بارزاني ينجح في إقناع الشركات النفطية الأميركية باستمرار عقودها في كردستان

رئيس حكومة إقليم كردستان يؤكد التزام «إكسون موبيل» بعملها في الإقليم

الرئيس بارزاني مع نائب رئيس شركة «شيفرون» الأميركية جي براير في دافوس («الشرق الأوسط»)
TT

يواصل الزعيم الكردي مسعود بارزاني جهوده لإقناع كبريات الشركات النفطية العالمية التي أبرمت عقودا مع حكومة إقليم كردستان بالالتزام بتلك العقود، على رغم ما تتعرض لها تلك الشركات من ضغوط وتهديدات كبيرة من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحكومته لإثنائها عن المضي بعقودها النفطية مع كردستان تحت طائلة حرمانها من المشاركة بفرص الاستثمار النفطي ببقية أنحاء العراق.

فقد انشغل بارزاني خلال وجوده في مؤتمر دافوس الاقتصادي المنعقد حاليا بسويسرا ليلتقي على هامشه بمسؤولين في شركتي «إكسون موبيل» و«شيفرون» النفطيتين لحثهما على الاستمرار بنشاطاتهما الاستكشافية في إقليم كردستان، ونجح في لقاءين منفصلين من إقناع الشركتين باستمرار عملهما، كما كشف ذلك نائبه الحزبي نيجيرفان بارزاني الذي يقود حكومة الإقليم الحالية.

فقد أشار رئيس الحكومة في مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية البلغاري الذي يزور كردستان حاليا لبحث إجراءات فتح قنصلية بلاده بأربيل «أن شركة (إكسون موبيل) النفطية أكدت التزامها بالعقد النفطي الذي أبرمته مع حكومة الإقليم» مشيرا إلى «أن مسؤولين بالشركة المذكورة بعد زيارتهم لبغداد، زاروا رئيس الإقليم مسعود بارزاني في سويسرا أثناء عقد مؤتمر دافوس، وأكدوا هناك التزامهم بالعقود النفطية التي وقعوها مع حكومة الإقليم، وهذه العقود وقعت في إطار الدستور العراقي، وقد أعطى الدستور هذا الحق لإقليم كردستان». وفي حين أكد رئيس حكومة الإقليم «أن كردستان هي جزء من العراق، وأن البرلمان وقيادة الإقليم تقران ذلك إلى الآن، ولكننا في الإقليم مستعدون لفتح أبوابنا أمام أي بلد يريد التعاون معنا بالمجال الاقتصادي، فنحن بدأنا من الصفر، ونسعى إلى إحياء بنيتنا الاقتصادية، ومستعدون للتعاون مع أي طرف في هذا الإطار». وحول استئناف المحادثات بشأن المشاكل العالقة بما فيها الخلافات النفطية، قال بارزاني «نحن ننتظر تحديد موعد من قبل الحكومة العراقية، ومتى تم تحديد ذلك سيذهب وفدنا إلى بغداد لاستئناف المفاوضات».

وفي السياق ذاته التقى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني على هامش مشاركته بمؤتمر دافوس بسويسرا بنائب رئيس شركة «شيفرون» الأميركية جي براير، وتباحث معه حول نشاطات هذه الشركة بكردستان، والتي أشار نائب رئيس الشركة بأنها تتقدم باطراد، مؤكدا «أن الشركة ملتزمة بشراكة طويلة الأمد مع حكومة إقليم كردستان، وهي على استعداد لتوسيع نشاطاتها في الإقليم». من جانبه ثمن بارزاني خطوة الشركة الأميركية واصفا إياها بخطوة شجاعة، مؤكدا «أن حكومة الإقليم ستدعم جهود هذه الشركة لتوسيع نشاطاتها في مجال الطاقة بالإقليم، وأن هناك آفاقا واسعة لتعزيز التعاون بما يخدم مصلحة الإقليم والعراق».

وكان وزير الموارد الطبيعية (النفط) بحكومة إقليم كردستان آشتي هورامي قد كشف في تصريحات سابقة «أن حكومة الإقليم وافقت على إعطاء حصة من الحقل النفطي بمنطقة قرداغ لشركة (شيفرون) الأميركية للتنقيب واستخراج النفط ضمن إطار مشروع استراتيجي كبير يجري تنفيذه بتلك المنطقة»، مضيفا «أن الشركة المذكورة أبدت التزامها بجميع المشاريع التي تنفذها في الإقليم ضمن العقود الموقعة مع حكومته».

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تزايد ضغوط الحكومة العراقية على الشركات النفطية وبالأخص كبريات الشركات الأميركية العاملة بإقليم كردستان لثنيها عن الاستمرار بالعقود التي أبرمتها مع حكومة الإقليم، والتي وصل عددها حسب وزير الموارد الطبيعية إلى 45 عقدا، منها عقود مع 10 من كبريات الشركات النفطية العالمية في مقدمتها «إكسون موبيل» و«شيفرون» الأميركيتين وغاز بروم، فيما يتوقع توقيع عقد كبير مع شركة «توتال» الفرنسية للبحث والتنقيب عن النفط في مناطق متفرقة من الإقليم والتي يقدر الخبراء وجود احتياطي نفطي يقدر بـ45 مليار برميل من النفط فيها، ولكن الحكومة العراقية تعترض منذ فترة طويلة على تلك العقود التي أبرمتها حكومة الإقليم مع الشركات النفطية العالمية.

يذكر أن الخلافات النفطية بين أربيل وبغداد تعتبر من أهم الملفات العالقة بين الحكومتين، وجرت جولات كثيرة من المفاوضات بين الطرفين للتغلب على هذه المشكلة، ولكن من دون أي نتيجة، وتلقي حكومة إقليم كردستان بالمسؤولية على عاتق الحكومة الاتحادية وتحديدا إلى نائب رئيس الوزراء العراقي حسين الشهرستاني الذي أصر حين كان وزيرا للنفط ثم نائبا لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة وما زال على الاعتراض على العقود النفطية التي تبرمها حكومة الإقليم مع الشركات العالمية باعتبارها غير قانونية بسبب عدم وجود قانون جديد للنفط والغاز في العراق. وكانت الحكومتان قد أخفقتا بالاتفاق حول قانون جديد لعرضه على البرلمان العراقي من بين 3 مشروعات قوانين للغاز والنفط أحدها يعود إلى مسودة لاتفاق جرى بين الحكومتين عام 2007 والثاني صاغها مجلس الوزراء العراقي من دون موافقة الوزراء الكرد بالحكومة الاتحادية، والثالث مشروع قانون أعدته لجنة النفط والغاز بالبرلمان العراقي.

وتعمل حاليا في كردستان الكثير من الشركات النفطية خارج اعتراف الحكومة العراقية وهي شركة «غينيل إنرجي» التركية، و«اداكس بتروليوم» السويسرية المدرجة على بورصة تورونتو الكندية، في حقل «طق طق» الواقع في محافظة أربيل، وشركة «دي إن أو» النرويجية مع «غينيل إنرجي» في حقل طاوكي قرب زاخو بمحافظة دهوك. وتبلغ كمية التصدير من حقل «طق طق» بين أربيل والسليمانية 40 ألف برميل يوميا، بينما يصدر حقل طاوكي قرب زاخو 50 ألف برميل يوميا. وتملك شركة «توبكو» المكونة من «غينيل إنرجي» التركية و«اداكس بتروليوم» السويسرية، 12% من الإنتاج في حقل «طق طق»، فيما تذهب البقية لحكومة الإقليم.