نفي إيراني وتشكيك أميركي حول أنباء تفجير منشأة «فوردو»

طهران تؤكد إرسالها قردا للفضاء

TT

أعلنت إيران أمس أنها تمكنت من إرسال قرد إلى الفضاء وإعادته حيا، فيما نفت وقوع انفجار في منشأة نووية بالبلاد، في وقت دعا فيه الاتحاد الأوروبي إلى استئناف المحادثات النووية مع إيران في فبراير (شباط) المقبل.

ونفت إيران تقارير إعلامية عن وقوع انفجار كبير في أحد مواقع تخصيب اليورانيوم ووصفتها بأنها «دعاية غربية» تهدف إلى التأثير على المفاوضات النووية المقبلة. ولم يتسن التحقق من تقارير تتردد منذ يوم الجمعة الماضي عن وقوع انفجار في منشأة «فوردو» المقامة تحت الأرض بالقرب من مدينة قم، وقالت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية إنه سبب أضرارا بالغة. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية سعيد شمس الدين بار برودي قوله في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس: «الأنباء الكاذبة عن انفجار في (فوردو) دعاية غربية قبل المفاوضات النووية للتأثير عليها وعلى نتيجتها». ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن القائد العسكري مسعود جزايري قوله: «أنفي وقوع انفجار في موقع (فوردو)».

إلى ذلك، قال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض للصحافيين أمس إن الولايات المتحدة لا تصدق تقارير إعلامية تحدثت عن وقوع انفجار بمحطة إيرانية لتخصيب اليورانيوم. وأفادت هذه التقارير بوقوع انفجار في مطلع الأسبوع الماضي في محطة فوردو المحصنة تحت الأرض قرب مدينة قم الإيرانية المقدسة. وقال كارني: «ليس لدينا معلومات تعضد هذه المزاعم الواردة في التقرير ولا نرى أن التقرير قابل للتصديق». وأضاف: «لا نعتقد أنها تقارير يمكن تصديقها».

وجاءت التكهنات عن وقوع انفجار في «فوردو» بعد تقرير بثته وكالة أنباء إيرانية عن احتمال استئناف المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية. ونفى الاتحاد الأوروبي الذي يقود المفاوضات في المحادثات النووية حدوث مثل هذا الاتفاق. وقال دبلوماسيون في فيينا حيث يوجد مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس إنه ليس لديهم علم بأي حادث في «فوردو» لكنهم يتحرون التقارير. وقال دبلوماسي غربي إنه لا يعتقد أنها صحيحة. ولم تصدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعليقا بعد.

وتتهم طهران إسرائيل والولايات المتحدة بأنهما وراء هجمات إلكترونية على برنامجها النووي واغتيال علماء ذرة. وتنفي واشنطن أي دور في عمليات القتل، بينما امتنعت إسرائيل عن التعقيب. ولم تعلن أي حكومة المسؤولية عن هجوم فيروس «ستوكس نت» الذي دمر أجهزة الطرد المركزي في منشأة ناتانز لتخصيب اليورانيوم في عام 2010، لكن ترددت أنباء على نطاق واسع بأنه كان مشروعا أميركيا - إسرائيليا. وأشارت إسرائيل، التي يعتقد على نطاق واسع أنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لديها أسلحة نووية، إلى عمل عسكري محتمل ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية والعقوبات في حل النزاع الذي بدأ قبل عقد. وقال وزير الدفاع المدني الإسرائيلي آفي ديختر لـ«راديو الجيش الإسرائيلي» إنه لا يمكنه أن يصرح بأي شيء بشأن انفجار موقع فوردو «أكثر مما سمعته في وسائل الإعلام»، وأضاف: «أي انفجار في إيران لا يصيب الناس وإنما يصيب الأشياء..».

