مرسي يبدأ الحوار الوطني في غياب المعارضة وتفاقم الوضع الأمني

الحكومة منحت الجيش «الضبطية القضائية».. ومحتجون أضرموا النار في مدرعة

كر وفر بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بين الشرطة والمتظاهرين بالقرب من كوبري قصر النيل في وسط القاهرة أمس (رويترز)
TT

منحت الحكومة المصرية الجيش أمس حق توقيف المدنيين، فيما يعرف بـ«الضبطية القضائية»، في وقت استمرت فيه الاحتجاجات في مدن رئيسية هي القاهرة والإسكندرية إضافة للمدن المطلة على قناة السويس رغم فرض الطوارئ وحظر التجوال عليها. وفي العاصمة استولى محتجون غاضبون على مدرعة للشرطة وأضرموا فيها النار، بينما أعلنت المعارضة الرئيسية التي تمثلها جبهة الإنقاذ مقاطعتها للحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي، في القصر الرئاسي وبدأت أعماله مساء أمس بحضور عدد من الرموز السياسية غالبيتهم من الإسلاميين.

ووافقت الحكومة المصرية أمس على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون بشأن اشتراك القوات المسلحة في مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية في الدولة. وقالت مصادر برلمانية إن مشروع القانون أحيل إلى مجلس الشورى ووافق عليه، وذلك لاتخاذ الإجراءات التشريعية المقررة، وإن الجيش سيكون مثل قوة للشرطة مما يعني أن أي شخص يلقى القبض عليه سيحال إلى محكمة مدنية وليس عسكرية.

وأشارت إلى أن مشروع القانون يقضي بقيام القوات المسلحة بدعم أجهزة الشرطة وبالتنسيق الكامل معها في إجراءات حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية في الدولة حتى انتهاء الانتخابات التشريعية المقرر لها شهر أبريل (نيسان) القادم «وكلما طلب رئيس الجمهورية منها ذلك». وينص القرار بقانون على أن يلتزم ضباط وضباط صف القوات المسلحة في أدائهم لمهام الضبطية القضائية بكافة واجبات مأموري الضبط القضائي المقررة في قانون الإجراءات الجنائية بما في ذلك إحالة ما يحررونه من محاضر إلى النيابة المختصة.

وبدأت مساء أمس فعاليات جلسة الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس مرسي، بمقر قصر الرئاسة في الاتحادية، في غياب أقطاب المعارضة الرئيسية في البلاد التي تضم الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى والدكتور السيد البدوي. وغالبية من شارك بحضور الحوار مساء أمس ممثلون للتيار الإسلامي الذي ينتمي إليه مرسي، وشخصيات أخرى مستقلة من بينهم الدكتور أيمن نور والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح. وتطرقت مناقشات جلسات الحوار للأوضاع الراهنة وبحث الاتفاق بشأن الموضوعات المتضمنة في أجندة الحوار.

وأعلنت جبهة الإنقاذ الوطني التي تمثل المعارضة الرئيسية في مصر، رفضها للدعوة التي وجهها الرئيس محمد مرسي للحوار وطني، إلا إذا وافق الرئيس على شروط منها أن يعلن مسؤوليته السياسية عن إراقة الدماء في الاضطرابات التي شهدتها الأيام الماضية. وقال البرادعي، في مؤتمر صحافي عقدته جبهة الإنقاذ أمس في مقر حزب الوفد، إن الجبهة لن تذهب للحوار الذي دعا إليه مرسي. وأضاف: لن نشارك في حوار خال من المضمون ويهتم بالشكل أكثر من أي شيء آخر، وسنبعث برسالة إلى الشعب وإلى رئيس الجمهورية بما نعتقد أنه أساسيات الحوار، وإذا وافق عليها الرئيس نحن مستعدون للحوار.

وتشترط جبهة الإنقاذ أن تكون الدعوة للحوار موجهة إليها كجبهة تضم عدة أحزاب، وليس لكل حزب أو فرد أو فصيل سياسي. وحملت الجبهة الرئيس مرسي مسؤوليته عن الأحداث الدامية التي تشهدها البلاد منذ مساء يوم الخميس الماضي. وتشترط الجبهة أيضا تشكيل حكومة إنقاذ وطني وتعديل الدستور الذي هيمن على صياغته إسلاميون موالون لرئيس الدولة المنتمي لجماعة الإخوان. كما أعلنت الجبهة رفضها العقاب الجماعي المفروض على مدن القناة في السويس والإسماعيلية وبورسعيد، من خلال قرار حظر التجوال والطوارئ على تلك المدن الثلاث.

وأضاف البرادعي أن جبهة الإنقاذ حددت مطالبها وهي «تشكيل حكومة إنقاذ وطني» و«إصدار دستور جديد» و«إلغاء الآثار المترتبة على الإعلان الدستوري» و«استقلال القضاء».

وقال صباحي وهو مرشح سابق للرئاسة عضو جبهة الإنقاذ: لا حوار مع الرئيس قبل إعلانه تحمل المسؤولية السياسية عن الأحداث الحالية ومسؤولية إراقة الدماء طوال مدة حكمه. وبدأ حكم مرسي بنهاية يونيو (حزيران) الماضي في أول انتخابات رئاسية نزيهة. ودعا صباحي لإخضاع جماعة الإخوان المسلمين لرقابة القانون.

وصرح الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع عضو جبهة الإنقاذ أن الجبهة ستدعو الشعب لمسيرة حاشدة للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة وإسقاط الدستور الجديد.

وأعربت الجبهة عن قلقها البالغ تجاه المخاطر التي قالت: إنها تهدد أمن وسلامة الملاحة في قناة السويس. وقال عمرو موسى القيادي في جبهة الإنقاذ إن الجبهة «لم ترفض الحوار»، ولكنها «رفضت المشاركة في حوار لا يتسم بالجدية ولا يشمل آليات محددة»، مطالبا الدولة بأن تتحمل مسؤوليتها في حماية السفن المارة عبر قناة السويس.

ويقول قياديون في جماعة الإخوان إن جبهة الإنقاذ تقدم غطاء سياسيا لأعمال العنف، وتستغل الأوضاع المضطربة في البلاد للابتزاز السياسي، وإن مطالب المعارضة المسبقة بشأن الحوار الوطني «تعجيزية».

واستمرت حالة عدم الاستقرار في الكثير من المدن المصرية منها القاهرة ومدن السويس، وميدانيا استمرت أعمال الكر والفر بين المتظاهرين المناوئين لحكم جماعة الإخوان وقوات الشرطة، في القاهرة والإسكندرية ومدن القناة وعدة مدن أخرى في الدلتا شمال البلاد. واستولى محتجون على مدرعة تابعة للشرطة أثناء مواجهات بين الطرفين في أهم منطقة للسفارات والفنادق الكبرى بوسط المدينة وقادوها إلى ميدان التحرير المجاور، ثم أضرموا فيها النار، فيما ذكرت مصادر أمنية أن أحد المارة قتل بالرصاص أثناء سيره بالقرب من ميدان التحرير دون مزيد من التفاصيل. كما حاول مجهولون اقتحام عدة فنادق مجاورة للسفارتين الأميركية والبريطانية من ناحية كوبري قصر النيل.

وفي الإسكندرية استمرت المظاهرات الغاضبة التي انطلقت في مسيرتين من شرق المدينة ووسطها. وفي بورسعيد خرج الآلاف إلى شوارع المدينة لتشييع جنازات 7 أشخاص سقطوا قتلى يوم أول من أمس، أثناء تشييع جنازات 33 قتلوا يوم السبت الماضي خلال الاضطرابات التي شهدتها المدينة.