قانون المساءلة والعدالة.. إلغاؤه من مطالب المتظاهرين وتطبيقه انتقائي

طبقا للإحصاءات يتجاوز عدد المنتمين لحزب البعث من الشيعة عددهم من السنة

مظاهرة حاشدة ضد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي جرت في الرمادي بمحافظة الأنبار مؤخرا (أ.ف.ب)
TT

الجميع الآن في العراق في حالة من انعدام الوزن. الحكومة العراقية التي عجزت بحكم التركيبة التي وصلت بموجبها الطبقة السياسية إلى السلطة (المحاصصة العرقية والطائفية) عن حل المشاكل المتراكمة لا تبدو الآن قادرة إلا على وضع المزيد من هذه المشاكل على الرفوف بانتظار الفرج. المتظاهرون الذين انتظروا عشر سنوات كاملة من أجل تطبيق ما يرونه حقوقا مشروعة تقف في المقدمة منها المطالبة بإلغاء قوانين وإجراءات ألحقت بهم الحيف والضيم وجدوا أنهم أعطوا الطبقة السياسية فرصة أكثر من كافية لإنصافهم.

القوانين التي يطالب المتظاهرون بإلغائها أو بتعديلها كأضعف الإيمان هي قانون مكافحة الإرهاب الذي أودع عشرات الآلاف في السجون بسبب وشايات كاذبة من قبل المخبر السري وتناولته «الشرق الأوسط» في عددها الصادر الجمعة الماضي وقانون المساءلة والعدالة الذي «اجتث» طوال السنوات الماضية عشرات آلاف أخرى ممن كانوا منتمين لحزب البعث الذي اجتثه الحاكم المدني الأميركي بول بريمر عام 2003 بعد أيام من وصوله إلى بغداد.

وعلى الرغم من أن الغالبية من المتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية الخمس (الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى) ليسوا كلهم من البعثيين إلا أن المشكلة التي بدأت تطغى على السطح في العراق هي ما يمكن تسميته بـ«تطييف القوانين» في البلاد. فاللافتات المرفوعة في المحافظات الغربية تدعو في غالبيتها إلغاء هذين القانونين من منطلق أنها شملت مكونا معينا من مكونات المجتمع العراقي وهو المكون السني. بينما معظم المظاهرات التي خرجت في المناطق الجنوبية من العراق أو حتى تلك التي خرجت في بغداد وهي مؤيدة لرئيس الوزراء نوري المالكي طالبت بعدم إلغاء هذين القانونين.

والمفارقة اللافتة للنظر أنه طبقا للإحصاءات أن عدد المنتمين لحزب البعث من الشيعة أكثر من عدد المنتمين من السنة. ويرى نائب رئيس هيئة المساءلة والعدالة صلاح الجبوري (قيادي في القائمة العراقية) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة تكمن في أن هناك انتقائية واضحة في تطبيق هذا القانون حيث إن هناك ما يمكن تسميته بسياسة الكيل بمكيالين في هذا المجال الأمر الذي ولد ضغطا جماهيريا لم تحسب له السلطات حسابا من قبل». وأوضح أن «ما نواجهه من مشكلة نحن في هيئة المساءلة والعدالة هي أننا نصدر قوائم بإعادة مجتثين إلى دوائرهم أو إحالة من يستحق التقاعد على التقاعد ولكننا نفاجأ بأن وزارة تنفذ وعدة وزارات أخرى لا تنفذ بينما القانون نافذ».

وأشار الجبوري إلى «هناك أيضا ازدواجية في الاستثناءات حيث إن بعض الإجراءات تشمل مواقع بسيطة بينما هناك مواقع عليا مستثناة من إجراءات القانون وبالتالي لا توجد وحدة قياس واضحة في هذا الشأن». وبشأن الإجراءات التي تتخذها الهيئة الآن لمواجهة الضغط الجماهيري، قال الجبوري أن «القانون رقم 10 الصادر عام 2008 كان قد حدد 60 يوما لمراجعة المشمولين وبما أن الظروف لم تكن مناسبة آنذاك فلم يتمكن الكثيرون من المراجعة لذلك تم الآن تمديد مدة المراجعة على أمل استيعاب أكبر عدد ممكن». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان ممكنا إلغاء هذا القانون قال نائب رئيس الهيئة إن «الكرة في ملعب البرلمان».

من جهته أكد رئيس لجنة المصالحة الوطنية في البرلمان العراقي قيس الشذر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي عانيناها طوال السنوات الماضية أننا في لجنة المصالحة الوطنية قدمنا المزيد من الوعود للمواطنين ولشيوخ العشائر وغيرهم من الجهات بشأن ما يمكن أن نعمله من إجراءات تضمن العدالة في تطبيق القوانين ومنها قانون المساءلة والعدالة لكننا نواجه دائما بازدواجية التطبيق». وأضاف أن «هذا القانون وبكل صراحة أصبح سيفا مسلطا على أبناء مكون واحد وجهة واحدة وبالتالي فإنه أثر سلبا على طبيعة عملنا كما أثر على مصداقيتنا أمام الناس بسبب أننا أعطينا وعودا ولم تتحقق بسبب التطبيق المعوج للقانون». وأكد الشذر «أننا الآن نتعرض إلى امتحان كبير».