قنديل: نعم لسلمية المظاهرات.. ونشجب العنف والتخريب

رئيس الوزراء المصري لـ «الشرق الأوسط» : الاستثمار الاقتصادي يأتي مع الاستقرار السياسي

رئيس الوزراء المصري هشام قنديل في دافوس (إ.ب.أ)
TT

بينما تعيش مصر تقلبات سياسية واقتصادية واجتماعية تماشيا مع الذكرى الثانية للثورة المصرية، شهد المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أنهى أعماله مساء أمس نقاشات عدة حول مصر. وحضر رئيس الوزراء المصري هشام قنديل المنتدى ليتحدث عن الأوضاع في بلاده، مؤكدا أن الأوضاع الاقتصادية ليست على السوء الذي يتصوره البعض ولكنه أيضا شدد على أهمية إنفاق السيولة من أجل دفع الاقتصاد إلى الأمام. والتقت «الشرق الأوسط» برئيس الوزراء المصري على هامش المنتدى ليتحدث عن تطلعاته للبلاد في هذه المرحلة الانتقالية ودور المعارضة فيها. وفي ما يلي نص الحوار:

* مع الذكرى الثانية لانطلاق الثورة المصرية، كيف تقيمون ما تم تحقيقه في مصر خلال العامين الماضيين؟

- أحب أن أهنئ الشعوب العربية بذكرى هذه الثورة، وما تحقق على الأرض حاليا هو كثير ولكن ما تبقى هو كثير أيضا، لأن طموح الشعب المصري في ثورته طموح عظيم، الثورة كانت لها شعارات «عيش (خبز).. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية». تحقق الكثير على الأرض ولكن طموحات الشعب المصري لثورته وفي تحقيق الاستقرار والرفاهية والنمو الاقتصادي تتطلب الكثير من الجهد والعرق وهذا ما نعمل عليه.

من الناحية السياسية، بفضل الله تعالى لدينا رئيس منتخب مدني لأول مرة في تاريخ مصر الحديثة، وهذا أمر نفخر به جميعا، خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) كان هناك الاستفتاء على الدستور وهو أول دستور بعد الثورة. وخلال شهر فبراير (شباط) المقبل سيبدأ الإعلان عن الانتخابات البرلمانية التي تنتهي من المتوقع في شهر مايو (أيار)، وتكتمل معها المؤسسات الدستورية الديمقراطية. ويكتمل البناء الأساسي للديمقراطية، وأحب أن أؤكد أن هذا بناء أساسي لأن الديمقراطية لها أكثر من ذلك لأنها تتعلق بالشفافية والمحاسبة وحرية التعبير والمسؤولية.. فحرية التعبير لا تأتي من دون مسؤولية.. فكل هذه الأمور والممارسات تأخذ وقتا والتعود عليها يأخذ وقتا. وهذا شيء إن شاء الله مع الوقت سيتحسن. مع ذلك نحن ندرك أن هذه مرحلة انتقالية، وطبيعة المرحلة الانتقالية وميلاد بلد جديد عظيم له إرهاصات، وهذه الإرهاصات إن شاء الله تكون ميلادا لشيء عظيم. من الناحية الاقتصادية هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد المصري سواء في عجز الموازنة أو في ارتفاع نسبة الفقر ونسبة البطالة، لكن أيضا هناك فرص كبيرة جدا للاقتصاد المصري.

* لكن كيف يمكن تحقيق ذلك مع التحديات الكثيرة التي تشهدها مصر؟

- هذه الفرص تتمثل في الموقع الاستراتيجي لمصر في التجارة العالمية وتتوفر في السوق التي ليست فقط 85 مليون مصري، ولكن هناك الاتفاقات الثنائية والإقليمية التي تتيح للمستثمر في مصر سوقا تبلغ نحو ملياري نسمة في المنطقة العربية والآسيوية وأوروبا. الطاقة والضرائب والعمالة مقارنة بأوروبا تعتبر من 30 - 40 في المائة.

كل هذه الأمور تعمل على جذب المستثمرين، نحتاج في القريب العاجل الآن إن شاء الله أن ندخل السيولة على الاقتصاد من أجل معالجة عجز الموازنة.

