الرئيس المصري يعلن حالة الطوارئ في مدن القناة الثلاث

قال إنه سيتخذ إجراءات استثنائية إذا احتاج الأمر > تفاقم خلافات الفرقاء المصريين

متظاهر يرد بقنبلة غاز مسيل للدموع في اشتباكات ميدان التحرير أمس (رويترز)
TT

أعلن الرئيس المصري محمد مرسي مساء أمس حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوما وحظر التجوال في محافظات مدن القناة الثلاث وهي بورسعيد والسويس والإسماعيلية.

وأوضح الرئيس مرسي في كلمة وجهها إلى الشعب المصري عبر التلفزيون المصري مساء أمس أن حالة الطوارئ تبدأ اعتبارا من بعد منتصف الليلة وأن حظر التجوال في المحافظات الثلاث يستمر لمدة ثلاثين يوما وهي مدة فرض حالة الطوارئ وذلك من الساعة التاسعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي. وقال الرئيس مرسي إنه سيضطر إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات الاستثنائية إذا «اضطر» لذلك. ودعا مرسي القوى السياسية لحوار اليوم. من جهة أخرى قالت مصادر عسكرية ومسؤولون في هيئة قناة السويس بمصر أمس إن حالة الاستنفار الأمني ووجود قوات للجيش على جانبي المجرى الملاحي للقناة يهدف إلى تأمينها، مشددة على أن المجرى الملاحي «وجانبيه» في أمان، وأن القوات المسلحة دفعت بوحدات بحرية لتأمين السفن والموانئ الأربعة المطلة على القناة بمدرعات وجنود.

وأضافت المصادر أن كاسحات ألغام وقطعا بحرية شاركت في تمشيط مجرى القناة، إضافة لانتشار مدرعات الجيش في مدينتي بورسعيد والسويس.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية عن مصدر عسكري، أنه «تم تكثيف إجراءات تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس بقطاع الجيش الثالث الميداني، وإقامة دوريات ثابتة لتأمين المرافق الحيوية بالمدينة، مثل شركات الكهرباء والغاز والمياه والمنشآت الصناعية والتجارية والبنوك ومستودعات تخزين السلع الاستراتيجية، إلى جانب تسيير دوريات متحركة في شوارع المدينة لفرض الأمن بالتعاون مع رجال أجهزة وزارة الداخلية».

وتفقد اللواء أركان حرب أسامة رشدي عسكر، قائد الجيش الثالث الميداني، القوات المشاركة في أعمال تأمين مدينة السويس بعد أن تم الدفع بدوريات إضافية من الشرطة العسكرية لتأمين الميادين والشوارع الرئيسية والفرعية بالمدينة.

وأعلنت قيادة الجيش الثالث عدة أرقام هاتفية للمواطنين لتلقي بلاغات وشكاوى المواطنين «عن العناصر الإجرامية أو التجمعات المشبوهة أو أماكن التخريب».

وعبر قناة السويس أمس 44 سفينة بضائع من الاتجاهين، وصعد رئيس الهيئة الفريق مهاب مميش، على سفينة حاويات فرنسية كانت تعبر القناة لبث الاطمئنان بشأن سلامة العبور من الممر الملاحي، قائلا: «إن تأمين القناة يتم بالتنسيق مع القوات المسلحة»، و«لا توجد أي ملاحظات».

بينما أعلن طارق حسنين، المتحدث باسم الهيئة، إن حركة الملاحة لم تتأثر بالاحتجاجات المستمرة بين المتظاهرين وقوات الأمن منذ يوم الجمعة الماضي.

واندلعت المظاهرات منذ يوم الجمعة الماضي بمناسبة الذكرى الثانية لثورة يناير (كانون الثاني)، وأخذت منحنى عنيفا يومي أمس وأول من أمس في عدة مدن تطل على قناة السويس، إضافة إلى القاهرة والإسكندرية والشرقية (مسقط رأس الرئيس محمد مرسي)، بمنطقة الدلتا شمالا. وتصاعدت حدة الغضب والمواجهات مع الشرطة في بورسعيد بعد حكم أصدرته محكمة يوم أول من أمس بإحالة أوراق 21 شخصا إلى المفتي تمهيدا لإعدامهم، بعد اتهامهم بالمسؤولية عن مقتل 72 من مناصري النادي الأهلي في مبارك لكرة القدم مع نادي المصري البورسعيدي مطلع العام الماضي.

