رئيسة حزب «العدل والبيان» الجزائري لـ«الشرق الأوسط»: الدول الكبرى ستقيم قواعد عسكرية بالساحل بعد تقسيمه إلى دويلات

قالت إن الجزائر معنية بهذا المخطط السري الذي يعتبر بمثابة «سايكس بيكو» جديد

TT

انتقدت رئيسة حزب سياسي جزائري معارض، قرار السلطات فتح الأجواء للطيران الحربي الفرنسي لضرب مواقع الإسلاميين المتشددين، في شمال مالي. واعتبرت الجزائر «مشاركة بشكل مباشر في عدوان أجنبي على شعب مسلم شقيق». وترى أن أهداف فرنسا بالمنطقة هو «تقسيم بلدانها إلى دويلات والجزائر معنية بهذا المخطط».

وقالت نعيمة صالحي، رئيسة حزب «العدل والبيان» في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن «المبررات التي تسوقها السلطة بخصوص اتخاذ فضائنا الجنوبي منطلقا للقوات الفرنسية في حربها بمالي، يعد تضليلا للرأي العام وتغليطا له. وصرحت السلطة بعد وقوع العدوان على الشعب المالي بأنه الأمر الواقع المفروض»، في إشارة إلى تصريحات لرئيس الوزراء عبد المالك سلال، جاء فيها أن «الجزائر فتحت أجواءها للفرنسيين لضرب عدو مشترك هو الإرهاب، ولم تفعل ذلك ضد شعب مالي».

وعابت صالحي على السلطة أنها «حاولت طمأنة الرأي العام، بدعوى أنها تفضل الخيار السلمي التفاوضي بين أطراف الصراع في مالي، رافضة كل محاولة للتدخل العسكري. كما عقدت اجتماعات في الجزائر العاصمة، وفي مدن عدة في عمق الصحراء الجزائرية، طيلة السنة الماضية لشرح موقفها من الأزمة. وفجأة تحول الموقف الرسمي الجزائري بشكل مخالف تماما لتلك التوجهات السلمية، ولتوجهات الشعب الجزائري الذي ما زالت جراحه لم تندمل من جرائم الاستعمار الفرنسي المتنوعة والمتعددة في الجزائر».

ويجري حزب «العدل والبيان» تنسيقا مع 13 حزبا وتنظيما بالمجتمع المدني، للضغط على السلطات لوقف تعاونها مع فرنسا بخصوص الحرب في مالي. وتقول صالحي، التي اعتمدت وزارة الداخلية حزبها العام الماضي، على خلفية تعديل عدة قوانين، سميت «إصلاحات سياسية»: «بمجرد سماح السلطة للطيران الحربي الفرنسي بعبور أجوائنا، تحولت الجزائر إلى طرف في الصراع أي أنها وقفت مع الرئيس (رئيس السلطة الانتقالية في مالي ديونكوندا تراوري) الذي نصبته فرنسا ضد مختلف الجماعات المسلحة، التي حملت السلاح ضد السلطة غير الشرعية في باماكو الموالية لفرنسا، وهو يعني أن القضية داخلية وشائكة ومتشعبة ولا تحل بإلقاء القنابل على الشعب».

وترى صالحي أن الصراع في مالي «معقد جدا، ويخطئ من يعتقد أن التدخل العسكري سيعالجه، ففي هذا البلد يوجد أكثر من أربع عشرة عشيرة متحالفة حينا ومتناحرة في أحيان أخرى، ومالي دولة غنية بالمعادن وباليورانيوم على وجه الخصوص. وكما هو معروف فإن مصادر الطاقة في فرنسا تعتمد أساسا على الكهرباء، التي تنتج بدورها من المفاعلات النووية التي وقودها اليورانيوم، فلا نستغرب إذن عندما نرى باريس مصممة على حل المعضلة في مالي بالطريقة التي تخدم مصالحها، والأخطر من هذا تسعى فرنسا والدول الكبرى لإقامة قواعد عسكرية لحماية مصالحها بعد تقسيم كل دول الساحل إلى دويلات، والجزائر معنية بهذا المخطط السري الذي نسميه في حزبنا سايكس بيكو جديد».

وتتفق صالحي مع رأي يقول إن المنطقة تتحول تدريجيا إلى «أفغانستان الساحل» بحكم أن العملية العسكرية يرتقب أن تستقطب عددا كبيرا من الجهاديين إليها، إذ قالت إن «ذلك ممكن جدا.. إنه سيناريو محتمل ما دام توجد عشرات الجماعات المسلحة ويوجد تدخل عسكري أجنبي وهناك أيضا كرزاي في باماكو».

وتعرضت السلطات الجزائرية لانتقادات كثيرة بعد الاعتداء على منشأة الغاز، المتبوعة باحتجاز رهائن. ومما جاء فيها أن المنظومة الأمنية الجزائرية تشوبها ثغرات ونقائص، ما يفسر سهولة وصول متشددين إلى المنشأة. وترى صالحي: «هناك ثغرات في جميع المؤسسات الاقتصادية. هل يعقل أن يقوم متقاعدون من الجيش والأمن، بتأسيس شركات أمنية (بالمنشآت النفطية في الصحراء) ويوظفوا أناسا بطرق مشبوهة، ويعطوهم أجورا خيالية؟ كيف لهؤلاء الحراس أن يحموا المنشآت الاستراتيجية والحيوية؟. ولكن يجب أن نشير وبكل مسؤولية إلى أن السلطة لما تخلت عن الشعب، وخاصة على الجنوب الكبير، أصبح أمننا الاجتماعي والاقتصادي في خطر محدق. السلطة لم تأخذ بعين الاعتبار كل التحذيرات التي قدمتها لها الأحزاب والشخصيات طيلة العشرين سنة الأخيرة».