الطيران الفرنسي يقصف كيدال ويدمر منزل زعيم «أنصار الدين»

العرب في شمال مالي يرحبون بالانشقاق داخل الحركة

جنديان ماليان يفتشان سيارة بالقرب من مدينة سيفاري (رويترز)
TT

قصف الطيران الفرنسي مواقع إسلاميين في كيدال وضواحيها في أقصى شمال شرقي مالي، ودمر منزل زعيم جماعة أنصار الدين كما علم أمس من مصادر متطابقة.وقال مصدر أمني مالي لوكالة الصحافة الفرنسية: «حصلت ضربات جوية في منطقة كيدال (1500 كلم عن باماكو). وهذه الضربات أصابت خصوصا منزل إياد اغ غالي في كيدال، ومعسكرا في المدينة نفسه».

من جهته، ذكر نائب عن المنطقة أن «الجيش الفرنسي أطلق النيران على معسكر في كيدال ودمر منزل اغ غالي. كما شن الطيران الفرنسي ضربات غرب كيدال بالقرب من مسقط رأس اغ غالي». وكيدال وضواحيها تعتبر معقلا لجماعة أنصار الدين التي يتزعمها إياد اغ غالي، العسكري السابق والشخصية البارزة سابقا في متمردي الطوارق خلال عقد التسعينات من القرن الماضي. وكيدال كانت أول مدينة سيطر عليها متمردو الطوارق والمجموعات الإسلامية في مارس (آذار) 2012.

وفي غضون ذلك، سيطرت قوات فرنسية ومالية مساء أول من أمس على معقل المتمردين في غاو في واحد من أكبر النجاحات العسكرية حتى الآن. وقال الجيش الفرنسي إن قوات خاصة فرنسية قامت في هجوم ليلي على غاو بدعم من مقاتلات وطائرات مروحية فرنسية بالسيطرة على مطار البلدة، وجسر رئيسي على نهر النيجر، مما أسفر عن مقتل عشرات من المقاتلين الإسلاميين دون أن تصاب بأي خسائر بشرية.

وذكر المتحدث باسم الجيش المالي اللفتنانت دياران كوني لرويترز: «الجيش المالي والفرنسيون يسيطرون على غاو اليوم (أمس)».

وأشارت سرعة التحرك الفرنسي في الحملة المستمرة منذ أسبوعين إلى أن القوات الفرنسية والمالية تنوي المضي بسرعة في عمليتها العسكرية في شمال مالي في الأيام القليلة المقبلة ضد معاقل الإسلاميين المتمردين، مثل تمبكتو وكيدال.

ووقعت 30 غارة جوية فرنسية على أهداف للمتمردين حول غاو وتمبكتو على مدى الساعات الست والثلاثين الماضية. وجاءت أنباء وصول القوات الفرنسية والقوات المالية إلى غاو، أكبر مدينة في الشمال يسيطر عليها المتمردون، بينما تعمل الدول الأفريقية على نشر قوة تدخل أفريقية من ستة آلاف جندي في إطار تفويض من الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم الجيش الفرنسي، تيري بوركار، إن القوات الفرنسية تعرضت لإطلاق نار من جانب المقاتلين المتمردين داخل غاو، لكنه قال إن الجسر والمطار لم يتعرضا لأضرار.

وفي باريس، قالت وزارة الدفاع الفرنسية إن تعزيزات القوات الفرنسية والمالية دخلت المدينة، وإن قوات من تشاد والنيجر لديها خبرة القتال في الصحراء وصلت جوا إلى المدينة أيضا. وأضافت أن هذه القوات ستتولى مهمة تأمين غاو والمناطق المحيطة بها.

