البنتاغون يزيد حجم قوة أمن الإنترنت

بعد سلسلة هجمات استخدم فيها فيروس لمحو بيانات 30 ألف كومبيوتر بشركة نفط سعودية

TT

صرح مسؤولون أميركيون أن البنتاغون وافق على إجراء توسيع لقوة أمن الإنترنت خلال السنوات المقبلة، وعلى زيادة حجمها إلى أكثر من خمسة أضعاف لتعزيز قدرة البلاد في الدفاع عن الأنظمة الكومبيوترية الحساسة وشن هجمات إنترنت ضد الدول المعادية.

تشكل الخطوة، التي جاءت بطلب من رئيس قيادة الإنترنت بوزارة الدفاع، جزءا من محاولة لتحويل هيئة تركز بشكل كبير على الإجراءات الدفاعية إلى قوة قتالية في حقبة الإنترنت. وسيرتفع حجم القيادة الحالية التي تتألف من 900 شخص، إلى 4.900 شخص ما بين جندي ومدني.

وأوضح مسؤولون، طلبوا عدم ذكر أسمائهم لأن التوسعة لم يتم الإعلان عنها بعد، أن تفاصيل الخطة لم يتم الانتهاء منها، لكن قرار توسيع قيادة الإنترنت اتخذه مسؤولون بارزون في البنتاغون العام الماضي، في اعتراف بتزايد تهديدات الإنترنت. وأشاروا إلى أن خطورة هذا التهديد أكدته سلسلة الهجمات التخريبية، التي شملت واحدة منها استخدام فيروس لمحو بيانات من أكثر من 30.000 كومبيوتر في شركة نفطية سعودية الصيف الماضي.

تطالب الخطة بإنشاء ثلاثة أنواع من القوات التابعة لقيادة الإنترنت هي: «قوات المهمة الوطنية» لحماية أنظمة الكومبيوتر التي تتحكم في الشبكات الكهربائية ومحطات الطاقة والبنية التحتية الأخرى التي تشكل الركيزة الأساسية بالنسبة للأمن الاقتصادي والوطني، و«قوات المهمة القتالية» لمساعدة القادة في خارج الأراضي الأميركية على تخطيط وتنفيذ الهجمات أو العمليات الهجومية الأخرى، وأخيرا «قوات حماية الإنترنت» التي تعمل على تعزيز حماية شبكات وزارة الدفاع.

يذكر أن القيادة أنشئت قبل ثلاث سنوات لخدمة عدد من هذه الأهداف، إلا أنها استنزفت بشكل كبير نتيجة الحاجة إلى تطوير سياسة وأطر عمل قانونية والتأكد من تعزيز الشبكات العسكرية. وقال مسؤولون عسكريون سابقون وحاليون إن الخطة الجديدة ستسمح للقيادة بأداء مهمتها بشكل أفضل.

ويقول ويليام لين، نائب وزير الدفاع السابق الذي أسهم في صياغة استراتيجية أمن الإنترنت للبنتاغون: «نظرا لوجود عناصر تخريبية أجنبية وتطور التكنولوجيا، أعتقد أن بعض الخصوم سيحاولون شن هجمات إنترنت على الولايات المتحدة في مرحلة ما. التساؤل الوحيد هو ما إذا كنا سنتخذ الخطوات الضرورية كهذه الخطوة للحيلولة دون وقوع هذا الهجوم أم أن نقرأ عن الخطوات التي كان ينبغي لنا اتخاذها في بعض التقارير التي تلي الهجمات».

ورغم موافقة قادة الجيش بشكل عام على الخطة، فإنها أثارت المخاوف بشأن كيفية عثور الجيش والبحرية ومشاة البحرية والقوات الجوية على هذا العدد الكبير من أفراد أمن الإنترنت وتدريبهم. كما أثارت قضايا أعمق - يتوقع أن تزداد حدتها مع اتساع نطاق حجم قيادة الإنترنت خلال السنوات المقبلة - بشأن كيفية التنسيق عن قرب مع وكالة الأمن القومي، ووكالة التجسس الإلكتروني العملاقة التي تقدم الكثير من الدعم الاستخباراتي، حيث يشغل رئيس قيادة الإنترنت الجنرال كيث أليكساندر أيضا منصب مدير وكالة الأمن القومي التي يعمل بها بعض أفضل المتخصصين في العمليات الإلكترونية بالولايات المتحدة.

جاءت الإشارات الخاصة بإنشاء القوة الجديدة خريف العام الماضي خلال الكلمة التي ألقاها وزير الدفاع ليون بانيتا الذي قال: «مهمتنا هي الدفاع عن وطننا»، وأشار إلى أن الوزارة ستضع السياسات وتقيم المؤسسات التي نحتاجها لتنفيذ هذه المهمة.

