معارضون سوريون: النظام يعطل شيفرة الصواريخ قبل خسارته مواقعها

منشقون من الدفاع الجوي حاولوا تشغيل الصواريخ لكنهم فشلوا في فك الشيفرة

TT

لدى دخولهم إلى موقع عسكري للقوات النظامية قريب من منطقة الحراك في درعا الخريف الماضي، فوجئ المقاتلون المعارضون بصواريخ كبيرة الحجم، يزيد طولها على 11 مترا، كان الجيش السوري نصبها قبل بداية الأزمة السورية. يقول أحد المقاتلين الذين دخلوا الموقع لـ«الشرق الأوسط»: «أثارت تلك الصواريخ ريبتنا، فاستعنا بأصدقاء انشقوا عن كتائب الدفاع الجوي، فتبين أن الصواريخ لا تعمل، بعدما عطلتها القوات النظامية»، مشيرا إلى أن العدد الذي عثر عليه «كان أربعة صواريخ كبيرة، لا نعرف نوعها، فعمدنا إلى دفنها في الموقع نفسه باستخدام الجرافات، خوفا من أن يطلقها الجيش النظامي على المدنيين، إذا أعاد سيطرته على الموقع». وينسحب هذا الحال على سائر المواقع العسكرية النظامية التي تتضمن صواريخ أرض - أرض، أو صواريخ أرض - جو، وفقد الجيش السوري السيطرة عليها. ويشير مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «معظم كتائب الدفاع الجوي التي اقتحمها المعارضون، عثر فيها على صواريخ لا يمكن إطلاقها، لأنها تعمل عبر شيفرة رقمية (كود)، يمكن تعطيلها فور اقتحام المواقع العسكرية من قبل الجيش الحر». ويضيف المصدر القيادي الذي يقيم خارج سوريا، أن المقاتلين المعارضين الذين خدموا في إدارة الدفاع الجوي قبل انشقاقهم «حاولوا تشغيل الصواريخ، لكنهم فشلوا في فك الشيفرة، مما وضع تلك القطع الحربية الثقيلة خارج مهامها».

ويتقاطع هذا التصريح مع ما أكده ضابط في الجيش السوري الحر في درعا لـ«الشرق الأوسط»، أن «منظومة الصواريخ السورية في المنطقة شبه معطلة، بسبب سيطرة المعارضين على قسم من مواقعها»، لافتا إلى أن المقاتلين المعارضين «وجدوها معطلة عبر إيقاف تشغيلها بشيفرة يتم التحكم بها عن بعد».

ومن المعروف أن الصواريخ الباليستية، وتلك المرتبطة برادارات رصد جوي، تعمل من خلال شيفرة رقمية يتم التحكم بها من بعد، وتتعطل عبر إيقاف التشغيل (الكود) الخاص بها، مما يضعها خارج الخدمة العسكرية. وتمتلك سوريا عددا غير محدود من صواريخ أنظمة الدفاع الجوي يقدر بأربعة آلاف صاروخ، بينما تقدر منصات الصواريخ أرض - أرض، بنحو 850 منصة. لكن تلك الأرقام لم تصرح عنها الحكومة السورية، ولا أي من الدول التي تعتبر المصدر الرئيسي لترسانة سوريا الصاروخية، وهي روسيا وإيران وكوريا الشمالية.

وحصلت سوريا على أول دفعة من صواريخ أرض - أرض عام 1970، وكانت من نوع «فروغ 7»، قبل أن تحصل على أنواع أخرى مثل «سكود» بأجياله الثلاثة: وس س 21 سكاراب، وسليكوورم. وتشير تقارير استخباراتية إسرائيلية نشرت في وسائل إعلام أجنبية أواخر عام 2010، إلى أن الترسانة الصاروخية السورية «تعد الأضخم في الشرق الأوسط». وتنتشر الصواريخ السورية على كافة أراضيها، غير أن المحافظات الجنوبية «تضم العدد الأكبر من مواقع الدفاع الجوي السوري، نظرا لقرب المنطقة من خط المواجهة المفترض مع إسرائيل». ويشرح ضابط في الجيش الحر من درعا لـ«الشرق الأوسط»: «تضم المحافظات الجنوبية فيلقا من أصل ثلاثة فيالق يتشكل منها الجيش السوري، نظرا لقربها من خط المواجهة مع إسرائيل، وتضم درعا القسم الأكبر من حجم ذلك الفيلق، كونها تعتبر مفتاح دمشق، وخط الدفاع الأقوى عنها». ويضيف: «انطلاقا من هنا، كانت المواقع العسكرية السورية في درعا كثيفة إلى حد كبير، بحيث تنتشر، على سبيل المثال، ستة مواقع عسكرية، بينها كتيبتا دفاع جوي، في منطقة جغرافية متلاصقة، على غرار مرتفع قريب من منطقة المسيفرة، مما يجعل حجم الصواريخ المزروعة في تلك المنطقة كبيرا، وهو مخصص لتلبية الغرضين الاستراتيجيين، وهما الدفاع عن دمشق والوصول إلى العمق الإسرائيلي».

لكن هذه الترسانة الصاروخية الواقعة في نقاط عسكرية تضم أيضا مدافع وراجمات صواريخ دكت القرى السورية المعارضة، باتت الآن «شبه معطلة»، كما يؤكد الضابط نفسه، موضحا أن «الهجمات التي تعرضت لها مرابض المدفعية ومواقع راجمات صواريخ (غراد) من قبل الجيش الحر، دفعت بالقوات النظامية إلى تعطيل أنظمة صواريخ أرض - جو المعدة للدفاع عن دمشق، وصواريخ أرض - أرض المعدة للإطلاق باتجاه العمق الإسرائيلي، عبر تعطيل شيفرتها». ولا يحدد الضابط عدد المواقع العسكرية التي تمت السيطرة عليها، غير أنه يشير إلى أن المعارضين «سيطروا على قسم كبير منها في درعا، وعمدوا إلى دفن الصواريخ في مواقعها بعد أن حفروا لها حفرا كبيرة باستخدام الجرافات». وفي حين يزعم بعض المعارضين أنهم «تمكنوا من فك شيفرة الصواريخ، لكنهم لم يتمكنوا من استخدامها خوفا من عجزهم عن السيطرة عليها وسقوطها في مواقع المدنيين»، أكد ضابط الجيش الحر في درعا أن هذه المزاعم «غير صحيحة، وهو ما دفعنا إلى دفن الصواريخ التي تركها أفراد الجيش النظامي في مواقعها بعد السيطرة عليها، بسبب عجزهم عن نقلها إلى مناطق يسيطرون عليها».

وأعلن المعارضون في أوقات متفاوتة عن سيطرتهم على مقار عسكرية تضم أنظمة صواريخ وأنظمة دفاع جوي، من غير تحديد ما إذا كان أرض - جو أو أرض - أرض، منها قاعدة الغنطو في حمص التي تضم صواريخ أرض - جو ورادارا، وألوية دفاع جوي أخرى في مناطق مختلفة، وخصوصا إدلب وحلب وريف دمشق.

وتعد مدينة حلب أكثر المحافظات السورية التي سيطرت فيها المعارضة على مواقع صواريخ، منها قاعدة الكتيبة 599 التي تقع على بعد 20 كيلومترا جنوب حلب، والتي تضم صواريخ بعيدة المدى، بحسب ناشطين، ومقر الفوج 46 في حلب الذي يضم كتيبة دفاع جوي، بالإضافة إلى مقار عسكرية أخرى تضم رادارات ومنصات صواريخ مضادة للطائرات.