مجلس الأمن في صنعاء لإيقاف معرقلي التسوية.. وهادي يحذر من أطماع دول راديكالية

مظاهرة حاشدة لمحاكمة الرئيس السابق.. و«المشترك» يطالب بنزع صالح من السياسة

مارك برانت رئيس مجلس الأمن متوسطا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (يمين) وأمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني أثناء اجتماع في صنعاء أمس
TT

شهدت العاصمة اليمنية صنعاء أمس أكبر دعم دولي لعملية انتقال السلطة في البلاد بعد وصول مندوبي مجلس الأمن الخمسة عشر إلى اليمن، وعقدهم سلسلة اجتماعات مهمة مع مختلف الأطراف الرسمية والسياسية لمتابعة تنفيذ قراري مجلس الأمن 2014 و2051 ودعم مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، فيما خرجت مظاهرة حاشدة لشباب الثورة الشعبية للمطالبة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحق شباب الثورة، وإحالتها إلى محكمة الجنايات الدولية.

وأكد رئيس مجلس الأمن الدولي - المندوب الدائم لبريطانيا مارك برانت، وقوفهم مع استقرار ووحدة اليمن، وقال برانت في احتفال رسمي أقامه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بصنعاء: «إنهم التقوا بمختلف الأطراف في اليمن، وبحثوا معهم التحديات التي تواجه التسوية السياسية، وأكدنا لهم أن مجلس الأمن جاهز لاتخاذ إجراءات ضد الأطراف المعرقلة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن»، مضيفا أن «المجلس سيقوم بمراجعة شاملة للوضع في اليمن في جلسته المقبلة في نيويورك»، وأوضح برانت أن زيارتهم «هي الأولى إلى اليمن، والزيارة الأولى أيضا من مجلس الأمن إلى المنطقة خلال السنوات الخمس». وطالب رئيس مجلس الأمن الدولي - المندوب الدائم لبريطانيا مارك برانت «الأطراف كافة المشاركة في التسوية، بأن تكون موحدة، وأن لا يسمحوا للأطراف التي تهدف إلى التدخل في العملية السياسية بتقليل أو إضعاف هذا التقدم الذي تم تحقيقه»، فيما شدد مندوب المملكة المغربية لدى مجلس الأمن الدولي محمد لوليشكي على أن «مجلس الأمن واع كل الوعي بالعراقيل والمعوقات والصعوبات الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها اليمن، وكذا حجم التحدي الأمني للإرهاب الذي يحارب اليمن دون هوادة، في إطار التعاون الدولي».

وقال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر: «اليمن قطع نصف المسافة بعد أكثر من عام على بدء العملية السياسية»، مضيفا: «لكننا نقف اليوم على مشارف مرحلة أكثر دقة يحتاج فيها اليمنيون إلى تجديد التزامهم بالانتقال السلمي والتمسك بإرادتهم السياسية وعدم الالتفات إلى الماضي»، موضحا أن «زمن الفوضى والفساد والاستئثار بالسلطة، لن يعود»، ومحذرا: «على جميع الواهمين أن يحسموا أمرهم ويختاروا بين البقاء سجناء للماضي أو المشاركة في صنع المستقبل، فهذا ليس زمن العرقلة أو التنصل من الالتزامات، وعلى الجميع أن يدرك أن قواعد اللعبة تغيرت وأن عجلة التغيير انطلقت ولن تعود إلى الوراء بإرادة الشعب ودعم المجتمع الدولي».

من جانبه، أشاد أمين عام مجلس دول التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني، بما تم تحقيقه خلال عملية التسوية السياسية، وقال «إنها أثارت إعجاب المجتمع الدولي بالحكمة اليمانية المعهودة التي برهنت على أن الشعب اليمني يكره إراقة الدماء ويرفض العنف ويجنح للسلم تمسكا بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف والقيم العربية الأصيلة»، مؤكدا أن مؤتمر الحوار الوطني «يمثل فرصة ثمينة لمناقشة كل القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية». في حين أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وقوف «الشعب اليمني مع الخيار الوطني، ولن يسمح بضياع هذه الفرصة التاريخية التي لا تتكرر كثيرا»، وقال هادي في كلمته: «هناك أطماع توسعية لدى بعض الدول التي تسعى لتصدير رؤاها الراديكالية، ولم يعد سرا سعيها المحموم للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وبما يشكله ذلك من تهديد لأمن اليمن والجزيرة العربية»، معتبرا أن «قراري مجلس الأمن (2014 و2051) هما صمام أمان لأمن اليمن ووحدته واستقراره ومصلحة إقليمية ودولية راسخة».

وتمت زيارة مجلس الأمن الدولي وسط تشديدات أمنية عالية، حيث أعلنت وزارة الداخلية تجهيزها 24 وحدة أمنية وعسكرية ومدنية، لحماية وتأمين الزيارة في صنعاء، كما حظرت التجوال وحمل السلاح، المرخص، إضافة إلى منع التجوال للدراجات النارية لمدة يومين، لتفادي أي مخاطر أمنية. وحلقت طائرات مروحية عسكرية على ارتفاع منخفض في أجواء العاصمة صنعاء، لتأمين الزيارة، وانتشرت قوات أمنية وعسكرية بمختلفة شوارع العاصمة، حيث نصبت نقاط تفتيش، وأغلقت الشوارع المحيطة بالقصر الجمهوري في دار الرئاسة حيث عقدت فيه اجتماعات مندوبي مجلس الأمن مع الأطراف اليمنية. وبالتزامن مع زيارة مجلس الأمن، خرجت مظاهرة حاشدة لشباب الثورة في العاصمة صنعاء أمس، طالبوا فيها مجلس الأمن بتشكيل لجنة دولية تتولى التحقيق في جميع الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها النظام السابق، وإحالة نتائج التحقيق إلى محكمة الجنايات الدولية لضمان عدم الإفلات من العقاب. ودعت اللجنة التنظيمية للثورة الشعبية في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، مجلس الأمن إلى «اتخاذ قرار عاجل بتجميد أرصدة الرئيس السابق علي عبد الله صالح ورموزه، واستعادة الأموال المنهوبة لخزينة الدولة، وفرض عقوبات دولية على معيقي تنفيذ قرارات توحيد الجيش والأمن». وحذر تكتل اللقاء المشترك الذي يتقاسم الحكم مع حزب المؤتمر الشعبي العام بموجب المبادرة الخليجية، من بقاء الرئيس السابق علي عبد الله صالح في ممارسه العمل السياسي عبر حزب المؤتمر الذي يرأسه، وقال إنه يهدد التسوية بالفشل.

وأوضح المشترك أن «استمرار الرئيس السابق علي صالح في ممارسه السلطة عبر منصبه رئيسا لـ(المؤتمر الشعبي)، يشكل خرقا للاتفاقية الموقعة التي مُنح بموجبها الحصانة، وهو ما يجعل العملية السياسية كلها عرضة للفشل». ودعا «المشترك» مجلس الأمن إلى أن يلزم صالح باعتزال العمل السياسي وعدم ممارسة أي نشاط يتعارض مع الالتزامات التي تم التوقيع عليها ومُنح بموجبها الحصانة، و«ذلك لضمان عدم جر البلاد مجددا إلى العنف الذي من شأنه أن يهدد الأمن والسلام الإقليمي والدولي».