* ما قيمة السيولة التي تحتاجها مصر خاصة أن هناك تحديات كبيرة؟ وهل ساعدت الودائع التي أعلنت عنها قطر في سد بعض هذه الحاجة؟

- مصر بلد كبير، تحتاج إلى استثمارات وسيولة كبيرة لأن عجز الموازنة كبير، فنحن إن شاء الله سنوقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، ونتوقع وصول وفد الصندوق خلال الأسبوعين المقبلين، وبعثة الصندوق ستقدم 4.8 مليار دولار ويكون معها نحو 10.5 مليار دولار من جهات دولية أخرى مثل البنك الدولي، والبنك الأفريقي، والاتحاد الأوروبي. وهذا الموضوع مرتبط ببرنامج الإصلاح المالي والنقدي الذي نعمل عليه في الوقت الحاضر، وهو برنامج وطني، وكل هذه الأمور ستساعد بلا شك على دفع الاستثمار ولكن هذا يكون جنبا إلى جنب مع الاستقرار السياسي، ولا غنى عن الاثنين معا.

* أنتم هنا في دافوس لجذب الاستثمارات وهناك اقتصاديون من دول العالم يبحثون هذه الأمور أيضا، ومثلما قلتم الاستقرار السياسي أساسي لجذب الاستثمارات، وفي الوقت ذاته هناك تقارير بخروج مئات الملايين من مصر خوفا من الاضطرابات السياسية، فكيف يؤثر ذلك على الاقتصاد المصري؟

- أولا هذه طبيعة المرحلة الانتقالية، فما يحدث في مصر ليس غريبا وأي بلد تحدث فيه ثورة ففترة التغيير والاستقرار تأخذ سنوات طويلة، ولكن ما حدث في مصر والإنجازات السياسية إنجاز كبير، مع الأخذ في الاعتبار الفترة الزمنية وحجم هذا البلد وموقعه، حيث التأثير السياسي والاستراتيجي كبير، إذن كانت هناك مخاطر، لكن هناك فرص أيضا، فعلى سبيل المثال من يستثمر الآن في مصر هو بالتأكيد سيحصل على أسعار للأعمال والاستثمارات أقل بكثير مما سيكون عليه عندما يتحقق الاستقرار بالكامل. وأيضا هناك مناطق في مصر «غير متأثرة»، وما ترونه في الصور هو لمناطق محددة في أوقات بسيطة، وبأعداد محدودة. ولكي أكون واضحا، لا أقلل من قيمة واحد أو اثنين، كل واحد له قيمته، ولكن تأثيره على الاستثمار مختلف، وأعتقد أن الإعلام يضخم الأمور، ويصورها على أنها أكبر مما يوجد في أرض الواقع.

وإن شاء الله تتحسن الأمور مع الوقت ونتعود جميعا على الممارسات الديمقراطية التي تحترم حق الاختلاف في الرأي، ونلتزم بسلمية المظاهرات ليتحقق الاستقرار الكامل بعد وقت قليل بإذن الله.

* نرى صورا لمظاهرات وصدامات في شوارع مصر، وهناك أناس يشعرون باستياء، حتى وإن لم تكن أعداد المتظاهرين هي الأغلبية ولكنها موجودة، كيف تعالجون هذا الاستياء وكسب بقية الشعب إلى جانبكم؟

- أكبر اختبارات الديمقراطية هي كيف ستعامل الأغلبية الأقلية، لأنهم جزء من الشعب المصري ولديهم آراؤهم، وقد تتحول الآراء من اتجاه إلى الآخر، ومن معه الأغلبية اليوم قد تتغير الأغلبية بعد ذلك. نحن مع سلمية المظاهرات وإذا كانوا لا يرضون عن شيء فهذا حقهم، وهذه هي الديمقراطية وطبيعة الاختلاف، ولكن بالتأكيد نشجب العنف والتخريب ونتعامل معه بكل حزم لأن الأمور لا تستقيم مع قطع الطرق والحرق وغير ذلك.

الرسالة التي بعثتها وأنا هنا في دافوس، طلبت فيها من جميع القوى السياسية والأحزاب أن تعلن صراحة أنها ضد الشغب وضد العنف، لأن هذا أمر مرفوض. وأحيانا يقال المتظاهرون اشتبكوا أمام مقر وزارة الداخلية، ولكن في الأساس لماذا ذهبوا إلى الداخلية؟! فإذا رمي الطوب، فذلك يعني أنه ليس تظاهرا سلميا.

المتظاهر السلمي نحن نحميه ونؤيده، ولكن من يهاجم المنشآت ويحرقها يجب أن نتعامل معه بالقانون وبكل حزم.