الفلوجة تشيع قتلاها.. وتطالب بتسليم «القتلة» ومحاكمة المالكي

شيوخ الأنبار يتقدمون المشيعين ويتهمون «ميليشيات أحزاب» ضمن الجيش بقتل المتظاهرين

شرطي يتابع مراسم التشييع التي جرت في الفلوجة أمس لسبعة متظاهرين قتلوا برصاص الجيش خلال مظاهرة في المدينة أول من أمس (رويترز)
TT

شارك عشرات الآلاف من العراقيين أمس في مراسم تشييع جثامين سبعة أشخاص قتلوا في الفلوجة برصاص الجيش العراقي خلال مشاركتهم أول من أمس في مظاهرات للمطالبة بإجراء إصلاحات وتعديلات على عدد من القوانين التي تتيح لآلاف العراقيين الحصول على حقوقهم التقاعدية وإطلاق سراح الأبرياء من السجون.

وتقدم رجال دين وشيوخ عشائر المشيعين، ورددوا هتافات غاضبة ضد رئيس الحكومة نوري المالكي. وقال الشيخ ظافر العبيدي، أحد رجال الدين بالفلوجة، خلال مراسم التشييع إنه «على الحكومة العراقية أن تعرف أنها تتعامل مع ميليشيات وليس مع جيش عراقي عقائدي، لأن الجيش يحمي الشعب ولا يضربه». وطالب الحكومة «بتنفيذ الإصلاحات الشاملة التي خرج من أجلها الشعب متظاهرا منذ أكثر من شهر، وأن صمت الحكومة حيال مطالب الملايين من العراقيين في مدن عراقية عدة سيؤدي إلى دخول البلد في نفق مظلم تتحمل تبعاته حكومة المالكي».

إلى ذلك، قال قائمقام الفلوجة عدنان حسين لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) إن «قوات الجيش من قوات الفرقة الأولى ضمن قيادة عمليات الأنبار انسحبت من كل مواقعها التي كانت تتخذها داخل الفلوجة وفي محيطها الخارجي، وجاءت بدلا عنها قوات من الشرطة الوطنية».

من جانبه، صرح الشيخ أحمد أبو ريشة، رئيس مؤتمر صحوة العراق، إن «أبناء الأنبار عازمون على أخذ حقهم بتسليم الجنود الذين ارتكبوا جريمة مقتل وإصابة ما يقرب من 70 متظاهرا بالفلوجة». وقال أبو ريشة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «نؤكد ما قلناه بأن أمام الحكومة سبعة أيام لتسليم الجنود الذين أطلقوا النار على المتظاهرين العزل ومحاكمتهم أمام القضاء العراقي حسب المكان الجغرافي». وأضاف أن «قرار الأهالي واللجان التنسيقية للمظاهرات في الأنبار عموما هو تقديم طلب للقضاء لمحاكمة رئيس الحكومة نوري المالكي بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة وكذلك قائد الفرقة الأولى التي ينتمي لها الجنود والضباط المشرفون على المظاهرات، بالإضافة إلى الجنود الذين أطلقوا النار ضد المتظاهرين العزل». وأكد «لن تمر دماء شباب الفلوجة الأبرياء هدرا دون عقاب لمن أسهموا في هذه الجريمة، خاصة من لهم علاقة بالجريمة، وإذا لم تحترم إرادتنا في هذه الجريمة التي حصلت ضدنا سنقوم بتقديم شكوى للقضاء الدولي لأخذ الحق».

بدورها، حملت وزارة الدفاع العراقية من سمتها «مجموعة إرهابية قادمة من خارج المتظاهرين» مسؤولية «خلط الأوراق وإحداث فتنة». وقال المستشار الإعلامي لوزير الدفاع الفريق الركن محمد العسكري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما حصل لم يكن احتكاكا أو تصادما بين المتظاهرين في ساحة الاعتصام وبين قطعات الجيش، بل إن مجموعة إرهابية جاءت من عامرية الفلوجة وهي تحمل قاذفات وقنابل صوتية، واستهدفت الفوج المكلف بحماية المتظاهرين، وهو ما أدى إلى مقتل ثلاثة من الجنود وجرح اثنين وتدمير أكثر من عجلة عسكرية». وردا على سؤال بشان ما إذا كانت هذه القطعات هي نفسها الموجودة أصلا لحماية المتظاهرين أم أن هناك قطعات جديدة جرى استقدامها، قال العسكري «لم نحرك أي قطعات جديدة، بل هو نفسه الفوج التابع للفرقة الأولى تدخل سريع»، مشيرا إلى أن «الجيش لو يريد تحريك قطعات عسكرية فإنه لا يخشى أحدا». وحسب العسكري فإن «المجموعة أحرقت سيارتين من سيارات رئيس مجلس محافظة الأنبار جاسم الحلبوسي الذي كان وسط المتظاهرين، واتهمت الجيش بحرقها».

