كوريا الشمالية تهدد بتجربة نووية ثالثة.. والعالم حائر في التوقيت

البيت الأبيض يندد بالخطوة «الاستفزازية».. وبكين تدعو حليفتها بيونغ يانغ للتصرف بحكمة

امرأتان تمران بجوار لوحة كبيرة تضم صورا لأطفال يعانون الجوع وأخرى لصاروخ بشارع في سيول أمس (أ.ب)
TT

أكدت كوريا الشمالية أمس عزمها إجراء تجربة نووية جديدة تستهدف الولايات المتحدة، التي وصفتها بالعدو اللدود، وذلك بعد يومين على العقوبات الموسعة التي فرضتها الأمم المتحدة بعد إطلاقها صاروخا اعتبرت واشنطن أنه صاروخ باليستي. وفي حين بدأ المحللون يقدمون تواريخ محتملة كثيرة، أفادت مصادر استخباراتية كورية جنوبية أن التحضيرات التقنية التي يجريها الشمال توحي بأن التجربة قد تحصل في غضون أيام.

وجاءت أبرز ردود الفعل أمس من واشنطن التي نددت بالتهديد الكوري الشمالي الجديد، معتبرة أنه «استفزاز لا طائل منه»، ومن بكين التي طالبت بضبط النفس والتصرف بحكمة. وفي حال أجريت التجربة، ستكون الثالثة بعد تجربتي 2006 و2009، اللتين أدتا إلى فرض سلسلة من العقوبات على نظام بيونغ يانغ.

ونقلت وكالة الأنباء الكورية الشمالية عن لجنة الدفاع قولها: «إننا لا نخفي حقيقة أن مختلف الأقمار الصناعية والصواريخ الطويلة المدى التي سنطلقها والتجربة النووية الرفيعة المستوى التي سننفذها ستكون موجهة إلى الولايات المتحدة».

وتعتقد كوريا الجنوبية ومراقبون آخرون أن كوريا الشمالية «مستعدة فنيا» لتجربة نووية ثالثة وأن قرار إجراء هذه التجربة في يد الزعيم كيم جونغ - أون الذي مضى قدما بإطلاق الصاروخ في ديسمبر (كانون الأول) الماضي متجاهلا عقوبات الأمم المتحدة. ووافقت الصين، الحليفة الدبلوماسية الكبرى لبيونغ يانغ، على القرار الذي أيدته الأمم المتحدة كما ساندت قرارين في 2006 و2009 بعد تجربتين نوويتين سابقتين قامت بهما بيونغ يانغ.

ويمثل التهديد الكوري الشمالي الجديد تحديا كبيرا لبكين في الوقت الذي تخوض فيه عملية تغيير في القيادات مع تولي شي جينبينغ رئاسة البلاد في مارس (آذار) المقبل. ودعت الخارجية الصينية للهدوء وضبط النفس والعودة إلى المحادثات السياسية، لكنها خصت كوريا الشمالية بالذكر عندما حثت «الطرف المعني» على عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها زيادة التوترات. وقال هونغ لي المتحدث باسم الخارجية الصينية للصحافيين في إفادة صحافية معتادة: «نتمنى أن يحتفظ الطرف المعني بالهدوء ويتصرف ويتحدث بطريقة حذرة وحكيمة وأن لا يتخذ أي خطوات من شأنها زيادة الوضع تدهورا». وترفض كوريا الشمالية اقتراحات لاستئناف المحادثات السداسية، التي تشارك فيها الولايات المتحدة والصين وروسيا واليابان والكوريتان، بهدف الحد من قدراتها النووية.

وقال محللون إن كوريا الشمالية ربما تجري التجربة النووية في فبراير (شباط) المقبل في الوقت الذي تتأهب فيه كوريا الجنوبية لتولي رئيسة جديدة مقاليد الحكم، أو أنها ربما تجري التجربة في وقت يتزامن مع عيد ميلاد زعيمها الراحل كيم جونغ - إيل يوم 16 فبراير المقبل. وذكر لي سيونغ يول الباحث في معهد «أوها» لدراسات الوحدة في سيول أن «كوريا الشمالية ربما تشعر بأن الصين خانتها لموافقتها على أحدث قرار من الأمم المتحدة، وربما تستهدف (الصين) أيضا (بهذا البيان)».

وعلق المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أمس على التهديد الكوري الشمالي بقوله إن «تصريح كوريا الشمالية استفزاز لا طائل منه»، مشيرا إلى أن إجراء بيونغ يانغ اختبارا نوويا يشكل انتهاكا فاضحا لعقوبات الأمم المتحدة وسيزيد من عزلة كوريا الشمالية.

وكان جلين ديفيز، وهو أكبر دبلوماسي أميركي مسؤول عن الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، قال خلال زيارته للعاصمة الكورية الجنوبية سيول إن «إجراء كوريا الشمالية تجربة من عدمه أمر يرجع إلى كوريا الشمالية، ونحن نأمل أن لا يقدموا على هذه الخطوة. نناشدهم أن لا يفعلوا ذلك. هذا ليس وقتا ملائما لزيادة التوترات في شبه الجزيرة الكورية».

ويحظر على كوريا الشمالية تطوير صواريخ أو تكنولوجيا نووية بموجب عقوبات فرضت بعد تجربتيها النوويتين في 2006 و2009. وقال مسؤول عسكري من كوريا الجنوبية إن القلق يتمثل الآن في أن تجري بيونغ يانغ تجربة نووية ثالثة باستخدام يورانيوم عالي التخصيب للمرة الأولى مما يفتح مسارا آخر لصنع قنبلة نووية بعد أن كانت تستخدم البلوتونيوم.

ويعتقد أن لدى كوريا الشمالية ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع أكثر من عشرة رؤوس حربية من البلوتونيوم، لكن التقديرات كثيرة، وتشير تقارير استخباراتية إلى أنها تخصب اليورانيوم لتكملة مخزونها وإيجاد مسار آخر لصنع القنبلة.