سوريا «الحلقة الذهبية» لإيران ومن أجلها مستعدة للحرب

ولايتي: أي هجوم على دمشق يستهدف طهران

TT

انضم تعبير «الحلقة الذهبية» إلى سلسلة التوصيفات التي تطلقها إيران على سوريا في معرض توصيفها لمحورية الدور السوري في مشروعها الذي تطلق عليه تسمية «المشروع المقاوم» الذي يتعرض، وفقا للنظرة الإيرانية، إلى خطر داهم نتيجة التطورات المتلاحقة في الأزمة السورية التي تتهدد بالإطاحة بأقرب حلفاء إيران وأكثرهم فائدة لها، ما يجعلها مستعدة للقيام بكل ما يمكن للدفاع عن هذا النظام.

فقد شكل النظام السوري، منذ الثمانينات، حليفا ممتازا للنظام الإيراني الساعي إلى «تصدير الثورة»، بالإضافة إلى أنه الحليف العربي الأول لنظام يشكو خصومه من نزعته «الفارسية». وقد تحول هذا الحلف إلى علاقة بنيوية متكاملة بعد رحيل الأسد الأب ووصول الأسد الابن الذي كان بطبيعة الحال أضعف من والده.. ما سهل مهمة النظام الإيراني الذي بات قادرا على التأثير الكبير على حليفه، لدرجة أنه أجبره مؤخرا على تنفيذ عملية تبادل لإطلاق 48 إيرانيا وقعوا في قبضة الجيش الحر، رغم ما تعنيه هذه العملية من اعتراف للنظام بوجود طرف مقابل لا مجرد «جماعات إرهابية تكفيرية».

ويرى الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد نزار عبد القادر أنه من الطبيعي أن تقوم إيران بدعم نظام الأسد كرد فعل على الدعم الذي قدمه لها الرئيس الراحل حافظ الأسد خلال حربها مع العراق، حيث كانت سوريا مصدر التمويل الرئيسي لإيران خلال هذه الحرب.

وذهب علي أكبر ولايتي مستشار شؤون السياسة الخارجية للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي، إلى القول بأن أي هجوم عسكري على سوريا سيكون بمثابة هجوم على إيران.

وفي مقابلة مع وكالة أنباء مهر الإيرانية، رأى ولايتي أن سوريا تعد في المنطقة «جزءا من حلقة ذهبية للمقاومة، ولذا فعلى الجميع أن يعلم أن الهجوم على سوريا سيكون بمثابة هجوم على هذه الحلقة، وكذلك على إيران». واعترف ولايتي بأنه «ما كان لحزب الله اللبناني أبدا أن يحقق انتصارات في حروبه ضد إسرائيل لولا الدعم اللوجيستي المقدم من سوريا».

ويؤكد العميد عبد القادر أن إيران تقدم الدعم اللوجيستي الأساسي، إلى جانب روسيا، من أجل تمكين الجيش النظامي السوري من الاستمرار في معاركه ضد وحدات المعارضة، مشيرا إلى أن «إيران تعبر بشكل واضح بلسان كبار القادة فيها أنها لن تسمح بسقوط نظام الأسد، محاولة تقديم مساعدة عسكرية مباشرة تتعدى الدعم اللوجيستي وهذه المساعدة تأخذ شكل تبادل الخبرات، حيث يتم نقل خبراء من الحرس الثوري الإيراني إلى الأجهزة الأمنية السورية، كما يأخذ شكل التدخل المباشر في عميلات قتالية في الكثير من المناطق؛ إذ تتحدث أنباء عن وجود مفارز إيرانية داخل سوريا».

إضافة إلى ذلك، يؤكد عبد القادر أن عناصر إيرانية مدربة تقوم بحماية المراكز الحساسة في العاصمة دمشق، لا سيما بعد تفجير خلية الأزمة الذي استهدف كبار القادة الأمنيين في النظام، لكنه استبعد أن «تتورط إيران بشكل كثيف في الصراع السوري، كأن تنقل وحدات متكاملة بأسلحتها الثقيلة ومعداتها الحربية؛ لأنه في هذه الحالة لن يعد الصراع داخليا.. سيتخذ أبعادا إقليمية وستشترك فيه دول أخرى».