من جهته، أكد الشيخ حميد الشوكة، رئيس مجلس شيوخ عشائر الأنبار، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، أن «القطعات العسكرية الموجودة هي ليست الجيش العراقي المحترف، بل هي عبارة عن ميليشيات لأحزاب تم دمجها، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بتحريك قطعات جديدة وإنما القيام بأدوار جديدة من قبل نفس القطعات الحالية». وأضاف أن «استمرار الطابع السلمي للمظاهرات والصمود الذي يتمتع به المتظاهرون لم يعجب البعض فأرادوا أن يحرفوا المسار فأعطوا توجيهات لبعض هؤلاء الجنود بأن يحتكوا بالمتظاهرين من أجل أن يتهموا هذا الطرف أو ذاك لأنهم فشلوا في التعامل مع قضية المتظاهرين العادلة».

وفي تطور ينذر بمزيد من التصعيد، قتل جنديان وخطف ثلاثة آخرون في ثلاث هجمات متفرقة استهدفت عناصر الجيش في أطراف مدينة الفلوجة، حسبما أفاد ضابط في الشرطة. وأضاف العقيد محمود خلف من شرطة الفلوجة أن «مسلحين مجهولين قتلوا جنديين وخطفوا ثلاثة آخرين في ثلاثة هجمات متفرقة في الفلوجة». ونسبت إليه وكالة الصحافة الفرنسية قوله إن «مسلحين أطلقوا النار على حاجز تفتيش في حي الشهداء، مما أسفر عن مقتل جندي». وتابع أن «مسلحين هاجموا حاجز تفتيش في منطقة السكنية في ضواحي المدينة الشمالية، مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة آخر». وفي غرب المدينة، قال الضباط إن «مسلحين يستقلون سيارة مدنية اقتحموا نقطة حراسة للجيش في منطقة النعيمية تضم ثلاثة جنود، قاموا بخطفهم والتوجه إلى جهة مجهولة». وتابع أن «قوات الشرطة عثرت على سيارة الخاطفين في حي الشهداء، لكنها لم تعثر على المسلحين أو المخطوفين». لكن الفريق علي غيدان، قائد القوات البرية، أكد أن «الجنود تم اختطفاهم أثناء توجههم إلى منازلهم في إجازة وهم يرتدون زيا مدنيا»، مضيفا أن «عمليات البحث لا تزال جارية عنهم». وكانت السلطات قررت سحب قوات الجيش واستبدال قوات من الشرطة الاتحادية بها إثر الاشتباكات التي أوقعت سبعة من المتظاهرين، أول من أمس الجمعة.

وفي تطور آخر ذي صلة، أعلنت القائمة العراقية أنها قررت مقاطعة جلسات مجلس النواب عدا جلسة سحب الثقة عن الحكومة. وعزت المتحدثة باسم العراقية ميسون الدملوجي القرار إلى «تجاهل الحكومة لمطالب المتظاهرين المشروعة»، داعية الحكومة إلى «الاستجابة بما يضمن نزع فتيل الأزمة ويحقق العدالة والأمن والاستقرار». وطالبت ميسون الدملوجي الكتل السياسية بـ«تحمل المسؤولية الأخلاقية والشرعية بوضع حد للنهج الاستفزازي الذي تنتهجه الحكومة، من أجل إنهاء الأزمة». واستنكرت الدملوجي «منع الجيش من وصول المتظاهرين إلى ساحات الاعتصام، وعرقلة إقامة الصلاة»، لافتة إلى أن «الحكومة بدلا من أن تستجيب لمطالب المتظاهرين، جعلت الجيش يفتح النار عليهم».