية».

ووجهت الأسرة التحية لـ«سيف الإسلام»، وقالت: إنه يواجه المحاكمة «بعزيمة الأبطال وبجأش الفرسان»، معربة عن شعورها بالحزن والأسى على «بلدنا الجريحة من سفك الدماء والتعذيب والقهر والظلم والغياب الكامل لكيان الدولة».

وكان المحامون الذين عينتهم المحكمة الجنائية الدولية للدفاع عن سيف الإسلام قد نددوا بالمحاكمة التي تقيمها السلطات الليبية بحق موكلهم الذي مثل الخميس الماضي في بلاده أمام محكمة جنايات الزنتان (غرب طرابلس)، في قضية «المساس بأمن الدولة»، التي اتهم فيها إثر زيارة وفد المحكمة الجنائية الدولية له الصيف الماضي.

وأجلت هيئة المحكمة النظر في القضية إلى الثاني من مايو (أيار) المقبل لإخطار وفد محكمة الجنايات الذي أفرج عنه لحين الحضور للموعد وتوكيل محام لسيف الإسلام في هذه القضية.

وكان فريق المحكمة الجنائية المؤلف من أربعة أشخاص أوقف في السابع من يونيو (حزيران) الماضي بعد زيارته لسيف الإسلام، وقد أفرج عنهم في مطلع يوليو (تموز) الماضي.

واتهمت السلطات الليبية المحامية الأسترالية مليندا تايلور، وهي محامية سيف الإسلام، بأنها أحضرت معها قلما عبارة عن كاميرا ورسالة مشفرة من محمد إسماعيل أحد أهم مساعدي سيف الإسلام. واعتبرت هيئة دفاع نجل القذافي أن محاكمة سيف الإسلام بتهمة «المساس بأمن الدولة» تمثل فصلا جديدا في إطار التجاذب بين طرابلس والمحكمة الجنائية الدولية اللتين تتنازعان الحق في محاكمة سيف الإسلام المعتقل لدى كتيبة من الثوار السابقين منذ اعتقاله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011.

ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية قريبا قرارا بشأن طلب تقدمت به طرابلس التي ترغب في محاكمة سيف الإسلام والرئيس السابق للاستخبارات عبد الله السنوسي، وهو صهر القذافي، المطلوبين بموجب مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال النزاع الذي انتهى بسقوط نظام القذافي.

وطلب فريق الدفاع عن سيف الإسلام من المحكمة الجنائية الدولية «أن تأمر حكومة ليبيا بتسليم نجل القذافي فورا إلى المحكمة الجنائية الدولية».

ويؤكد محامو الدفاع أن سيف الإسلام لن ينال محاكمة عادلة في ليبيا.

ومن المقرر أن تسلم طرابلس تقريرا في وقت لاحق إلى المحكمة الجنائية الدولية في إطار طلبها للحصول من المحكمة على الحق في محاكمة سيف الإسلام.