مظاهرات وسط القاهرة تحاصر مقار الحكم والسفارات والفنادق الكبرى

تركزت في المنطقة الفاصلة بين شارع قصر العيني وكورنيش النيل

TT

تجاوزت كثافة الدخان المسيل للدموع حشود المتظاهرين ضد حكم الإخوان في محيط ميدان التحرير بالقاهرة، وبينما تتواصل الاشتباكات بينهم وقوات الشرطة امتدت كثافة الدخان لجمهور مترو الأنفاق أسفل الميدان نفسه، كما طالت الكثير من المحال ومقار السفارات والفنادق الكبرى بحي جاردن سيتي الراقي المتاخم للميدان، مما اضطرها إلى غلق أبوابها.

ومنذ يوم الجمعة الماضي، في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، يخوض هؤلاء المتظاهرون مجددا ما يعتبرونه «معركتهم المستمرة ضد النظام»، وبمزيج فريد من الغناء والعنف والحجارة يصنعون ثورتهم الخاصة في شارع الشيخ ريحان، الذي يبدأ من سور قصر عابدين الرئاسي، وينتهي في ميدان التحرير، قلب الثورة في البلاد.

ورغم أن هذا الشارع يقع به مقر وزارة الداخلية، وبه المقر الرئيسي لجهاز مباحث أمن الدولة المنحل، الذي يعد أعتى أجهزة الأمن في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، والذي مثل فزاعة للمصريين الذي كانوا يخشون مجرد المرور من هذا الشارع، فإنه تحول بعد ثورة 25 يناير إلى رمز لتحدي السلطة، مما دفع المجلس العسكري الذي أدار شؤون البلاد في الفترة الانتقالية إلى غلق الشارع بعدة حواجز خرسانية لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر وزارة الداخلية.

ويقول الناشط الشاب علاء عبد المجيد الذي أخد يتأمل الصبية وهم يتبادلون رشق الحجارة على الشرطة وسط السحب الكثيفة للغاز المسيل للدموع: «لا أفهم هذا الصمود الأسطوري والعبثي لدى هؤلاء الشبان.. أنا أراقبهم منذ ساعات وهم يقصفون الشرطة بالحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة، ويحاولون هدم الجدار الفاصل بينهم وبين قوات الأمن المركزي.. لا أفهم هذا الإصرار!».

حسين أحد الصبية المشاركين في المعركة الدائرة على مدار اليومين الماضيين في تقاطع شارع قصر العيني الحيوي، وشارع الشيخ ريحان، تنحى جانبا وخلع كمامة طبية وضعها لتقليل أثر الغاز المسيل للدموع، ورد بنبرة غاضبة: «لم نرَ من (جماعة) الإخوان أي شيء، والشرطة على حالها لم تنصلح، ولازم يتأدبوا مرة أخرى».

وتدور رحى الاشتباكات في وسط القاهرة في منطقة شديدة الحيوية، فعلى بعد أمتار إلى الجنوب من منطقة الاشتباكات يوجد مقر السفارتين الأميركية والبريطانية بالقاهرة وفندقين من أشهر فنادق القاهرة («سميراميس» و«شبرد»)، كما يوجد على اليمين من الاشتباكات مقرا مجلس الوزراء والبرلمان، حيث أقامت السلطات جدران عازلة لمنع امتداد العنف إلى محيطهما، وعلى بعد نحو كيلومتر واحد يوجد أهم المراكز المالية في مصر، البنك المركزي والبورصة، وإلى اليسار وعلى مشارف ميدان التحرير يوجد المتحف المصري.

ويفضي شارع الشيخ ريحان إلى مقر وزارة الداخلية الذي ظل هدفا بعيد المنال على شباب الثورة الذين يطالبون بإجراء إعادة هيكلة لجهاز الأمن الذي يصفونه بـ«القمعي»، ويتهمون قياداته بالمسؤولية عن مقتل العشرات من زملائهم في أحداث ثورة 25 يناير وما بعدها من اشتباكات مماثلة كان أشهرها أحداث محمد محمود الأولى والثانية، وأحداث قصر العيني.

ومع اشتداد المعارك والمناوشات تتحطم هتافات المتظاهرين في ميدان التحرير على أسوار المبنى العريق للجامعة الأميركية، فلا يصل منها شيء للصبية المرابطين عند ناصية شارع الشيخ ريحان، لكن أصوات دق الطبول وغناء روابط مشجعي كرة القدم المعروفين بـ«الألتراس» تشعل حماسهم في الكر والفر.