مشاركون في منتدى مراكش: حرب مالي ستكون صعبة.. والمخابرات ستلعب دورا حاسما

جنرال فرنسي: عصابات تهريب المخدرات وجدت ضالتها في الساحل

الجنرال شارل هوبر مدير الاستراتيجيات لدى «أفريكوم» ومحمد بن حمو رئيس الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية («الشرق الأوسط»)
TT

خلص مشاركون في «منتدى الأمن في أفريقيا»، الذي اختتم أشغاله أمس في مراكش، إلى أن الحرب في مالي لن تكون سهلة، وأشاروا إلى أن دور المخابرات سيكون حاسما خلالها. وأصدر المؤتمر، الذي شاركت فيه قيادات عسكرية من 64 دولة، «إعلان مراكش حول أزمة مالي»، اشتمل على عدة توصيات، ودعا إلى التعامل مع أزمة الساحل ومنطقة الساحل في جميع أبعادها من أجل الوصول إلى حل دائم.

وانتقد متدخلون خلال المنتدى ضعف التنسيق الأمني والعسكري والتعاون والاندماج بين دول منطقة غرب أفريقيا، الذي أسهم في تفاقم أزمة مالي، ونوهوا بتجربة دول منطقة وسط أفريقيا التي تمكنت عبر آليات التعاون العسكري والدفاع المشترك من تطويق التمرد في أفريقيا الوسطى بشكل سريع قبل أسبوعين عبر التدخل العسكري لوقف زحف المتمردين على عاصمة البلاد، وإطلاق مبادرة سياسية لحل الأزمة عبر تشكيل حكومة ائتلاف وطني، وإفساح المجال للحوار والتفاوض. ويرى الخبراء أن تأخر دول منطقة غرب أفريقيا في التدخل بمالي كان عاملا أساسيا في تفاقم الأزمة.

واقترح علي بوجي، سفير المغرب لدى الغابون، إنشاء هيئة غير رسمية للتشاور والتنسيق بين دول منطقة الساحل ودول شمال أفريقيا. وقال بوجي لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الاقتراح، الذي يعبر عن رأيه الشخصي، ينطلق من الروابط التاريخية والثقافية والجغرافية بين بلدان شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والتأثيرات المتبادلة بينها خاصة في المجال الأمني، لا سيما أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي اتخذ من شمال مالي ومنطقة الساحل قاعدة خلفية لعملياته الإرهابية التي تستهدف بالأساس دول المغرب العربي.

وشدد الأميرال الفرنسي، دان ديفورك على ضرورة دعم التنمية في بلدان الساحل والاستجابة لتطلعات السكان باعتباره السبيل الوحيد للوقاية من تجدد الأزمات الحالية في المستقبل. وقال الأميرال ديفورك «عندما تعجز الدولة القومية على الاستجابة لتطلعات سكانها فإن هناك دائما من يملأ الفراغ، خاصة العصابات الإجرامية. ونموذج المافيا الإيطالية خير مثال على ذلك».

وأضاف ديفورك أن عصابات تهريب المخدرات بين أميركا الجنوبية وأوروبا، وجدت ضالتها في الساحل بسبب ضعف الدولة ووجود مناطق شاسعة خارج القانون، إضافة إلى انتشار تجارة السلاح والبشر والهجرة غير الشرعية. وفوق ذلك كله وجود حركات تمرد مسلحة وجماعات إرهابية، التي تلتقي مصالحتها في استمرار حالة انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة مع مصلحة العصابات الإجرامية العابرة للحدود، والتي أصبحت توفر الحماية لشحنات المخدرات التي تعبر المنطقة مقابل مبالغ مالية ضخمة تستعملها في تمويل أنشطتها الإرهابية.

ودعا ديفورك إلى حماية العسكريين في بلدان الساحل، الذين يجدون أنفسهم في وضعية صعبة بين إغراءات عصابات المهربين والإرهابيين والخارجين عن القانون، من جهة، والقادة السياسيين الفاسدين، من جهة ثانية. وقال العسكري الفرنسي: «التنمية الشاملة وحدها هي التي ستوفر لمواطني هذه الدول الكرامة والديمقراطية والأمن والاستقرار، وهي الكفيلة بالوقاية من تكرار الوضع الحالي في مالي المهدد للأمن والسلام في المنطقة وفي العالم».

من جهته، قال محمد بن حمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، ورئيس الفيدرالية الأفريقية للدراسات الاستراتيجية، إن الحملة العسكرية الحالية في مالي لن تكون سهلة، وتوقع ألا يكون الحسم فيها قريبا. وقال بن حمو لـ«الشرق الأوسط» إن الاستخبارات تعتبر السلاح الأقوى في هذه الحرب غير المتوازية حيث تواجه جيوش نظامية عصابات مسلحة تتنقل بسرعة، وتظهر فجأة لتضرب ثم تعود للاختفاء.

وأضاف بن حمو قائلا: «نحن هنا أمام عدو غير مرئي وغير واضح، عدو يندمج بسهولة وسط السكان المحليين، يتهرب من المواجهة المباشر، ويفضل الخروج الفجائي من أجل تنفيذ ضربات نوعية وسط الجيوش التي تهاجمه ليعود للاختفاء. لذلك فعامل الاستخبارات سيكون حاسما في هذه الحرب».

وأشار بن حمو إلى أن الدول الغربية تتوفر على تقنيات متطورة في مجال الاستخبارات عبر الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار مثلا، غير أن هذه التقنيات تبقى ضعيفة الجدوى في مثل هذه الحرب التي تتطلب الاعتماد على المعلومات البشرية. وقال: «هنا أيضا الجماعات الإرهابية تتوفر على فرص أكبر بسبب التواطؤات التي تمكنت من نسجها وسط السكان المحليين على مدى سنوات من وجودها في المنطقة».

واعتبر «إعلان مراكش» أن التدخل العسكري الفرنسي - الأفريقي تحت غطاء الأمم المتحدة يشكل بداية الرد على أزمة مالي، مشيرا إلى كونه يهدف إلى تطويق الوضع والحد من انتشار تداعياته الأمنية والبشرية عبر حدود منطقة الساحل. غير أنه دعا إلى بحث حل شامل يأخذ بكل جوانب الأزمة والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية التي أسهمت فيها. وعلى هامش المنتدى، كرمت القيادة العليا للجيش الأميركي في أفريقيا «أفريكوم» رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، اعترافا بالمجهودات التي يقوم بها خدمة للأمن في أفريقيا.