متظاهرون في سراقب يخرجون ضد ملثمين من الثوار اقتحموا المنازل

تفجير مبنى الأمن العسكري في القنيطرة وتضارب في المعلومات حول الجهة المنفذة

أحد عناصر الجيش الحر يطلق النيران من رشاشه أثناء مواجهات مع قوات النظام في منطقة المليحة بريف دمشق (رويترز)
TT

فيما بدا تصحيحا لمسار الثورة خرجت مظاهرة في مدينة سراقب في ريف إدلب ضد ظاهرة الثوار والمجاهدين الملثمين الذين يقومون بمداهمة بيوت المدنيين، وذلك ردا على قيام «ملثمين ادعوا أنهم من اللجنة الأمنية التي شكلها المجلس المحلي لمدينة سراقب، باقتحام المنتدى الاجتماعي، ومكتب مشروع التكافل الاجتماعي، والبيت الذي يقطنه صحافيون دنماركيون والناشطتان عبيدة زيتون ودانا بقدونس وطلبوا منهم المغادرة»، بحسب ما أفادت به تنسيقية مدينة سراقب التي يسيطر عليها الجيش الحر، واستنكرت التنسيقية ذلك ووصفته بـ«العمل القذر» كما توعد ناشطون في المدينة برد واضح على تلك الممارسات، وخرجت يوم أمس مظاهرة في يوم جمعة «قائدنا للأبد سيدنا محمد»، وبينما هتف المتظاهرون في مناطق مختلفة من البلاد بشعارات دينية إسلامية تحض على الجهاد، خرج المتظاهرون في مدينة سراقب بشعارات مدنية تؤكد على مطلب الحرية. وأظهر فيديو بثه ناشطون قائد المظاهرة وهو يخطب بالجموع قائلا: «هذه المظاهرة ضد الظلم.. ضد التعسف وضد أي حالة طوارئ»، منتقدا بشدة الثوار الذين يتلثمون ويقومون باقتحام منازل المدنيين. وقال: «هؤلاء يذكروننا ببيت الأسد وأذناب بيت الأسد ونحن خرجنا ضد هؤلاء» ثم هتف مع الجموع: «سلمية سلمية.. الشعب بده حرية» و«هيه ويا الله.. ما منركع إلا لله» و«واحد واحد واحد.. البوط العسكري واحد»، في إشارة إلى تشابه الملثمين مع جنود النظام والشبيحة، و«يا حرية وينك وينك والتعصب بيني وبينك.. يا حرية وينك وينك والإرهاب بيني وبينك ويا حرية وينك وينك والطوارئ بيني وبينك» وكما هتفوا: «سوريا حرة حرة والغريب يطلع برا.. سراقب حرة حرة والخائن يطلع برا».

كما رفعت لافتات تضمن عبارات ترفض أي سلوك ترهيبي ضد المدنيين، وتطالب بطرد الغرباء عن سوريا، ومن تلك اللافتات «ملثم.. مسلح.. يقتحم البيت هو عدو الحرية وهو شبيح» و«الجهاد على الجبهات وليس بالمداهمات». وحملت إحدى اللافتات سؤالا للثوار «في بداية الثورة هل كنت تداهم بيوتنا؟» في محاولة لتصحيح مسار الثورة الذي انحرف عن هدفه جراء حالة الفوضى وانتشار السلاح وأيضا دخول مجاهدين غرباء يحملون أجندات سياسية معينة، ولهؤلاء قال المتظاهرون في سراقب: «وحدهم السوريون يقررون كيف تكون دولتهم»، مؤكدين عدة لاءات «لا لحكم الغرباء، لا لحكم العسكر، لا للترهيب والتخويف» والأهم «لا للملثمين في مدينتنا».

وكان النشطاء في تنسيقية سراقب والذين احتجوا على طرد الصحافيين الأجانب والسوريين والناشطين، قد تواصلوا مع قادة لواء جبهة ثوار سراقب والمحكمة الشرعية يوم أول من أمس (الخميس) لاستيضاح ما جرى، وأكد هؤلاء عدم علمهم بما جرى، كما طلبت المحكمة تقديم شكوى رسمية إليها. وحملت التنسيقية لواء جبهة ثوار سراقب وريفها وقادة الكتائب «شخصيا» مسؤولية حماية أمن المواطنين والنازحين والصحافيين العرب والأجانب وضمان الحريات الفردية للجميع، وقالت التنسيقية في بيان لها استنكر اقتحام ملثمين المنازل ومقر المنتدى الاجتماعي «ننتظر نتائج تحقيق المحكمة الشرعية ومحاسبة كل من تورط من بهذا الفعل القذر بالسرعة القصوى منعا للتصيد بالمياه العكرة»، مؤكدة أن أهالي مدينة سراقب التي احتضنت الجيش الحر وغيره من الكتائب لا تقبل بما يهين أبناءها أي كان الفاعل وستسحب الشرعية عن كل مسلح يغرد خارج أخلاق الثورة كما فعلت سابقا.

