تحقيقات أميركية لكشف مسؤولين سربوا معلومات عن فيروس استهدف مفاعلات إيرانية

تحليلات لحسابات البريد الإلكتروني وتسجيلات هاتفية لإثبات اتصالاتهم مع صحافيين

TT

زاد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية، الذين يجرون تحقيقا بشأن الكشف عن معلومات سرية تتعلق بهجوم الإنترنت الذي استهدف البرنامج النووي الإيراني، من وتيرة الضغوط على مسؤولين حكوميين سابقين وحاليين مشتبه بتورطهم في هذا الكشف، بحسب أشخاص مطلعين على التحقيق.

ويهدف التحقيق الذي بدأه المدعي العام، إريك هولدر، في يونيو (حزيران) الماضي، إلى فحص التسريبات الخاصة بفيروس الكومبيوتر الذي طورته الولايات المتحدة بالتعاون مع إسرائيل والذي أدى إلى تعطل أجهزة الطرد المركزي في منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم. كان الاسم الرمزي الأميركي للعملية «الألعاب الأولمبية»، لكن دودة الكومبيوتر الغامضة اشتهرت في العالم بشكل أوسع باسم «ستوكس نت».

وقال شخص مطلع على التحقيق إن «المحققين يلاحقون الجميع؛ ومن بينهم شخصيات تحتل مناصب عليا. وهناك كثير من الأفراد الذين تم الاتصال بهم من وكالات مختلفة».

وأوضح أشخاص مطلعون على التحقيق أن مكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعين العامين التقوا العديد من المسؤولين الحكوميين السابقين ممن كانوا على صلة بعمليات الكشف، ويواجهونهم في بعض الأحيان بأدلة اتصالهم بصحافيين. وأشار المحققون إلى أنهم أجروا تحليلا موسعا لحسابات البريد الإلكتروني والتسجيلات الهاتفية لمسؤولين حكوميين في بحث عن اتصالات مع صحافيين.

وقد طلب الأشخاص المطلعون على التحقيق عدم ذكر أسمائهم بسبب حساسية القضية، فيما رفضت وزارة العدل التعليق على مجريات التحقيق.

كانت إدارة أوباما قد أخضعت ستة مسؤولين للتحقيق بتهمة الكشف عن معلومات سرية، وهو ما يفوق عدد من تم التحقيق معهم في جميع الإدارات السابقة مجتمعة. لكن تحقيق «ستوكس نت» كان التحقيق الأبرز لأنه يشمل مسؤولين بارزين، فقد كان المفترض أن تقتصر المعرفة بالفيروس على عدد محدود للغاية من الأميركيين والإسرائيليين.

انتشار رسائل البريد الإلكتروني واختراع البرامج المتطورة القادرة على البحث في كميات ضخمة منها قد طور بشكل واضح قدرات مكتب التحقيقات الفيدرالي في العثور على أدلة. كما يسرت إمكانية تعقب البريد الإلكتروني من توصل مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى عدد من المشتبه بهم مؤخرا، بما في ذلك جون كيرياكو، مسؤول الاستخبارات السابق الذي حكم عليه يوم الجمعة بالسجن 30 شهرا لكشفه لصحافي عن هوية ضابط أميركي قضى 20 عاما متخفيا.

كان الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس قد استقال من منصبه مديرا للاستخبارات أواخر العام الماضي، بعد اكتشاف مكتب التحقيقات الفيدرالي رسائل بريد إلكتروني في أحد حساباته الخاصة تظهر أنه أقام علاقات خارج إطار الزوجية مع كاتبة سيرته الذاتية.

كلف هولدر، رود روسنستين، المدعي العام لولاية ميريلاند بقيادة تحقيق «ستوكس نت» بعد مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» يفيد بإصدار الرئيس أوباما أمرا بشن هجوم إلكتروني على إيران باستخدام فيروس كومبيوتري تم تطويره بالتعاون مع إسرائيل. وقد حذت «واشنطن بوست» والصحف الأخرى حذو «نيويورك تايمز» في كتابة تقارير مشابهة بشأن «ستوكس نت» والفيروس المرتبط به الذي أطلق عليه «لهب».

في الوقت ذاته، رشح هولد ورونالد ماكين، المدعي العام الأميركي لمقاطعة كولومبيا ليرأس تحقيقا جنائيا في التسريبات المتعلقة بإحباط محاولة تفجير من قبل «القاعدة في شبه الجزيرة العربية». وجاءت خطوة هولدر في أعقاب الشكاوى التي تقدم بها أعضاء في الكونغرس، من بينهم رؤساء لجان الاستخبارات بشأن كلا التسريبين.