وأوضح مسؤول بارز بوزارة الدفاع خلال مقابلة معه أن فرق المهمة الوطنية ستركز جهودها على المهمات الخارجية، وأن أي أعمال ستقوم بها ستوجه ضد الشبكات غير الأميركية ما لم يطلب من هذه الفرق تقديم المساعدة إلى وكالة أخرى ذات سلطة داخلية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي. وقال المسؤول: «لا توجد نوايا للقيام بزحف عسكري داخل الصناعة أو الشبكات الخاصة وتقديم هذا النوع من الأمن». وأكد أن العمل العسكري لن يتم إلا في الحالات التي يكون فيها تهديد بهجوم قد يؤدي إلى عمل تخريبي فعلي، مضيفا: «نحن لا نتحدث هنا عن القيام بأمر مثل التأكد من حساب أحد الأشخاص تعرض للقرصنة من قبل شخص ما».

تأتي خطة توسيع قيادة الإنترنت في وقت تتلقى فيه المؤسسة العسكرية أوامر بخفض الإنفاق، وهو مما يعكس مدى الأهمية التي يوليها كبار قيادات الجيش للحاجة لتطوير قدرات أمن الإنترنت في البلاد. وقد قبل بعض قادة الجيش على مضض مساهمة جنود في توسيع قوات أمن الإنترنت. وهناك خلافات أيضا حول مدى سيطرة الأوامر القتالية على فرق الإنترنت.

ربما يساعد فريق «المهمة القتالية» القادة في عمليات كأفراد شبكات لتعطيل أنظمة السيطرة والقيادة لدى العدو قبل القيام بهجوم تقليدي. وسيكون لدى كل إقليم فرق تركز على تهديدات محددة كتلك الآتية من الصين أو إيران، على سبيل المثال.

وقال أحد مسؤولي البحرية: «إنهم يحصلون على كل المجندين لأنم يعلمون أن قادة الخدمة يدعمونهم. ولذا ينبغي العثور على الموارد لدفع رواتب هؤلاء الأفراد».

يتساءل بعض المسؤولين في وزارة الدفاع والجيش عما إذا كانت قيادة الإنترنت قادرة على تحقيق هدفها الكامل بالعمل بصفتها قيادة عسكرية ما دامت أنها معتمدة بشكل كبير على وكالة الأمن الوطني ويقودها مدير الوكالة. ويرى مسؤولون أن لهذه العلاقة الوثيقة مميزاتها في أن الوكالة ستتمكن من التجسس على الشبكات الأجنبية وتزويد القيادة بالمعلومات الاستخباراتية، التي تتضمن الحالات التي يشتبه فيها بقيام خصوم للولايات المتحدة بالتخطيط لشن هجوم إلكتروني أو تطوير فيروس قوي.

ويقول مسؤول وزارة الدفاع: «هذا يعطيك ميزة القدرة على التخطيط والاستعداد لرد الفعل».

لكن وكالة الأمن القومي مرتبطة بقيادة الإنترنت (مركزا العمليتين متجاوران)، وحتى وقت قريب للغاية كان بعض أفراد قيادة الإنترنت يملكون حسابات بريد إلكتروني على موقع «nsa.gov». ويتعجب بعض المسؤولين السابقين والحاليين بشأن قدرة الجيش على إنشاء عقيدة استراتيجية مستقلة. الخوف هو أن تهيمن أولويات وكالة الاستخبارات، من خلال التأكيد على تطوير الأدوات الخاصة بالمراقبة لكنها في الوقت ذاته غير ضرورية لتعطيل الخصوم.

لكن أحد مسؤولي الاستخبارات السابقين أشار إلى أن وكالة الأمن القومي تستخدم قوات الجيش للقيام بالكثير من عملها، وتدفع مقابل قدر كبير من خدمات مشغلي الإنترنت. وقال المسؤول السابق: «كانت الخطة في ما مضى: خذ أحد المواهب في وكالة الأمن القومي وحوله إلى موهبة هجومية عبر الإنترنت».

ومع القرار بتوسيع قيادة الإنترنت، سيشهد أليكساندر، الذي طلب منه البقاء في منصبه حتى صيف عام 2014، تنفيذ بعض تصوراته. فقد سعى للحصول على ميزانية مستقلة لقيادة الإنترنت، للتعاقد مع موظفين وقوات السيطرة، بصورة أشبه بقيادة العمليات الخاصة. لم يتمكن من تحقيق رغبته تلك، رغم موافقة المسؤولين على منحه قوات إضافية. ويحظى أيضا بدعم مسؤولي البنتاغون لتصعيد قيادة الإنترنت إلى وضعية القيادة الكاملة، بمعزل عن القيادة الاستراتيجية. لكن تلك الخطوة التي تتطلب مشاورة مع الكونغرس لم تحدث بعد، بحسب مسؤولين.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»