وفي المقابل حمل السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد بعنف على إيران، معتبرا أن دورها في النزاع السوري «ليس مفيدا». وقال فورد للصحافيين في أنقرة غداة لقائه لاجئين سوريين على الحدود التركية إن «إيران تلعب دورا غير مفيد في دفع سوريا باتجاه انتقال سياسي يطالب به شعبها». واتهم فورد إيران بإرسال أسلحة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

قال السفير الأميركي: «إنهم يرسلون أسلحة، إنهم يرسلون أنواعا أخرى من الخبراء، وهم في الواقع يرسلون (أفرادا من) الحرس الثوري الإيراني». وأضاف فورد: «لا نتحدث إلى الإيرانيين مباشرة (...) لكننا بحاجة لفهم ما هو دور إيران».

وأكد فورد أن الولايات المتحدة تريد حلا سياسيا لإنهاء الأزمة السورية، لا حلا عسكريا، وشدد على أن الأسد يجب أن يتنحى. وقال: «أريد أن أكون واضحا جدا في هذا الشأن: الولايات المتحدة تعتقد أن الحل السياسي وحده، لا الحل العسكري، سينهي الأزمة في سوريا، ولا يمكن لبشار الأسد ونظامه لعب دور في حكومة انتقالية».

ويؤكد المستشار السياسي لـ«الجيش السوري الحر» بسام الداده أن «هناك استشاريين إيرانيين في معظم المناطق السورية، خاصة في دمشق والرقة، يقدمون الاستشارات الاستخباراتية والعسكرية للجيش النظامي. كما ينتشر عدد كبير من القناصة الإيرانيين حول القصر الجمهوري في دمشق وحول هيئة الأركان، إضافة إلى وجود هؤلاء القناصة في حلب قرب مركز الأمن العسكري». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «دور إيران في سوريا يتوزع بين المستشارين والقناصين. وبسبب ضغوط الجيش الحر قامت إيران خلال الفترة الأخيرة بنقل عدد من مستشاريه العاملين في سوريا إلى منطقة البقاع اللبنانية خوفا عليهم من استهداف الجيش الحر».

أما علاء، الناطق باسم لواء سيف الإسلام في دمشق، فيقول: «إن الوجود الإيراني العسكري الداعم للنظام السوري، ظهر بشكل واضح خلال معركة مطار دمشق الدولي، حيث قامت طائرات النظام بإنزال أعداد كبيرة من عناصر الحرس الثوري الإيراني في المطار. إضافة إلى أن الكثير من الحواجز في وسط مدينة دمشق عليها عسكريون إيرانيون، تحديدا في شارع بغداد وشارع خالد بن الوليد ومنطقة العدوي. بالنسبة لوجود قناصة من إيران فقد بات هذا الأمر بحكم الأكيد. أما في حمص فإن أغلب قادة العمليات في الخالدية وبابا عمرو هم من الضباط الإيرانيين».

ويرى الخبير في الحركات الشيعية، الكاتب اللبناني علي الأمين، أن إيران «ذاهبة من دون شك مع النظام السوري حتى النهاية، دعما وتسليحا، لكنها في الوقت نفسه تبحث عن خيارات سياسية واستراتيجية بديلة، كإحداث خرق من جهة (الإخوان المسلمين) في سوريا، لكن عبر البوابة المصرية»، معتبرا أن «هذا الخرق سيستفيد من التناقض بين الإسلاميين (...) وقد تسعى إيران لإغراء (إخوان سوريا)، لا سيما أن السيد علي الخامنئي أطلق على الثورات العربية تسمية (الصحوة الإسلامية)».

أما في حال سقوط النظام – وهذه مسألة حتمية بنظر الأمين – فإنه يرى أن إيران «ستحد خسائرها الكبيرة، محاولة التركيز على نوافذ أخرى، كالعراق الذي تملك فيه نفوذا كبيرا، والسودان الذي تسعى لترسيخ العلاقات معه، لكن ذلك لن يعوض الخسارة السورية؛ لأن العلاقة مع العراق علاقة استتباعية وليست تحالفية، فيما السودان لا يشكل مركز ثقل في العالم العربي ليكون تعويضا مناسبا».