المرشح لمنصب وزير الخارجية الأميركية: سياستنا الخارجية لا تحددها الطائرات والجنود

كيري: علينا العمل لزيادة استعداد الأسد للرحيل وإبقاء سوريا موحدة * تعهد أمام الكونغرس بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي

السيناتور الديمقراطي جون كيري المرشح لمنصب وزير الخارجية أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ أمس (أ.ب)
TT

تعهد السيناتور الديمقراطي جون كيري المرشح لمنصب وزير الخارجية بالقيام بكل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.

وقال كيري أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ التي تناقش الفصل في ترشيحه للمنصب «العالم يدرك أن هناك تحديات كبيرة أمامنا خاصة في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا ولا بد أن نجد حلا للملف النووي، ولا بد من منع إيران من امتلاك سلاح نووي». وأضاف «أكرر هنا اليوم: سياستنا ليست الاحتواء وإنما المنع، إنها سياسة وقائية والوقت يمر على جهودنا لتأمين انصياع المسؤولين من جانب إيران».

وفي لغة صارمة أكد المرشح لمنصب وزير الخارجية الأميركي أنه سيضغط من أجل الحصول على أجوبة بشأن البرنامج النووي الإيراني مشددا أنه يأمل في إمكان إحراز تقدم مع طهران على الصعيد الدبلوماسي، وقال «الرئيس أوباما قال عدة مرات إننا نفضل الحل الدبلوماسي، وأنا أقول إنني سأبذل كل الجهد للجانب الدبلوماسي لكن لا أحد يقلل من الخيار العسكري».

ووجه كيري رسالة للإيرانيين خلال شهادته قائلا «أقول للإيرانيين وأرجو أن يسمعوني إنهم إذا استمروا في التأكيد أن برنامجهم النووي سلمي فعليهم إثبات ذلك، ليس صعبا إثبات سلمية البرنامج بالسماح بالتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية» موضحا أن دولا أخرى قامت بذلك. وشدد كيري على فعالية العقوبات على إيران وقال «الحلفاء ومجموعة الدول الخمسة +1 التي تضم الصين وروسيا أعلنوا أننا متحدون في مواقفنا من الملف النووي الإيراني وأننا نترقب التزام إيران بقرارات الأمم المتحدة وعلى الإيرانيين إدراك أنه لا توجد أجندة أخرى وإذا كان برنامجهم سلميا فعليهم إثبات ذلك».

وشدد كيري على التزامه بالعقوبات المفروضة على إيران والمحادثات ضمن مجموعة الخمسة زائد واحد، وقال «سنهدف للتوصل إلى اتفاق في إطار يتوافق مع قرارات الأمم المتحدة وهناك عدة طرق للتوصل إلى ذلك واحدة منها هي اجتماع مجموعة الخمسة +1 ومستعدون للحوار وإجراء مفاوضات ثنائية».

وتعهد كيري - عند موافقة الكونغرس على ترشيحه وزيرا للخارجية - أن تتمسك الولايات المتحدة بقيمها ومبادئها وأن تعطي صوتا لمن لا صوت له وأن تقوم بالقيادة والقيام بدور جديد في العالم وسط تهديدات التغيير والحرب الأهلية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وقال «عندما خرجت الأصوات من ميدان التحرير في ثورة مصر لم تكن حركة دينية ولا بد للاستجابة لتطلعات الحرية والديمقراطية»، وأوضح كيري أن تعداد مصر يعادل ربع سكان العالم العربي وهناك مخاوف حول السلام مع إسرائيل وأمن سيناء وإصلاح الاقتصاد ليكون تنافسيا ومفتوحا، وتساءل أمام لجنة الشؤون الخارجية «كيف يمكن عمل ذلك وأكثر من 60% من سكان مصر تحت سن الثلاثين ولا بد أن يجدوا تعليما وفرص عمل وعلينا مساعدة الدول الناشئة وهذا تحدٍ لنا».

وحول رؤيته للوضع في سوريا أوضح كيري أن الرئيس بشار الأسد لا يعتقد أنه سيخسر بينما المعارضة تؤمن أنها تربح وقال كيري «هذا لا يوفر مجالا للتوصل إلى اتفاق بين الجانبين ولا بد أن تكون المعارضة مستعدة للحوار»، وأوضح كيري أن الروس مستعدون لرؤية الأسد يرحل عن السلطة لكن لديهم رؤية مختلفة لتوقيت حدوث ذلك وأسلوب حدوثه، وأوضح كيري أنه عندما يناقش قضية سوريا سيعمل على زيادة قدرة المعارضة وزيادة استعداد الأسد للرحيل والقيام بالتغيير بحيث يحافظ على تماسك الدولة.

