وزير الدفاع المصري: صراع القوى حول إدارة البلاد قد يؤدي لانهيار الدولة

مشاركون في الحوار مع مرسي: بدا واثقا وسيتعامل بحزم تجاه الانفلات الأمني خلال ساعات

ملثم يعرض فوارغ رصاص في ميدان التحرير وآخرون يحتفلون بالاستيلاء على مدرعة أمن مركزي في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

بينما استمرت أمس الاشتباكات المتقطعة بين المتظاهرين وقوات الأمن في محيط كوبري قصر النيل، عند مدخل ميدان التحرير، في القاهرة ومناطق أخرى، حذر الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي من أن استمرار صراع مختلف القوى السياسية واختلافها حول إدارة شؤون البلاد قد يؤدي إلى انهيار الدولة ويهدد مستقبل الأجيال المقبلة.

وتبادل المتظاهرون وقوات الشرطة لليوم الخامس على التوالي الرشق بالحجارة، بشكل متقطع، بينما لوحظ وجود بعض العناصر المرتدية الزي المدني التي تساند قوات الأمن المركزي في الاشتباكات، التي أطلقت خلالها قوات الأمن عشرات القنابل المسيلة للدموع، بينما شيعت جنازة قتيل في اشتباكات أول من أمس.

إلى ذلك، تبدأ اليوم لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشورى عملها في محافظتي بورسعيد والسويس، وتفقد الأوضاع على الأرض، والتحقيق في أحداث الشغب التي شهدتها المحافظتان، عقب صدور قرار محكمة جنايات بورسعيد بإحالة أوراق 21 متهما في القضية المعروفة إعلاميا باسم «مذبحة بورسعيد» إلى مفتي الديار المصرية تمهيدا لإعدامهم، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات المصابين. وتتفقد اللجنة المكونة من الدكتور إيهاب الخراط رئيس لجنة حقوق الإنسان بالشورى، وعدد من النواب أعضاء اللجنة ونواب بورسعيد والسويس، سجني السويس وبورسعيد ومنازل الضحايا، كما سيزور أعضاء اللجنة المصابين في المستشفيات، على أن تعد اللجنة تقريرا يعرض على مجلس الشورى في أول جلسة له.

ويتولى مجلس الشورى سلطة التشريع في البلاد، لحين انتخاب مجلس النواب، بحسب الدستور الجديد الذي تم إقراره الشهر الماضي.

على صعيد آخر، أحبطت قوات الأمن محاولة متظاهرين اقتحام مبنى محافظة القاهرة المواجه لقصر عابدين الرئاسي، فجر أمس. وكان متظاهرون، أغلبهم من الملثمين، قد هاجموا المبنى ورشقوه بالحجارة وأضرموا النيران في كشك حراسة كان أمامه، قبل أن تتصدى لهم قوات الأمن المركزي بإطلاق مكثف لقنابل الغاز المسيل للدموع، بينما اعتقلت الشرطة 12 من المهاجمين، وأحالتهم للنيابة للتحقيق معهم.

وعقد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء اجتماعا أمس مع اللجنة الوزارية الأمنية بحضور اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، وأحمد مكي وزير العدل، وعمر سالم وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، وعدد من القيادات الأمنية بوزارة الداخلية، لمناقشة الأوضاع الأمنية الراهنة التي تمر بها البلاد وسبل تأمين المنشآت والممتلكات العامة والخاصة.

وكان قنديل قد تفقد، فجر أمس، أعمال تأمين فندق «سميراميس» بكورنيش النيل، الذي اقتحمه ملثمون مجهولون وسرقوا بعض محتوياته خلال الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين أمامه، أول من أمس.

وقال الدكتور قنديل في تغريدة له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس: «قمت بالتشديد على رجال الشرطة على احترام المتظاهرين السلميين الذين يعبرون عن آرائهم بشكل سلمي».

من جانبه، حذر الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي من أن استمرار صراع مختلف القوى السياسية واختلافها حول إدارة شؤون البلاد قد يؤدي إلى انهيار الدولة ويهدد مستقبل الأجيال المقبلة. وقال السيسي في لقاء عقده مع طلبة الكلية الحربية: «إن استمرار هذا المشهد دون معالجة من كافة الأطراف يؤدي إلى عواقب وخيمة تؤثر على ثبات واستقرار الوطن»، مشيرا إلى أن محاولة التأثير على استقرار مؤسسات الدولة هو أمر خطير يضر بالأمن القومي المصري ومستقبل الدولة.

وأكد السيسي أن «الجيش المصري سيظل هو الكتلة الصلبة المتماسكة والعمود القوي الذي ترتكز عليه أركان الدولة المصرية، وهو جيش كل المصريين بجميع طوائفهم وانتماءاتهم».

وقال وزير الدفاع: «إن نزول الجيش في محافظتي بورسعيد والسويس يهدف إلى حماية الأهداف الحيوية والاستراتيجية بالدولة، وعلى رأسها مرفق قناة السويس الحيوي، الذي لن نسمح بالمساس به، ولمعاونة وزارة الداخلية التي تؤدي دورها بكل شجاعة وشرف».