وفي السياق ذاته، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس عن أسفه «لنزوات» الدول العظمى وإيران التي تواصل المماطلة في تحديد مكان جلسة المفاوضات المقبلة حول البرنامج النووي الإيراني مما يؤدي إلى إرجائها. وصرح لافروف في مؤتمر صحافي: «تم إرجاء اللقاء، وللأسف الشديد، أعتبر أن سبب هذا الإرجاء غير مقنع على الإطلاق»، وتابع: «بعض شركائنا في مجموعة (5+1) والطرف الإيراني يعجزون عن الاتفاق على مكان اللقاء، في أي بلد، في أي مدينة»، وأضاف: «نحن مستعدون للقاء في أي مكان وبأسرع وقت ممكن. ونرى أن جوهر مفاوضاتنا أهم بكثير من الأجواء التي قد توفرها هذه المدينة أو تلك»، وأكد لافروف: «نأمل تغليب المنطق والتوقف عن ممارسة النزوات كالأطفال».

وفي السياق ذاته، قال متحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أمس إن القوى العالمية الست طلبت من إيران إجراء جولة جديدة من المحادثات النووية في فبراير المقبل. وأعلنت كاثرين آشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي التي تشرف على الاتصالات بين إيران والقوى الست؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، الأسبوع الماضي أن السلطات الإيرانية تماطل في جهود استئناف الدبلوماسية. وفشلت محاولاتها للاتفاق على موعد للمحادثات الجديدة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي واقترح موعد جديد للمحادثات. وقال مايكل مان المتحدث باسم آشتون في إفادة صحافية معتادة في بروكسل: «طرحنا موعدا في فبراير (المقبل)».

وبعد انقطاع استمر عدة أشهر، استأنفت إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، إضافة إلى ألمانيا) الاتصالات في منتصف ديسمبر الماضي من أجل مواصلة الحوار قبل نهاية الشهر، لكن ذلك أرجئ إلى ما قبل نهاية يناير الماضي. وطالت التجاذبات فيما تبادل الطرفان مسؤولية التأخير. وجرت جولة المفاوضات الأخيرة في موسكو في يونيو (حزيران) 2012.

وتشتبه الدول الغربية في سعي إيران إلى صنع سلاح نووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني الأمر الذي لطالما نفته طهران. وترفض إيران تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم، مؤكدة أن هدفه مدني حصرا.

من جهة أخرى, قالت وكالة «إرنا» الإيرانية للأنباء إن إيران أرسلت بنجاح قردا إلى الفضاء وأعادته سالما في ما يعد تقدما في برنامج الصواريخ والفضاء الذي أثار قلق الغرب وإسرائيل. ولم يرد تأكيد من مصدر مستقل للتقرير الذي استند إلى بيان لوزارة الدفاع، مشيرا إلى أن هذا الأمر تزامن مع الاحتفالات بذكرى المولد النبوي ولكنه لم يحدد أي تاريخ. وقالت الوكالة إن القرد أرسل إلى الفضاء على صاروخ «كاوشكر»، وذكرت الوكالة أن الصاروخ وصل إلى ارتفاع أكثر من 120 كيلومترا وأن شحنة الصاروخ عادت سالمة. وقالت قناة «برس» التلفزيونية الناطقة بالإنجليزية إن القرد عاد على قيد الحياة. وقالت قناة «العالم» التلفزيونية نقلا عن منظمة الصناعات الفضائية التابعة لوزارة الدفاع إن «إيران نجحت الاثنين في إطلاق كبسولة سميت بيشقام (رائد) التي أقلت قردا إلى ارتفاع 120 كلم قبل استعادة الحمولة بلا أضرار».

وكانت طهران أعلنت في منتصف يناير (كانون الثاني) عن مشروعها لإرسال قرد إلى الفضاء في مطلع فبراير (شباط) في إطار احتفالاتها بالعيد الـ34 لانتصار الثورة الإسلامية في 1979. وصورت هذه العملية على أنها مرحلة أولى قبل إرسال «إنسان إلى الفضاء في غضون 5 إلى 8 أعوام». واقتضى المشروع إرسال قرد إلى ارتفاع 120 كلم في رحلة باليستية تحت المدار تستغرق نحو عشرين دقيقة على متن كبسولة تزن 285 كلغ حملها صاروخ «كاوشكر - 5». وأعلنت إيران نيتها عام 2011 إرسال قرد إلى الفضاء ولكن تقارير أفادت بأن هذه المحاولة فشلت.