العاهل الأردني: فرصة حل الدولتين ستنتهي مع نهاية ولاية أوباما

الملك عبد الله الثاني قال لـ«دافوس» إن المرحلة المقبلة الأصعب في بلاده

الملك عبد الله في دافوس أمس (رويترز)
TT

حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من انتهاء فرصة تحقيق حل الدولتين لإنهاء النزاع العربي - الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة، قائلا في كلمة رئيسية له في «المنتدى الاقتصادي» العالمي أمس إن فرصة تحقيق حل الدولة الفلسطينية مع دولة إسرائيلية في أمان بات يتلاشى، وإن على الإدارة الأميركية العمل مع المجتمع الدولي للتوصل إلى حل فعال، وطالب «المجتمع الدولي أن ينضم إلى الأردن في سعيه لإطلاق المفاوضات».

وقال العاهل الأردني: «إننا نسير تجاه واشنطن في فبراير (شباط) ومارس (آذار) المقبلين لنقول دعونا نعمل على عملية السلام». ولفت إلى أن على بنيامين نتنياهو أن يعلم أن المجتمع الدولي ملتزم بعملية السلام خلال عمله على تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. وأكد الملك عبد الله أن «التحدي هو في تحقيق حل الدولتين، إذا لم يفتنا الوقت»، محذرا من أن «حل الدولتين سيبقى فقط إلى حين انتهاء ولاية (الرئيس الأميركي) باراك أوباما هذه».

وحذر الملك عبد الله الثاني من التهاون والاتكال على سير الأحداث كما يرجوه المرء. وقال: «نسمع البعض يقولون خلينا ننتظر ونرى حول حل الدولتين، لكن التهديدات غير المسبوقة لا تنتظر.. البعض يقول لننتظر نتائج الربيع العربي أو أن هناك متغيرات على الأرض تتطلب تأجيل العمل السريع».

ولفت إلى أن التغيير آت إلى المنطقة كلها لا محالة، موضحا: «لا يمكن لأحد أن يبقى على هامش التغيير. علينا التقدم معا للمرحلة المقبلة». وتابع: «نسمع البعض في الغرب ينظرون إلى التغييرات في العالم العربي ويقولون لننتظر ونرى النتائج»، رافضا هذه النظرية، ومحذرا من عدم الاهتمام بسرعة التغييرات في المنطقة.

ولفت الملك عبد الله إلى أن «الأردن ما زال ملاذا آمنا في المنطقة؛ لأنه يرفض فكرة (لنقف وننتظر)»، موضحا أن قراراته المتجهة للإصلاح تنبع من وعي لضرورة مواكبة تطلعات الشعوب.

وناشد العاهل الأردني العالم الخارجي لمساعدة بلاده، التي قال إنها استقبلت نحو 300 ألف لاجئ سوري، ولبنان الذي يستضيف أعدادا متصاعدة من اللاجئين. وقال: «أناشد العالم مجددا لقوى رده على الأزمة السورية.. لا يمكن المبالغة في وصف المشكلات التي تواجه الأردن ولبنان». وأضاف أن هناك حاجة لنقل المساعدات إلى الأردن ومنه إلى داخل سوريا كي لا يضطر النازحون إلى عبور الحدود للأردن. وكرر العاهل الأردني مناشدته العالم للتحرك لإنهاء الأزمة السورية، قائلا: «كلما طالت هذه الأزمة زادت احتمالات انفجار البلاد».. وقال إذا تم تقسيم سوريا فسيكون ذلك كارثيا بالنسبة للمنطقة. وحذر من تكرار الأخطاء التي حدثت في العراق بعد سقوط النظام العراقي، مؤكدا على أهمية الحفاظ على الجيش السوري ومؤسسات الدولة. ولكن كان من الواضح أن الملك عبد الله لا يتوقع سقوط النظام السوري في المرحلة المقبلة، قائلا: «أي شخص يتوقع أن أمام نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد فقط بضعة أسابيع لا يعلم الواقع على الأرض». وأضاف أنه يتوقع بقاء النظام السوري قويا في الأشهر الستة المقبلة على الأقل.