وأوضح السيسي أن التحديات والإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجه مصر حاليا تمثل تهديدا حقيقيا لأمن مصر وتماسك الدولة المصرية، مشيرا إلى أن القوات المسلحة تواجه إشكالية خطيرة تتمثل في كيفية المزج بين عدم مواجهة المواطنين المصريين وحقهم في التظاهر وحماية وتأمين الأهداف والمنشآت الحيوية، التي تؤثر على الأمن القومي المصري، وهو ما يتطلب الحفاظ على سلمية المظاهرات ودرء المخاطر الناجمة عن العنف أثناءها.

إلى ذلك قال مشاركون في الحوار السياسي الذي دعا إليه الرئيس المصري محمد مرسي، وترأس أولى جلساته الليلة قبل الماضية، إن الرئيس مرسي بدا هادئا وواثقا وسيتعامل بحزم تجاه الانفلات الأمني في البلاد خلال الساعات المقبلة.

وقال الدكتور نصر عبد السلام رئيس حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، الذي شارك في الحوار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئيس مرسي كان هادئا جدا ويتحدث إلينا بثقة، على الرغم من حزنه على ما يدور في البلاد، وتحول المظاهرات السلمية للاحتفال بالذكرى الثانية للثورة إلى مشاهد عنيفة تسال فيها الدماء». وشدد عبد السلام على أنه على الرغم من مطالبات البعض بعزل الرئيس، فإنه يدرك أن هؤلاء قلة لا تعبر عن الشارع كله، وأن الشارع الأكبر لم يخرج في المظاهرات، ولا يجب أن تفرض الأقلية رأيها على الأغلبية، موضحا أن الرئيس مرسي عبر عن أسفه لعدم حضور ممثلي جبهة الإنقاذ الوطني لجلسة الحوار خاصة بعد دعوتهم أكثر من مرة، وأنه توقع عدم استجابتهم أيضا هذه المرة، كاشفا عن وعد الرئيس، وبعد ضغط من الحضور، الاتصال شخصيا بقيادات في جبهة الإنقاذ لدعوتهم لحضور الجلسات المقبلة.

وضم الحوار قادة 7 أحزاب، معظمها من التيارات الإسلامية، وعددا من الشخصيات العامة، وهم رؤساء وممثلي أحزاب الحرية والعدالة، والوسط، ومصر القوية، والنور، والبناء والتنمية، وغد الثورة، والحضارة، بالإضافة للمفكر الإسلامي سليم العوا، وعدد من مساعدي ومستشاري الرئيس، وناقشوا تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، والمظاهرات الغاضبة التي تنادي برحيله.

ورفضت قوى المعارضة الرئيسية الممثلة في «جبهة الإنقاذ الوطني»، ويقودها المعارض البارز الدكتور محمد البرادعي، حضور اللقاء، واعتبرته «خاليا من المضمون». وأوضح عبد السلام أن مرسي أكد أنه سيتعامل خلال الساعات المقبلة بكل شدة وحزم تجاه الانفلات الأمني وقطع الطرق الذي تعانيه بعض المدن المصرية خاصة منطقة ميدان التحرير، مشيرا إلى أن الرئيس أخطر المشاركين في الحوار الليلة قبل الماضية بأنه تم اعتقال مجموعة من عناصر «بلاك بلوك» واعترف أعضاؤها بتمويلهم من الخارج وتلقيهم تدريبات في سيناء واعتدائهم على متظاهرين من الخلف، وأن جهات سياسية متورطة في الموضوع، ووعد أنه سيقوم بعرض ما توصلت إليه التحقيقات على الرأي العام حال انتهائها.

من جانبه، أكد الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، الذي شارك في اللقاء، أن الرئيس مرسي كان متفائلا وطبيعيا جدا، وأن اللقاء كان في غاية الحميمية، ويختلف عن الخطاب الجماهيري مساء يوم الأحد الماضي، مضيفا أن الحوار دار في أجواء أفضل هذه المرة، وتعهد الجميع بما فيها حزب الحرية والعدالة، على تدارك أخطاء جلسات الحوار الماضي. وقال الدكتور نور لـ«الشرق الأوسط» إنه اقترح تغيير الحكومة وإقالة رئيس الوزراء هشام قنديل، لكن الرئيس لم يقبل اقتراحه كما لم يعترض عليه، مضيفا أنه اتفق على التعديل الذي اقترحته قوى المعارضة في جلسات الحوار الوطني على قانون الانتخابات، والذي أقره مجلس الشورى في وقت سابق.

وأصدرت مؤسسة الرئاسة بيانا صحافيا أمس، طالب القوى السياسية بإدانة العنف بشكل واضح والتبرؤ منه والدعوة لعدم الانخراط فيه، ونقل عن الرئيس تأكيده خلال الجلسة على أن إعلان حالة الطوارئ في مدن القناة هو إجراء قانوني لا يتمناه ولكن اضطرته إليه اعتبارات حماية المواطن والوطن، وتأمين الأرواح والمنشآت وليس بهدف منع التظاهر السلمي. وأضاف البيان أن الرئيس مرسي تعهد بضمان الاستمرار في الالتزام بنزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة، والتزامه بما يسفر عنه الحوار من ضوابط ومقترحات لضمان هذه النزاهة والشفافية.