وأوضح كيري أن مشاركة الولايات المتحدة مع حلف الناتو في الصراع في ليبيا كانت طريقة فعالة وأنجزت المهمة بنجاح دون أن يكون هناك جنود أميركيون على الأرض في ليبيا مطالبا بإعطاء الفرصة والوقت الكافي لليبيين لتقرير مستقبلهم، وقال «هناك وقت حرج من التغيير الذي يحدث في هذا الجزء من العالم منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية وهناك صراعات طائفية ومحاولات انفصال وعلينا التفكير في التاريخ والبيئة والثقافة التي تحكم هذا الجزء من العالم، وإعطاؤهم الوقت لأنه لا يمكن فرض الفكر الأميركي عليهم وإنما مساعدتهم بتجميعهم حول المبادئ والقيم، وهناك وسائل متعددة للتواصل بين الناس».

وفي شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ التي ترأسها منذ عام 2009، قال الديمقراطي عن ولاية ماساشوستس والمرشح الرئاسي في عام 2004 إن السياسة الخارجية الأميركية «يحددها الأمن الغذائي وأمن الطاقة والمساعدات الإنسانية ومكافحة الأمراض والسعي إلى التنمية مثلما يحددها بنفس القدر أي مبادرة لمكافحة الإرهاب». وقال إن «السياسة الخارجية الأميركية لا تتحدد فقط بالطائرات من دون طيار ونشر الجنود، وإن العمليات العسكرية الضرورية يجب ألا تلقى بظلالها على الجهود الدبلوماسية والإنسانية الأميركية في جميع أنحاء العالم».

واعتبر كيري أن «مسألة التغير المناخي ومكافحة الإرهاب ومساعدة اللاجئين والتطوير الاقتصادي ينبغي أن تكون أولويات في الدبلوماسية الأميركية». وقال كيري «الرئيس أوباما وكل واحد منا هنا يعلم أن السياسة الخارجية الأميركية لا تحددها الطائرات من دون طيار والانتشار العسكري فقط». وتابع «لا يمكن أن نسمح للعمل الخيري غير العادي الذي نقوم به لإنقاذ وتغيير أنماط الحياة بأن يطغى عليه الدور الذي كان يتعين علينا أن نقوم به منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر وهو دور فرض علينا».

وقال كيري «أؤمن أنه لكي تكون أميركا قوية في الداخل يجب أن نكون أقوياء في العالم لأن العالم ينظر إلى الولايات المتحدة لتتولى القيادة»، وأضاف «لا يوجد دولة ملتزمة بالديمقراطية وحقوق الإنسان مثل الولايات المتحدة وعلينا أن نثبت للعالم أننا نقوم بعملنا في الوقت المناسب وبطريقة فعالة»، وقال «أشارك الرئيس الاقتناع بأن من الحتمي أن نؤكد على دور جديد في عالم تتزايد فيه أعداد الدول الفاشلة والتي في طريقها لأن تصبح دولا فاشلة».

وخلال شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية صاحت فتاة في نهاية القاعة قائلة «إلى متى تنتظرون، الأصدقاء يموتون في الشرق الأوسط، كم قتيلا يكفيكم حتى تتحركوا في سوريا»، وقامت شرطة الكونغرس بإخراجها من القاعة وعندئد قال كيري «أنا أحترم صراخ هذه السيدة وهنا هو المكان لإبداء الآراء وليكون صوتهم مسموعا وأعتقد أن هذه المرأة تعبر عن مخاوفها في ذلك الجزء من العالم».

كانت جلسة الاستمتاع أمام لجنة الشؤون الخارجية - التي كان يرأسها كيري - قد استمرت لأكثر من ثلاث ساعات صباح أمس. وأثنت وزيرة الخارجية الأميركية على تاريخ كيري (69 عاما) ورؤيته للدور الأميركي في العالم وأشاد سيناتور جمهوري بالاحترام الذي يحظي به كيري على الرغم من الخلافات السياسة بين الحزبين وعمله بالكونغرس الذي استمر لمدة 28 عاما من الخدمة في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ.

ومن المتوقع أن يصادق مجلس الشيوخ البالغ عدد أعضائه 100 عضو على تعيين كيري وزيرا للخارجية، لكن الجدل ما زال ساخنا داخل الكونغرس بعد جلسة الاستماع مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول الهجوم على القنصلية الأميركية في بني غازي، ويتخوف المشرعون من انتشار التطرف الإسلامي في شمال أفريقيا.

وتأتي جلسة الاستماع للسيناتور جون كيري هي الأولى ضمن ثلاث جلسات تعقد الأسبوع المقبل للمرشحين الثلاثة الذين رشحهم الرئيس أوباما لتولي مناصب تتعلق بالأمن القومي الأميركي ويواجه السيناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل المرشح لمنصب وزير الدفاع جلسة - من المرجح أن تكون ساخنة - يوم الخميس المقبل (31 يناير) أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ فيما يلقى جون برينان - الذي اختاره أوباما ليرأس المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) - بشهادته في جلسة استماع الشهر المقبل.