كما تفجرت مظاهرات مماثلة في مدينة السويس تبعها اقتحام لأقسام شرطة وسرقة أسلحة وإحراق منشآت عامة. وقالت مصادر طبية وشهود عيان، إن عدد القتلى في اشتباكات المتظاهرين وقوات الأمن ارتفع في عموم البلاد منذ يوم الجمعة الماضي حتى أمس إلى 42 شخصا، إضافة إلى مئات المصابين. وتجددت الاشتباكات أمس في بورسعيد بين الشرطة والمتظاهرين أثناء تشييع جثامين قتلى اشتباكات يوم أول من أمس. وقال شهود عيان إن قوات الشرطة أطلقت القنابل المسيلة للدموع على جنازة 24 جثمانا أثناء مرورها وسط المدينة، وشارك في الجنازة ألوف من أبناء المدينة، ما يعكس حالة من الغضب والحزن، حيث نقلت وقائع الجنازة المهيبة وسائل الإعلام الرسمية.

وتفاقمت الخلافات بين الفرقاء المصريين أمس بينما وصل وفدان عسكريان من لندن وواشنطن للقاهرة، بالتزامن مع قرار سفارتي بريطانيا وأميركا لدى مصر التوقف عن العمل يوم أمس بسبب مواجهات وكر وفر بين المتظاهرين المناوئين لحكم جماعة الإخوان المسلمين، وقوات الشرطة في محيط السفارتين في منطقة جاردن سيتي الواقعة بين شارعي قصر العيني وكورنيش النيل.

ودعت أكبر جهة مسؤولة في البلاد، وهي «مجلس الدفاع الوطني» الذي يرأسه الرئيس مرسي ويشغل عضويته كبار المسؤولين في الجيش والحكومة، إلى حوار وطني، لكن البيانات الصادرة من قيادات إخوانية وأخرى من المعارضة، تكشف عن عمق الانقسام بين الفريقين.

وتتهم المعارضة الرئيس مرسي بعدم تنفيذ تعهداته، بينما تقول جماعة الإخوان ومؤيدو الرئيس إن المعارضة لا تريد احترام اللعبة الديمقراطية التي أسفرت عن صول «الإخوان» والتيار الإسلامي إلى الحكم في أول انتخابات نزيهة تشهدها البلاد.

وقالت السفارة الأميركية في بيان على موقعها على الإنترنت أمس، إنها علقت تقديم الخدمات العامة، بما فيها إصدار التأشيرات وخدمات الرعايا الأميركيين ومركز المعلومات.

بينما أعلنت السفارة البريطانية أمس أنها «تغلق أبوابها أمام الجمهور (طيلة يوم أمس)»، وقامت بنشر أرقام هاتفية على موقعها على الإنترنت للتواصل مع الرعايا البريطانيين بمصر. وعكست التطورات الجارية في مصر قلقا من جانب حلفاء القاهرة الغربيين. وكشفت مصادر مصرية محلية عن زيارة وفد عسكري أميركي للقاهرة أمس، لكنها قالت إن الزيارة ليس لها أي دلالات سياسية لما يجري في مصر هذه الأيام، وإنما تتعلق بموضوع التعاون العسكري بين البلدين، وأفادت المعلومات بأن الوفد الأميركي يتكون من قائد القوات الأميركية، وقيادة العمليات الخاصة المشتركة، ومدير مركز مكافحة الإرهاب القومي الأميركي.

ويأتي هذا في وقت تقرر فيه وصول وفد من هيئة الأركان العامة البريطانية، برئاسة ديفيد ريتشاردز، لبحث تطوير مجالات التعاون والعلاقات العسكرية بين مصر وبريطانيا.