«جمود» في المساعي الدولية لحل الأزمة السورية بانتظار لقاء أوباما ـ بوتين

الائتلاف ينفي «انحسار» دعم الأصدقاء.. والعمادي: قوة روسيا مستمدة من تقاعس الغرب

TT

نفت المعارضة السورية مراهنتها على تسوية دولية لحل الأزمة السورية، مؤكدة أن «الرهان منذ البداية كان، ولا يزال، على الشعب السوري نفسه»، في حين تشهد الجهود الدولية التي كانت ناشطة قبل عشرين يوما لإيجاد حل سياسي للأزمة جمودا، بحسب تعبير وزير الخارجية الفرنسي، بانتظار تقديم المبعوث العربي والدولي المشترك الأخضر الإبراهيمي تقريره حول سوريا في التاسع والعشرين من الشهر الحالي.

وبموازاة إعلان موسكو على لسان الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف، أن الخطة التي اقترحها الرئيس السوري بشار الأسد «يمكن أن تشكل أساسا لمساعي إنهاء النزاع في سوريا»، كشف الناطق الرسمي باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض وليد البني لـ«الشرق الأوسط» عن «لقاء قريب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما لبحث الأزمة السورية»، بعد سلسلة لقاءات أميركية - روسية بحثت الأزمة بمشاركة ممثلين أوروبيين.

وقال البني «إننا نريد الحل السياسي الذي يحقق أهداف وطموحات الشعب السوري، وهو العيش بكرامة بغياب النظام الحاكم، بعد ستين ألف قتيل ونصف مليون معتقل وربع مليون جريح وستة ملايين مشرد منهم»، مشيرا إلى أن «التغيير الذي نريده في سوريا هو الانتقال من نظام قمعي يقتل شعبه، إلى نظام تعددي ديمقراطي ودولة توفر لأبنائها الحرية وتحميهم وتحافظ عليهم».

وفي ظل «الجمود» الدولي في التعاطي مع الأزمة السورية لإيجاد حل سياسي لها، نفى البني أن يكون السوريون راهنوا - أو يراهنون - على حلول خارجية. وقال: «منذ بداية الثورة، لم تراهن المعارضة السورية إلا على الشعب السوري نفسه للانعتاق من قبضة نظام مجرم»، مشيرا إلى أن «النظام الحالي سيسقط بالتأكيد، لكن ما نقوم به هو العمل على أن يكون الثمن الذي دفعه الشعب السوري وما زال يدفعه أقل من الثمن الذي سيزداد مع طول أمد الأزمة، وعملنا على كسب المزيد من الأصدقاء وتخفيف الأعداء، وتقليل عدد أصدقاء النظام، وانطلقنا نحو الحرية ودفعنا الثمن الباهظ لذلك».

وعما إذا كان بيان القمة السادسة بين البرازيل والاتحاد الأوروبي في العاصمة البرازيلية، بشأن إيجاد حل سياسي للأزمة على أساس بيان جنيف، يعني تراجع الاتحاد الأوروبي عن دعم المعارضة السورية التي تدعو لرحيل الأسد، قال البني: «ما فهمناه من قمة جنيف، وفهمه المجتمع الدولي، أن الحل السياسي في سوريا سيكون من دون وجود الأسد، أما روسيا ففهمت مبادرة جنيف على أنها تتضمن بقاء الأسد، لذلك لا يمكن اعتبار الموقف الأوروبي إشارة لتراجع دعم دوله للمعارضة»، مجددا تأكيد المعارضة على أنها جاهزة للقبول بأي حل سياسي يتضمن رحيل الأسد.

وفي حين تروج دمشق لانحسار الدعم الدولي عن المعارضة السورية، وتراجع الدول الداعمة لها بعد تغيير مواقفها، أكد البني أن المعارضة «في الأساس لم تحظ بدعم كاف من المجتمع الدولي، ولم يكن الدعم بالشكل الذي نريده»، مشددا على أنه «لا يزال هناك الكثير من الأصدقاء والداعمين لنا في الوقت الراهن».

في هذا السياق، وصف سفير سوريا السابق لدى السويد بسام العمادي الموقف الدولي تجاه سوريا بـ«السيئ جدا»، موضحا أنه «يبدو أنه لا إرادة ولا مصلحة دولية لإنهاء الوضع في سوريا في الوقت الراهن».

وقال العمادي لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع الراهن «سيستمر إلى أن يتنازل الطرفان إلى حد كبير، ويتخليا عن ثوابتهما التي وضعاها شروطا للتفاوض»، مؤكدا أن «الغرب ليس مستعدا لمواجهة التصميم الإيراني والروسي على منع المعارضة من التقدم، ومنح المعارضين أسلحة من شأنها أن تخلص البلاد من سلطة الأسد»، مشيرا إلى أن «المراقبين السياسيين الغربيين يرون أن الغرب يدفع المعارضة الآن لتخفيف سقف مطالبها».

ورأى العمادي الذي أعلن انشقاقه عن النظام السوري، أن الحل السياسي الذي يتم التداول به هو ما يصطلح على تسميته «Soft Shading (التظليل الهادئ)»، موضحا أن ذلك «يلخص المعادلة الغربية في التعاطي مع الملف، وهو وجوب أن يحدث التغيير، لكن لن يكون شاملا وكليا، بل يكون انتقالا سلميا للسلطة من غير وقوع البلاد في الفوضى». وأشار إلى أن «الغرب لا يهمه بقاء الأسد في السلطة، لكنه لا يريد ذلك بصورة مفاجئة لأن إسرائيل ستتأثر بالوضع المستجد، ولا يهمها أن يكون هناك انتصار حاسم للثورة». وأكد العمادي أن الحل في سوريا «يقع بين يدي الغرب حصرا»، مشيرا إلى أن «سقوط الأسد يتوقف على مائة صاروخ مضاد للطائرات، يتيح للمعارضين التقدم، ناهيك عن إمكانية تحرير الشمال بالكامل وإقامة حكومة وقواعد عسكرية وإعادة تنظيم نفسه في الشمال».

وإذ شدد على أنه «لو كان موقف الغرب قويا لما استطاعت روسيا الوقوف بوجهه»، لفت العمادي إلى أن روسيا وإيران «يبدو أنهما ذاقتا طعم القوة بسبب تراجع الدعم الدولي القوي للمعارضة، فواصلتا دعم النظام عسكريا وماديا وسياسيا، بينما الغرب لا يفعل ذلك، تاركا المجال لروسيا وإيران أن يتحكما بالموقف»، مشددا على أن «التشدد بالموقف الروسي نتيجة لتقاعس الغرب».