وأكد العاهل الأردني أن «(القاعدة) باتت موجودة في سوريا، وتحصل على دعم من قطاعات عدة»، معبرا عن خوفه من «إنشاء (حركة) طالبان جديدة في سوريا». ولفت العاهل الأردني إلى ضرورة «خطة انتقالية حقيقية لسوريا، تحافظ على وحدة البلاد وتسمح للجميع بأن يشعروا بأنهم جزء من البلاد». وقال: «منذ عقود والأردن يجازف من أجل السلام؛ لأننا نعلم أن تكلفة الحرب أعلى بكثير». وأضاف: «يجب أن يكون السلام والأمن مضمونين للجميع»، أي العرب والإسرائيليين، موضحا أن «الربيع العربي طالب بالكرامة للجميع، ليس البعض وآخرين لا».

وتحدث العاهل الأردني بعد يوم من إجراء الانتخابات الأردنية النيابية وقبل أيام من بدء المشاورات مع البرلمان الجديد لتشكيل حكومة جديدة، وقال إن الأردن، بل المنطقة كلها، ليست بمفردها تواجه التحديات والتغييرات. وقال: «الأنظمة السياسية والاقتصادية حول العالم وضعت تحت المنظار خلال المرحلة الماضية، الشعوب تبحث عن الأسئلة ووقت الإجابة عليها حان الآن».

وقال الملك عبد الله إن واجب الناخب الأردني لم ينته بعد تصويته بالانتخابات، بل على كل أبناء الشعب «أن يكونوا قادة في تحقيق التقدم المتواصل للبلاد». وبينما عدد المشكلات الاقتصادية التي تواجه بلاده، بعضها ناتجة من الأزمة السورية وخسارة واردات من الصادرات بسبب انعدام التصدير لسوريا، أكد أن أمام بلاده فرصا مهمة خاصة في القطاع الخاص والابتكار. واعتبر العاهل الأردني أن أمام بلاده تحديات سياسية حقيقية، على المواطن مواجهتها، وقال: «التحدي الآن في الأردن هي لخلق ثقافة الأحزاب السياسية»، موضحا أن «الجزء الأسهل من الربيع العربي بات وراءنا، الصعوبة الآن في خلق البرامج السياسية وتقديمها للشعوب».

ومع مشاركة 56 في المائة من الناخبين الأردنيين المسجلين في الانتخابات، بدا العاهل الأردني متفائلا بمشاركة شعبه في العملية السياسية، معتمدا على نظرية «الإصلاح لا الثورة».

وردا على سؤال خلال الندوة حول دور «الإخوان المسلمين» في الأردن، قال العاهل الأردني: «(الإخوان المسلمون) جزء من مجتمعنا، جزء مهم»، مشيرا إلى أن لهم دورا في البلاد. ولفت إلى مقاطعة «الإخوان المسلمين» للانتخابات التشريعية الأخيرة قائلا: «بغض النظر عن المواقف التي أخذناها من أجل الإصلاح السياسي، يجب أن يكون للكل دور» في العملية السياسية. وأضاف: «لا نريد أن نترك أحدا خلفا، ولكن على المعارضة أن تفكر كيف تجدد نفسها». وكان العاهل الأردني واضحا في عدم اعتقاده إمكانية تولي «الإخوان المسلمين» رئاسة حكومة في الأردن في المستقبل المنظور. وقال: «لا أتوقع ذلك بقرار من الشعب». وأضاف: «إنهم بقوا في الشارع من دون تقديم أفكار بناءة على الطريق إلى الأمام، فالآن يعانون من مستويات دعم متراجعة تاريخية، ولكنني ما زلت أريدهم أن يكونوا جزءا من الآلية» السياسية في البلاد.