الجيش يفتح النار على متظاهري الفلوجة ويخلف عشرات القتلى والجرحى

شاهد عيان: كنا نهدئ المتظاهرين المعتدى عليهم لكن القوات الأمنية سحبوهم منا وأطلقوا عليهم الرصاص

TT

في وقت وجه فيه المرجع الديني السني البارز الشيخ عبد الملك السعدي ضربة قاصمة لدعاة تشكيل الأقاليم في العراق ومنها إقليم سني وهو ما يدعم ضمنا موقف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بهذا الاتجاه وجه الجيش العراقي من جانبه ضربة قاصمة لمفهوم التظاهر السلمي عندما فتح النار على مجموعة من المتظاهرين المقبلين من منطقة «الكرمة» للدخول إلى ساحة المظاهرات في المدينة وذلك طبقا لما رواه لـ«الشرق الأوسط» أحد شهود العيان ممن كانوا بالقرب من السيطرة التي تمت فيها عملية الاحتكاك. وقال الشيخ إسماعيل حرج أحد رجال الدين وشيوخ القبائل في الفلوجة وممن أسهموا في محاولة إيجاد حل أن «القصة بدأت عندما اقترب مواطنون مقبلون من منطقة الكرمة إحدى النواحي التابعة للفلوجة للدخول من هذه السيطرة إلى ساحة التظاهر حيث بدأ أفراد السيطرة بضربهم بالعصي والهراوات في محاولة لمنعهم من الدخول». وأضاف الشيخ الشاهد العيان حرج أنه «ومجموعة من الشيوخ وكبار السن حاولوا منع بعض شبان المظاهرات من الاقتراب من نقطة السيطرة حتى إننا قمنا بضرب الشباب الذين كانوا غاضبين بسبب تصرف نقطة السيطرة غير أن الذي حصل أن أفراد السيطرة سحبوهم من أيدينا ولم يحترمونا وأجهزوا عليهم ومن ثم فتحوا النار وهو ما أدى إلى مقتل 2 أول الأمر قبل أن يتطور الأمر إلى مواجهة لم نكن نريدها ولكن الجيش هو الذي افتعل ذلك». من جانبه قال الشيخ خالد حمود الجميلي أحد أبرز قادة المظاهرات في الفلوجة وأمام وخطيب أحد جوامعها في روايته للحدث لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حصل كان أمرا مفاجئا تماما حيث كنا نتظاهر بشكل سلمي ونحتفل بالمولد النبي الشريف عندما تعرضت إحدى نقاط السيطرة لشبان متظاهرين بهدف منعهم من الدخول إلى ساحة المعتصمين». وأضاف «وبعد صلاة الجمعة فتحوا النيران وهو ما أدى إلى مقتل 5 ووجود 10 في غرفة العمليات في مستشفى الفلوجة العام و62 جريحا». وبشان تطورات الأحداث قال الجميلي «الفلوجة الآن شبه مغلقة ولكن هناك هدوء تام وقد أخرج الجيش من المدينة»، قائلا «أؤكد لك أنه لن يعود الجيش بعد اليوم إلى داخل مدينة الفلوجة إلا على جثثنا». من جهته أكد أحد الأطباء المقيمين في مستشفى الفلوجة لـ«الشرق الأوسط» صحة الرواية بشأن القتلى والجرحى قائلا طالبا عدم الإشارة إلى اسمه «نعم بلغ عدد الشهداء حتى الآن 5 بعد أن توفي اثنان ممن هم في العمليات ولا تزال الحصيلة قابلة للزيادة حيث يوجد لدينا الآن 62 جريحا بجروح مختلفة». من جهته أعلن وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي عن تشكيل لجنة تحقيقية عاجلة للتحقيق في الحوادث التي شهدتها الفلوجة اليوم ومحاسبة المقصرين بشدة. وفي الوقت نفسه وطبقا لما أعلنه المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع الفريق الركن محمد العسكري أن وزارة الدفاع قررت تعويض المتضررين جراء الاحتكاكات التي حصلت مع القوات الأمنية في مدينة الفلوجة. وأضاف العسكري في تصريح صحافي أمس أن «الوزارة فتحت تحقيقا للنظر في ملابسات حادث الفلوجة»، مؤكدا «حرص الوزارة على محاسبة المقصرين وفق القانون». ودعا العسكري «المتظاهرين إلى الالتزام بسلمية التظاهر وعدم الانجرار وراء الأجندات التي تهدف إلى إثارة الفتنة».

على صعيد متصل فإنه في الوقت الذي نظم فيه العشرات من أنصار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مظاهرة في ساحة الفردوس ببغداد تأييدا له فقد هدد مجلس عشائر نينوى بقطع الطريق الرئيسي الرابط بين الموصل وبغداد في حال عدم استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين. وقال متحدث باسم المجلس في كلمة ألقاها أمام متظاهري ساحة الاعتصام في الموصل أمس الجمعة إن «مجلس عشائر نينوى سيوجه، واعتبارا من الساعة الثالثة من بعد ظهر الجمعة أبناءه المتظاهرين من أبناء الموصل لقطع الطريق الرئيس الرابط بين الموصل وبغداد، في حال عدم استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين». واعتبر المتحدث أن «مطالب المتظاهرين هي حقوق شرعية من واجب الحكومة تلبيتها للناس». من جانب آخر أفتى المرجع السني البارز الدكتور العلامة عبد الملك السعدي بحرمة إقامة الأقاليم في العراق. وقال صدر عن مكتب السعدي وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «هناك من ينادي بجعل بعض المحافظات إقليما وهو ما يسمى بالفيدرالية، وتحت ذرائع كثيرة منها مالية وأمنية وسياسية، أو الاستقلال عن هيمنة حكومة المركز المتسلِّطة في الأذى والتهميش والإقصاء والمداهمات والاعتقالات وعدم التوازن الإداري والعسكري وغير ذلك». وأضاف السعدي أن «المطالبة بالإقليم عمل محرم شرعا، لأنه المطلوب لدى إسرائيل وأميركا وحتى من يتظاهر بأنه لا يريد التقسيم من الحكام وبعض الدول المجاورة»، معتبرا أن «ذلك سيؤدي إلى تجزئة وتفتيت العراق والقضاء على وحدته». وأكد السعدي أن «الدستور العراقي الحالي يُخوِّل القائد العام للقوات العسكرية التدخل في الإقليم بحجة حماية الحدود وفض النزاع، وله صلاحية اعتقال أي فرد بما فيهم رئيس الإقليم»، متسائلا «ما الفائدة من قيام الأقاليم». وحذر السعدي من «استيلاء بعض الدول الإقليمية على إقليم الجنوب إن أعلن ذلك»، مشيرا إلى أن «هناك بعض الدول لها أطماع بأن حدودها هي إلى بغداد كما سمعته من بعض حكامها عام 1979» في إشارة واضحة إلى إيران. وتابع السعدي أن «قياس الإقليم على إقليم كردستان فيه فارق؛ لأن كردستان أخذ الحكم الذاتي بوقت يختلف عن وقتنا هذا»، داعيا إلى «العدول عن هذه المطالبة، والسعي لإصلاح ما فسد من أمور العراق وفي مقدمتها تعديل الدستور وقانون المحافظات».