البنتاغون يرفع الحظر عن مشاركة المجندات في العمليات القتالية

القرار اتخذ بعد شكاوى النساء من التمييز و«بطولاتهن» في حربي العراق وأفغانستان

مجندات في سلاح البحرية الأميركي يتلقين تعليمات داخل معسكر في أفغانستان في 24 سبتمبر 2010 (رويترز)
TT

رفع الجيش الأميركي رسميا أمس الحظر المفروض على مشاركة المجندات في العمليات القتالية، حسبما أعلن وزير الدفاع ليون بانيتا. وقال بانيتا الذي سيتخلى عن منصبه قريبا في بيان إن «النساء أظهرن شجاعة وتضحية كبيرتين في ساحات القتال وخارجها، وقد ساهمن على نحو غير مسبوق في مهمة الجيش وأظهرن قدرتهن على الخدمة في عدد متزايد من المهمات». وتابع أن الهدف من هذه الخطوة «هو التأكد من أن المهمات ينجزها الأشخاص الأكثر أهلية وكفاءة، بمعزل عن جنسهم». وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن الرئيس باراك أوباما «يؤيد بشكل كامل» قرار البنتاغون بهذا الشأن.

وقبل هذا الإعلان الرسمي، كان مسؤول في البنتاغون أكد أن الوزير بانيتا اتخذ هذا القرار بناء على توصية من رئيس هيئة الأركان المشتركة، وهو التأكيد الذي لقي تأييدا من المجندات السابقات اللاتي عبرن عن اعتقادهن بأن رئيس هيئة الأركان لا يزال قلقا بشأن إتاحة المناصب التي تتطلب مجهودا بدنيا شاقا أمام النساء. وسيعرض الجيش والقوات البحرية، الذين يشكلون غالبية القوات القتالية في الجيش خططا لفتح أغلب الوظائف أمام النساء بحلول الخامس عشر من مايو (أيار).

ويستثني الجيش، الذي يعد أضخم قوة قتالية، في الوقت الراهن النساء من قرابة 25 في المائة من أدوار الخدمة النشطة، حيث أوضح مسؤول بارز في الجيش أن البنتاغون يتوقع إتاحة «الكثير من الوظائف» أمام النساء هذا العام، وسيكون أمام كبار القادة حتى يناير (كانون الثاني) 2016 لطلب استثناءات. وقال المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه لمناقشته الخطة قبل الإعلان الرسمي عنها: «سيقع العبء عليهم في تقديم الأسباب وراء منع مشاركة بعض النساء في أدوار معينة».

وجاء هذا القرار بعد عقد من مشاركة النساء في مهام مكافحة الإرهاب في العراق وأفغانستان، حيث أظهرت النساء بطولات في جبهات القتال عدا خطوط المواجهة. ويأتي هذا التغيير متوافقا مع تغيير زلزالي آخر في السياسة في الجيش التي تم تطبيقها بتؤدة نسبيا، والتي تم بمقتضاها رفع الحظر عن انضمام الشواذ بالجيش.

وأثنى نواب في الكونغرس ومحاربات قدامى على الأنباء يوم الأربعاء وقلن إن الحظر على مشاركة النساء في الأدوار القتالية أمر غير منطقي. وقالت آنو بهاغواتي، كابتن البحرية السابقة والمديرة التنفيذية لشبكة عمل نساء الخدمة، التي تضطلع بالدفاع عن المشاركة الكاملة للنساء في الجيش: «هذا تطور كبير. ينبغي أن تكون الجدارة والأهلية هي الأولوية طوال الوقت، وهو ما سيساعد الجميع، وسيسهم في احتراف القوات».

وكان معارضو التحاق النساء بالمواقع القتالية قد أكدوا على مدى سنوات أن دمج النساء في العمليات الحربية قد يتسبب في نوع من الأجواء المشتتة المشحونة بالجنس في الجيش وأن النساء غير قادرات على أداء بعض المهام التي تتطلب بنية جسدية أقوى.

ويرى المدافعون والخبراء أن النساء لن يتدافعن لشغل مناصب، مثل الالتحاق بصفوف المشاة الخفيفة ووحدات الدبابات والقوات الخاصة على الرغم من أن ذلك ممكن. وأشاروا إلى أن رفع الحظر سيحتاج إلى وقت طويل لتغيير ثقافة مؤسسة هيمن عليها الرجال، والتي شكت فيها النساء كثيرا من التمييز وارتفاع جرائم الاعتداء الجنسي.

