«المخبر السري» يقصي القائمة العراقية من مسؤولية معالجة الفقرة «4 إرهاب»

المتظاهرون مصرون على إلغائها والحكومة متمسكة بها

TT

لم تتمكن الحكومة العراقية حتى الآن من إقناع المتظاهرين في محافظات العراق الغربية من سلامة إجراءاتها بشأن قانون مكافحة الإرهاب وملحقاته «المخبر السري والفقرة 4 إرهاب» على الرغم من إعلانها إطلاق سراح أعداد من الموقوفين في دوائر الإصلاح في وزارة العدل أو المعتقلين في السجون التابعة لوزارة الداخلية. المطلب الخاص بإلغاء هذا القانون لا يزال يتصدر المطالب التي يرفعها المتظاهرون في المحافظات الخمس (الأنبار، صلاح الدين، ديالى، كركوك، نينوى) منذ أكثر من شهر، ولا يليه من حيث الأهمية سوى المطلب المتعلق بإلغاء أو تعديل قانون المساءلة والعدالة. الإجراءات الحكومية التي أعلنها رئيس اللجنة السباعية حسين الشهرستاني انتهت حتى الآن إلى إطلاق سراح 880 موقوفا منذ بدء عمل اللجنة. الشهرستاني اعترف أن هناك أعدادا كبيرة من الذين ألقي القبض عليهم في نقاط السيطرات، بسبب أوامر قضائية قديمة وبعضها مستنسخة وغير واضحة، وهذا قد يؤدي إلى اعتقال شخص يكون غير المطلوب، لذا تم إصدار توجيه للدوائر الاستخبارية في وزارتي الدفاع والداخلية بضرورة تحديث الأوامر القضائية، وعدم اعتقال أي شخص بأوامر قضائية قديمة ما لم تحدث ويكون الاسم المطلوب كاملا حتى لا تقع السيطرات في خطأ. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد من وجهة نظر الحكومة.. فطبقا لما أعلنه وزير الدولة لشؤون البرلمان صفاء الدين الصافي في المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان عقده مع الشهرستاني، فإن رئيس الحكومة نوري المالكي سيرسل بعض طلبات العفو الخاص عن بعض السجناء إلى رئيس الجمهورية، مبينا أن لجنة الحكماء طالبت المالكي بإصدار عفو خاص عن بعض السجينات. المخاوف بين الحكومة من جهة والكتل السياسية من جهة أخرى بشأن الصيغة التي يجب أن يتم بموجبها التوافق بخصوص قانون العفو العام لم تقنع طرفا ثالثا هو المتظاهرون.. فالمتظاهرون لا يثقون بالحكومة لأن من «تطلق سراحهم اليوم تعيد اعتقالهم غدا»، مثلما يرى المتحدث الرسمي باسم المتظاهرين الشيخ سعيد اللافي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، وبالتالي فإن «المطالبة بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب تأتي من حجم الظلم الواقع على أبناء مكون معين، نقولها بصراحة هو المكون السني بحيث إن كل من يطالب بإلغائه يوصم بأنه يدافع عن المجرمين والقتلة، وهذا خلط للأوراق ليس أكثر». عدم قناعة الطرف الثالث والمتمثل بالمتظاهرين يأتي من زاوية أخرى وهي أنه لا يرى جدية حتى في من تصدى طوال السنوات العشر الماضية للعمل السياسي باسم المحافظات الخمس.

الحكومة من جانبها وفي إطار رهانها على الزمن وجدت في العزلة التي تعيشها القائمة العراقية اليوم في محيطها السني فرصة لإقصائها تماما والتعامل مع من سوف تفرزه المظاهرات من قيادات يمكن الوصول إلى حل وسط معهم بشأن بعض المطالب على الرغم من اعتراف أطراف مقربة من الحكومة بأن «سقوف المتظاهرين لا تزال مرتفعة جدا»، مثلما يرى عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون إحسان العوادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط». العوادي يقول إن «المشكلة التي بتنا نواجهها أن المتظاهرين لم يعودوا يثقون بالقائمة العراقية بينما تتعامل العراقية مع الحكومة بوصفها عدوا وقد رسخت هذه القناعة لدى الجمهور الذي يمثله المتظاهرون»، مشيرا إلى أن «العملية تحتاج إلى وقت طويل لكي نستوعب المطالب والمشاكل ونصل إلى حل لقضية قانون مكافحة الإرهاب».

من جانبه، أعلن عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية مظهر الجنابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قانون مكافحة الإرهاب والمخبر السري يتعاضدان معا في استهداف المكون السني طوال السنوات الماضية»، مشيرا إلى أن «قرار مجلس قيادة الثورة في زمن النظام السابق رقم 198 أصبح الآن المخبر السري وبينما كان من يتولى كتابة التقارير في ذلك الوقت يشمل كل العراق فإنه الآن موجه نحو طرف معين ومكون معين». وردا على سؤال حول عدم قناعة المتظاهرين حتى بطروحات القائمة العراقية التي تطالب بإلغاء المخبر السري وقانون مكافحة الإرهاب، قال الجنابي إن «المتظاهرين لهم الحق في ما يقولونه لأنه ليس هناك من أنصفهم لا من القائمة العراقية ولا من الكتل والجهات الأخرى وبالتالي فإنهم يرون أن نحو 95 في المائة من الأبرياء راحوا ضحايا هذا المخبر والقانون المرتبط به». وأشار إلى أن «المشكلة التي نواجهها أننا الآن في مرحلة خلط للأوراق وأن الحل الصحيح هو أن نطوي صفحة الماضي تماما ونتجه إلى المستقبل لبناء دولة حقيقية إذا أردنا ذلك».