وسيحقق ماكين بشأن تسريب حصلت عليه وكالة «أسوشييتد برس» من أن عميلا مزدوجا داخل «القاعدة» في اليمن سمح للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بإحباط مؤامرة لتفجير طائرة باستخدام متفجرات ونظام تفجير قادر على خداع أنظمة الأمن في المطارات.

وقال أحد الأشخاص على اطلاع بتحقيق ماكين: «يبدو الأفراد أقل رغبة في الحديث مع الصحافيين نتيجة هذا التحقيق الجديد. فهناك شعور بالخوف من جانب الحكومة نتيجة هذه التحقيقات».

منذ الإعلان عن التحقيقات، كانت الأخبار المتعلقة بالتحقيقات الجارية محدودة للغاية، حيث رفضت وزارة العدل تقديم بيانات حول عدد تحقيقات التسريبات التي أجريت خلال فترة رئاسة أوباما الأولى. لكن الرسالة التي بعثت بها وزارة العدل في أبريل (نيسان) إلى لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ذكرت أن وكالات الاستخبارات أعلمت الوزارة خلال الفترة بين عامي 2005 و2009، 183 مرة بشأن وقوع تسريبات. وقد أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي 26 تحقيقا وحدد 14 مشتبها بهم.

وأوضحت ليزا موناكو، رئيس شعبة الأمن القومي في وزارة العدل التي تم ترشيحها يوم الجمعة مستشارة جديدة للرئيس لمكافحة الإرهاب، لمجلس الشيوخ في عام 2011 أن هناك ملاحقات قضائية بشأن تسريبات، وقالت: «لقد تسببت التسريبات في دمار هائل، ومن ثم ينبغي ملاحقة الكشف غير المصرح به قضائيا إما بوسائل جنائية أو باستخدام عقوبات إدارية».

من ناحية أخرى، قال مدعون عامون إن التحقيقات بدأت بجمع قائمة الأفراد الذين يسمح لهم بالوصول إلى معلومات سرية. وعندما يحضر مسؤولون حكوميون جلسات استماع سرية أو دراسة وثائق سرية في منشآت آمنة، ينبغي لهم التوقيع في سجل، وهذه التسجيلات يمكنها تقديم خارطة طريق أولية لهذا التحقيقات.

وأوضح مدعون عامون سابقون أن المحققين يستخدمون برامج كومبيوترية متطورة لتحديد الأسماء والكلمات الرئيسية والعبارات التي وردت في رسائل البريد الإلكتروني والمراسلات الأخرى، شاملة الرسائل النصية التي يمكن أن تقودهم إلى المشتبه بهم.

كما يبحث مكتب التحقيقات الفيدرالي في سجلات الهواتف؛ جهات الاتصال وتاريخ ومدة المكالمات. وما إن يحصلوا على أدلة على وقوع اتصال بين مسؤول وصحافي بعينه، فيمكن للمحققين الحصول على أمر بفحص المراسلات وسجلات الهواتف الخاصة بما في ذلك الرسائل النصية، بحسب مدعين عامين سابقين.

وسيكون بمقدور جبهة الادعاء العام فحص حسابات البريد الإلكتروني الحكومية والأجهزة التي وزعتها الحكومة، التي تشمل الهواتف الجوالة، دون أمر قضائي. وسيتمكنون من فحص الحسابات الإلكترونية دون تفويض إذا كانت هذه الحسابات قد تم الوصول إليها عبر كومبيوترات حكومية.

كان تحقيق كيرياكو قد نشأ من تحقيق أجرته وزارة العدل حول كيفية حصول معتقلين على درجة عالية من الأهمية في غوانتانامو على صور لبعض مسؤولي الاستخبارات في خلاياهم. وقادت رسائل البريد الإلكتروني محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي في النهاية إلى المراسلات التي أجراها كيرياكو مع صحافي والتي كشف فيها عن اسم ضابط سري. هذا الاسم تم تمريره إلى المحققين الذين يعملون لصالح اتحاد الحريات المدنية الأميركي، ليجد طريقه في النهاية ضمن تقرير سري للاتحاد.

وفي قضية بترايوس بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي بخمس رسائل إلكترونية مجهولة تحمل تهديدا أرسلت إلى سيدة في فلوريدا، وبعد عدة أسابيع من متابعة البريد الإلكتروني وجد المكتب نفسه في وجه مراسلات واضحة بين بترايوس وعشيقته. وقد عثروا أيضا على ما وصف بأنه رسائل غرامية بين الجنرال جون آلين وسيدة فلوريدا. لم توجه إلى بترايوس تهم جرائم جنائية، وتمت تبرئة ساحة آلين من ارتكاب مخالفات الأسبوع الماضي.

* شاركت جولي تات في كتابة التقرير

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»