وخرجت مظاهرات كثيرة في مناطق متفرقة من البلاد الواقعة تحت سيطرة الجيش الحر، والبعيدة نسبيا عن مرمى نيران قوات النظام، تحت اسم «قائدنا للأبد سيدنا محمد» في يوم تجاوز فيه عدد القتلى خلال ساعات النهار الخمسين قتيلا بحسب الهيئة العامة لثورة السورية، والتي أفادت بأن معظمهم سقط في درعا، حيث قتل ستة عشر شخصا برصاص جيش النظام بمدينة صيدا بدرعا، بينهم سيدتان وطفل وملازم أول قتل أثناء الاشتباك مع جيش النظام ومسعف قتل جراء القصف على مدينة إدلب وفي ريف دمشق اثنا عشر شخصا بينهم خمسة في دوما تم إعدامهم ميدانيا عند أحد الحواجز في منطقة الريحان، وفي حلب قتل تسعة أشخاص وفي حماه ثلاثة وفي إدلب قتل شخصان وكذلك في دير الزور.

وفي دمشق شنت قوات النظام غارات جوية على منطقة جوبر المتصلة بحي العباسيين، وتعرض المنطقة أمس إلى قصف عنيف إثر قيام الجيش الحر باغتيال عميد عند سوق الهال من جهة مدخل جوبر. وقيام الجيش الحر باستهداف مقر لتجمع قوات الأمن، وفي برزة أعلنت تنسيقية برزة اغتيال العميد في فرع المخابرات الخارجية حسن عبد الرحمن بعبوة ناسفة زرعت في سيارته في منطقة برزة، وتم تأكيد الخبر من مصادر أخرى. ويشار إلى أنه قد ذكر اسمه في بعض الوثائق المسربة إلى قناة «العربية» والتي تتكلم عن التنسيق الأمني بين المخابرات السورية وحزب الله اللبناني. وفي حي القيمرية في مدينة دمشق القديمة قال ناشطون إن الجيش الحر استهدف مكتب للشبيحة بقذيفة هاون. من جانب آخر، شهد حي المزة حملة مداهمات للمنازل واعتقالات في منطقة وادي عتمة الواقعة خلف مستشفى المواساة بدمشق، وذلك بينما تواصل قوات النظام عملياتها العسكري في ريف دمشق والأحياء الجنوبية، مع استمرار الاشتباكات هناك وقال ناشطون إن تعزيزات عسكرية جديدة مؤلفة من 14 دبابة و8 مدرعات وعدد كبير من السيارات الأمنية شوهدت وهي تتجه إلى داريا، بينما يتواصل القصف الجوي العنيف على داريا منذ أكثر من شهرين، دارت خلالها اشتباكات عنيفة أثناء صد مقاتلي الجيش الحر محاولة قوات النظام اقتحام مدينتي المعضمية وداريا.

وفي مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب العاصمة قالت مصادر في الجيش الحر إنه تم استهداف البناء المقابل لقسم اليرموك بقذيفتي آر بي جي أصابت الطابق الثالث وأوقعت إصابات في قوات النظام خلال اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام فجر يوم أمس وفي حي تشرين شرق تجدد إطلاق النار في حي تشرين من قبل الشبيحة الذين اقتحموا الحي، وقام مقاتلو الجيش الحر بالتصدي لهم، حيث جرت اشتباكات عنيفة هناك بعد يوم على قيام الشبيحة بقتل عائلة كاملة نزحت من ريف إدلب وتسكن في حي تشرين.

وطوال يوم أمس سمع تحليق للطيران الحربي في أجواء العاصمة، مع تردد أصوات تفجيرات ضخمة في مختلف أرجاء المدينة ناتجة عن القصف العنيف على المناطق الجنوبية والشرقية والغربية، لا سيما المليحة، داريا، بيت سحم.

في غضون ذلك، تضاربت الأنباء حول الجهة التي نفذت عملية تفجير مبنى الأمن العسكري في منطقة «سعسع» في القنيطرة بريف دمشق. ففي حين أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ«مقتل ما لا يقل عن ثمانية من عناصر المخابرات العسكرية إثر تفجير سيارة مفخخة داخل المبنى، نفذه مقاتل من جبهة النصرة ليل الخميس»، أكد أبو إياد، الناطق باسم المجلس العسكري الثوري في دمشق، أن كتائب الجيش الحر هي التي قامت بالعملية، نافيا أن «يكون لجبهة النصرة أي دور في تنفيذها».

وأوضح أبو إياد لـ«الشرق الأوسط» أن من قام بالعملية «الاستشهادية» كتيبة «بركان الشام» التابعة للواء «سيف التوحيد» المنضوي تحت قيادة «الجيش الحر»، كاشفا عن أن «الشاب الذي نفذ العملية فلسطيني الجنسية ويدعى أبو جعفر، وقد قام باقتحام المقر بواسطة سيارة مفخخة وفجر نفسه موقعا عددا كبيرا من القتلى من بينهم العميد عدنان إبراهيم رئيس الفرع». وأشار أبو إياد إلى أن «العملية حصلت بمساندة كتائب الجيش الحر التي قامت بضرب حاجز للجيش النظامي الواقع في محيط المقر الأمني».