تعرض البنتاغون في السابق لضغوط من أعضاء في الكونغرس والمنظمات الحقوقية لإنشاء قوة أكثر شمولية وتطبيق تغيرات تدريجية، وقد أقام «اتحاد الحريات المدنية الأميركي» مؤخرا دعوى ضد البنتاغون بشأن سياسته التي وصفها بالتمييزية. وكان مسؤولو الجيش قد أتاحوا العام الماضي الكثير من الفئات الوظيفية أمام النساء بعد دراسة خلصت إلى أن وزارة الدفاع مستعدة لضم مزيد من النساء في الوحدات القتالية. وسيزيد ذلك من سهولة قدرة النساء على المشاركة، على سبيل المثال في الكتائب القتالية كجنديات اتصال لاسلكي. ويعطي أيضا القادة إحساسا بإمكانية نجاح عملية تكامل أوسع، بحسب جنرال في الجيش لعب دورا رئيسا العام الماضي في جهود فتح مناصب جديدة أمام النساء.

وقال الضابط الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه تحدث قبل الإعلان رسميا عن التغييرات: «سيقول الجندي العادي، لقد خدمت مع النساء في كل المستويات وبناء على خبرتي قامت النساء بعمل رائع». وأضاف أن الجدل بشأن العقبة المفترضة لتقاسم النساء والرجال نفس الأماكن لم يكن موضع نقاش خلال الحروب الأخيرة، لكن عودة هذا النقاش في وقت السلم سوف تكون أكثر حدة.

وأوضح رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، السيناتور الديمقراطي كارل ليفن، في مقابلة الأربعاء أن النساء لعبن دورا هاما في حربي العراق وأفغانستان وأثبتن أن هذه المخاوف غير مبررة. وقال السيناتور: «الحقيقة هي أن الكثير من النساء شاركن بالفعل في القتال أو شبه القتال. هذه هي الحقيقة».

كما عبر السيناتور جيمس إنهوف، الجمهوري البارز في لجنة الخدمات المسلحة، في بيان، عن بعض المخاوف، مشيرا إلى أن الدراسة التي نشرت العام الماضي أثارت حواجز عملية خطيرة، التي إذا ما تم تجاهلها قد تعرض أمن وسلامة رجال الخدمة للخطر. وبدوره، قال السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين، أحد أعضاء اللجنة، إنه يدعم القرار لكنه لمح إلى بعض قضايا التطبيق الشائكة التي ينبغي التعامل معها. وقال: «من الأهمية بمكان الحفاظ على نفس المعايير المرتفعة التي جعلت الجيش الأميركية الأكثر رهبة والقوة القتالية الأكثر إثارة للإعجاب في العالم، خاصة المعايير البدنية القوية التي تتميز بها قوات النخبة».

وأوضح المسؤول البارز في الوزارة أن البنتاغون يتوقع أن يتم تطبيق معايير موحدة على الجنسين للمشاركة في العمليات القتالية.

وإجمالا، تشكل النساء نحو 14 في المائة من العاملين في الوظائف الشاقة في الجيش، وبحسب وزارة الدفاع لقيت 152 جندية مصرعهن في حربي العراق وأفغانستان. وكان البنتاغون قد أعلن في فبراير (شباط) من العام الماضي أنه سيفتح 14,000 وظيفة متعلقة بالعمليات القتالية أمام المجندات، لكن لا تزال نحو 238,000 وظيفة أخرى (نحو خمس الأعمال الصعبة بالجيش) بعيدة عن متناول النساء. وكانت كل هذه الوظائف في الجيش والبحرية.

وقال المسؤول رفيع المستوى إن بانيتا، الذي يتوقع أن يترك موقعه في وقت لاحق، يفضل جيشا أكثر شمولية بعد مراجعة العام الماضي، حيث بدأ رؤساء الأركان وكبار الضباط دراسة القضية بدقة.

وفي التاسع من يناير (كانون الثاني) أرسل بانيتا رسالة إلى مارتن ديمسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة أشار فيها إلى أن القادة يدعمون بشكل كامل هدفه الرامي لدمج النساء في ميادين العمليات «إلى أقصى حد ممكن». وكتب: «لقد حان الوقت لرفع حكم استثناء النساء من المشاركة في العمليات القتالية وإلغاء الحواجز القائمة على النوع في الخدمة». وقال مسؤول الوزارة: «هذه الخطوة ستمثل نقلة نوعية للجيش. خطوة قد يبدي أي فرد استعدادا للقيام بها».

* شاركت جولي تات في الإعداد لهذا التقرير

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»