متظاهرو المحافظات الغربية والشمالية العراقية يصعدون من مطالبهم

يرفضون استملاك «الوقف الشيعي» للأماكن الدينية خاصة مرقد الإمامين العسكريين في سامراء

TT

لا تزال سقوف مطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية من العراق تراوح مكانها على الرغم من اقتراب المظاهرات من نهاية شهرها الثاني. فعلى الرغم من رفع بعض اللافتات في بعض المناطق والتي تشير صراحة إلى رحيل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع مطالبة التحالف الوطني باستبداله فإن السمة الغالبة على تلك المطالب هي إلغاء أو تعديل قانون المساءلة والعدالة وقانون مكافحة الإرهاب فضلا عن إيقاف الاعتقالات العشوائية ومعالجة قضية التوازن في مؤسسات الدولة وهو ما يتم اختصاره عبر المظاهرات بـ«الإقصاء والتهميش».

لكن المفاجأة كانت عندما طالب المتظاهرون بعدم أحقية الشيعة باحتكار إدارة العتبات المقدسة لا سيما في قضاء سامراء التابع لمحافظة صلاح الدين والذي يضم مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري. وتعود قصة الاستملاك التي أثارت ولا تزال خلافا واسعا بين ديواني الوقفين السني والشيعي إلى عهد حكومة إبراهيم الجعفري التي أصدرت القانون رقم 19 أو ما يسمى بـ«قانون الفك والعزل» وينص على استملاك المراقد الدينية العائدة لأهل البيت من قبل ديوان الوقف الشيعي بينما يعود كثير منها وفي مقدمتها مرقدا سامراء إلى الوقف السني.

وبعد أحداث سامراء الشهيرة عام 2006 والتي تمثلت بتدمير المرقدين وهو الذي أدى إلى نشوب النزاع الطائفي (2006 - 2008) تصاعدت الخلافات بشأن قضية استملاك المراقد والأماكن الدينية وبلغت ذروتها العام الماضي. وبينما تدخل رئيس الوزراء نوري المالكي في الأمر حيث أوقف سريان مفعول القانون رقم 19 إلا أن الوقف السني يؤكد أن عملية الاستملاك لا تزال قائمة.

وأضاف أهالي سامراء، الذين يواصلون اعتصامهم المفتوح منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، مطلب عدم استملاك المرقدين من قبل الوقف الشيعي إلى سلسلة مطالبهم الأمر الذي أثار حفيظة ديوان الوقف الشيعي الذي أصدر بيانا بهذا الخصوص. وقال البيان إن «المطالبات الأخيرة لإلغاء قانون العتبات المقدسة رقم 19 لسنة 2005 الذي أسند مهمة إدارة العتبات المقدسة الخاصة بأئمة أهل البيت للوقف الشيعي لا تستند لأي وجه شرعي أو قانوني»، مبينا: «بعض السياسيين الذين يسعون للمناصب يحاولون خلط الأوراق واللعب على وتر الطائفية من أجل الحصول على مكاسب شخصية».

من جهته أكد نائب رئيس ديوان الوقف السني الشيخ محمود الصميدعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «موضوع الاستملاك أمر حيوي وخطير بالنسبة لنا ولا بد من حسمه، حيث إن عمليات الاستملاك التي جرت كانت عنوة وبالقوة ولم تستند إلى أي وجه حق خصوصا أن إدارة هذه الأوقاف بعهدة السنة سواء كانت مناطقيا أو إداريا موجودة منذ مئات السنين الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام بشأن هذه الخطوات». وأضاف الصميدعي أن «القانون رقم 19 الذي صدر عام 2005 على عهد حكومة إبراهيم الجعفري هو قانون طائفي بامتياز ولا بد من إلغائه»، مشيرا إلى أنه «على الرغم من صدور أمر من رئيس الوزراء بإيقاف العمل به فإن عملية الاستملاك مستمرة حيث ضربوا بتوجيه رئيس الحكومة عرض الحائط». وأكد أن «المشكلة ليست فقط في سامراء بل لدينا جوامع في البصرة وغيرها أخذت بالقوة ومنها سلمان الطاهر ومسجد الخقائف ومسجد الأصفية».

من جهته اعتبر عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية شعلان الكريم (ينتمي إلى قضاء سامراء) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القضية هي أبعد من مجرد قضية استملاك مرقدي سامراء من قبل الوقف الشيعي على حساب الوقف السني بل إن هناك أمورا تتعلق بمساعي تغيير ديمغرافي في سامراء فضلا عن مسالة استملاك الأهالي وحقوقهم ممن يمتلكون الأراضي المحيطة بالمرقدين». وأضاف الكريم أن «ما أثار حفيظة أهالي سامراء هي أن اللجنة المشرفة على إعمار المرقدين لم تضع المنطقة القديمة المحيطة بالمرقدين جزءا من التصميم الأساسي لمدينة سامراء وحصرت عملية الاستملاك بالوقف الشيعي وهو ما يعني أن أهالي سامراء لا يستطيعون أن يستثمروا مثل بناء المطاعم أو الفنادق أو الأماكن الترفيهية»، معتبرا ذلك «مخالفا للدستور لأنه يعني عملية إحداث تغيير ديمغرافي وهذه المسألة عالجها الدستور».

وأوضح الكريم أن «أهالي سامراء لم يكونوا ضد توسعة الصحن وإنما هم ضد حرمانهم من حقهم بالاستملاك وبالتالي الاستثمار» مؤكدا أن «لجنة الإعمار طائفية وهي التي عملت كل هذه المشاكل وبالتالي فإن هذا المطلب يعد مطلبا حيويا لأنه يتعدى حدود قضية أوقاف بل يتعلق أيضا بأملاك ناس واقتصادهم».