وقال مصدر عسكري مالي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن القوات الفرنسية سيطرت على ليري على الطريق إلى تمبكتو، وإنها تواصل تقدمها. ومن جهته، يقوم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بزيارة «لم تكن مبرمجة» إلى الجزائر الأربعاء المقبل تستمر يومين، تجري خلالها محادثات مع كبار المسؤولين الجزائريين، على رأسهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء عبد المالك سلال. وذكرت صحيفة «النهار الجديد» في عددها الصادر أمس أن مباحثات كاميرون مع المسؤولين الجزائريين ستتناول تداعيات اختطاف الرهائن الأجانب، ضمنهم بريطانيون، في المنشأة الغازية بمدينة عين أميناس.

على صعيد ذي صلة، رحبت حركة عرب أزواد التي تضم قسما من أفراد هذه المجموعة في شمال مالي، أمس بالانشقاق الذي حصل داخل جماعة أنصار الدين الإسلامية، واعتبرته «خطوة مهمة» نحو حل تفاوضي، ودعت إلى وقف عمليات القصف.

وقالت الحركة، في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه، إن «الانشقاق داخل أنصار الدين الذي أدى إلى نشوء حركة أزواد الإسلامية يشكل خطوة مهمة على طريق البحث عن مخرج للأزمة التي بدأت تأخذ منحى خطيرا». وأضاف البيان أن حركة عرب ازواد «تعلن استعدادها الكامل للعمل مع حركة أزواد الإسلامية والحركة الوطنية لتحرير أزواد (تمرد الطوارق) لإيجاد حل مشرف يضمن لشعب أزواد حقوقه الأساسية». وأزواد هو الاسم الذي أطلقه العرب والطوارق على شمال مالي. وتؤكد حركة عرب أزواد معارضتها «لأي شكل من التطرف والإرهاب»، داعية «كل الأطراف إلى التعاون من أجل تحرير أزواد، ووضع حد لإراقة دم الشعب البريء» المجبر «على سلوك طريق المنفى». ودعت أيضا فرنسا وحلفاءها إلى «وقف عمليات القصف ضد مناطق أزواد؛ لأن ضحايا هذه الغارات هم بالدرجة الأولى المواطنون المسالمون الذين يفترض أن تؤمن لهم الحماية».

ونشأت حركة أزواد الإسلامية في نهاية الأسبوع من انشقاق داخل جماعة أنصار الدين بهدف إيجاد حل تفاوضي للأزمة المالية.

وفي بيان جديد تلقته وكالة الصحافة الفرنسية أمس، أكدت الحركة مجددا «التزامها وتصميمها على النأي بنفسها بطريقة نهائية وكاملة» عن اغ غالي، وكذلك عن «كل المجموعات الإرهابية الأخرى» في شمال مالي: تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا.

ووجهت حركة أزواد الإسلامية «نداء إلى المجتمع الدولي، ولا سيما إلى فرنسا، لتلقي موقفنا بصورة إيجابية ولمواكبتنا أيضا».

إلى ذلك، نفت وزارة الخارجية الجزائرية تصريحات نسبت إلى وزير الخارجية مراد مدلسي، ضمنها أن القوات الخاصة للجيش ارتكبت أخطاء خلال هجومها على المنشأة الغازية في تيجنتورين (جنوب شرقي البلاد) لتحريرها من قبضة المسلحين الذين احتجزوا مئات الرهائن الأجانب والجزائريين.

وقال عمار بلاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية لوكالة الأنباء الجزائرية أذاعته أمس، إن تصريحات وزير الخارجية حرفت بعمق عن مسارها الطبيعي.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية أمس عن مدلسي قوله: «لست متأكدا اليوم إن كنا بصدد إعادة تقييم أخطائنا، بل نحن بصدد ملاحظة أن العملية (الهجوم) كانت ناجحة».

وأضاف أن «الهجوم على عين أميناس يتطلب ربما أن نعيد التقييم بالمرة في الجزائر كبلد يستقبل هذه الاستثمارات، وفي الوقت نفسه كمؤسسة تنشط عبر الإقليم الجزائري، وشروط الأمن لتعزيزها، تجربة عين أميناس ستحمل ربما بعض التعديلات في هذا الشأن».